"المساء" ترصد أسعار المواشي بأسواق قسنطينة

الأبقار بدل عن الكباش في عيد 2022

الأبقار بدل عن الكباش في عيد 2022
  • 1427
ربورتاج:  زبير. ز ربورتاج: زبير. ز

❊ كبش هذا العام لمن استطاع شراءه

❊ مواطنون يكتفون بطلب الأسعار بدون شراء

❊ "الزوالي" يترقب تراجع أسعار الأضاحي

قررت العديد من العائلات بعاصمة الشرق الجزائري قسنطينة، التحول من اقتناء كباش العيد من أجل إحياء سنة سيدنا إبراهيم الخليل، إلى اقتناء صنف البقر بدلا من الأنعام، بسبب الارتفاع الجنوني في أسعار الكباش، والتي وصلت إلى عتبة 10 ملايين سنتيم، وهو ما يعد خارجا عن قدرة المواطن البسيط. وبالمقابل، فإن الاشتراك في ثمن البقر أو العجول، كان حلا للكثيرين ممن اكتشفوا، لأول مرة، أن الأمر مباح في الشريعة الإسلامية.

مباشرة مع إعلان السلطات المحلية بقسنطينة عن مواقع النقاط الرسمية لبيع أضاحي العيد عبر بلديات الولاية إلى جانب الأسواق الأسبوعية لاستقبال الماشية، خرج القسنطينيون الراغبون في إحياء سنة النحر، إلى الأسواق، بغية معرفة أسعار الأضاحي خلال هذه السنة، لكن تجوالهم في مختلف نقاط البيع المرخصة وكذا المواقع الأخرى التي استحدثها الباعة الموسميون، لم تشف غليلهم بسبب الأسعار التي وصفوها بالمرتفعة مقارنة بالعام الماضي، حيث أبدى العديد منهم تريثا قبل اقتناء أضحية العيد، علّ وعسى أن تعود الأسعار إلى الهبوط خلال الأيام المقبلة، في ظل عزوف العديد من الزبائن عن الشراء.

مواطنون فقدوا ضالتهم في أكبر سوق للمواشي

قبل أسبوع عن موعد عيد الأضحى، قصد عدد كبير من القسنطينيين سوق الخروب الذي يعد سوقا ذا طابع جهوي وأكبر سوق للمواشي بولاية قسنطينة، يقصده الباعة من مختلف ولايات شرق البلاد. ورغم وفرة الأغنام وبشكل كبير، إلا أن الأسعار كانت بعيدة عن متناول المواطن البسيط، وهو الأمر الذي وقفت عليه "المساء" خلال جولة صباحية بهذا السوق، حيث تراوحت أسعار الخرفان المتوسطة إلى الكبيرة، بين 72 ألف دج و85 دج. ووصل سعر بعض الخرفان إلى 92 ألف دج، في حين عرضت الخرفان صغيرة الحجم بين 48 و50 ألف دج، وهو الأمر الذي جعل العديد من المتسوقين يعزفون عن اقتناء أضحية العيد، وينتظرون ما ستسفر عنه الأيام المقبلة.

وبالمقابل، عرفت جهة عرض الأبقار والعجول إقبالا لافتا من طرف مواطنين، أرادوا خوض تجربة اقتناء هذا الصنف من الحيوانات كأضحية للعيد.

الأسواق المجاورة للولاية لا تقضي حاجة قاصدها

في رحلة البحث عن أضاحي العيد بأسعار تكون في متناول الجميع، لجأ العديد من المواطنين إلى البحث والتنقيب خارج ولاية قسنطينة، من خلال قصد بعض المزارع والأسواق بالولايات المجاورة، على غرار سيقوس، وعين مليلة، والحرملية والفكرون بأم البواقي، وعزابة وتمالوس بولاية سكيكدة، وبعض التجمعات بولاية قالمة، لكن أغلبهم عاد خائبا بسبب تقارب الأسعار بين قسنطينة والولايات المجاورة لها، حيث أكد العديد من الذين قصدوا هذه الأماكن لشراء خروف العيد، أن الأسعار مرتفعة عبر مختلف الولايات، في ظل تبرير الباعة بارتفاع أسعار العلف، الذي ساهم، حسبهم، في ارتفاع أسعار الأضحية. هذا الأمر لم يستسغه المواطن البسيط، الذي يعتبر أن الأمر متعلق باستغلال مناسبة العيد فقط، وأن تبرير ارتفاع العلف مرفوض تماما، خاصة أن سعر لحم الخروف عند الجزار، لم يتأثر بالارتفاع في الأعلاف.

أسعار الخرفان غيرت من عادات المواطنين

رغم أن أحسن أضحية، حسب الشرع الإسلامي، تكون في الكباش، إلا أن ارتفاع أسعار هذه الأخيرة، غيرت من عادات العديد من الناس الذين كانوا لا يستغنون عن الخروف كأضحية للعيد، حيث أكد "إلياس. ب«، صاحب 38 سنة من سكان بلدية الخروب، أنه تعود على نحر خروف مند عدة سنوات، إلا أنه قرر في هذا العيد، التخلي عن فكرة اقتناء خروف، واستبدال ذلك باقتناء بقرة أو ما يعرف في السوق بـ "الرخلة". وقال إنه استعان في ذلك ببعض أصدقائه، الذين تعودوا على اقتناء البقر في كل عيد، والذين وجهوه إلى مربين من خارج ولاية قسنطينة، وبالتحديد بمنطقة مجاز دشيش بولاية سكيكدة، مضيفا أنه بعد الاتفاق مع إخوته ووالده، استقر على اقتناء بقرة، واتفق مع صاحب البقرة على عملية الذبح والسلخ وتقطيع اللحم، مقابل مبلغ إضافي.

أسعار البقر بين 20 و30 مليونا والعجل أغلى

وحسب السيد "ديدين. ب«، صاحب 46 سنة، من حي دقسي عبد السلام، فإن أسعار البقر تراوحت بين 20 و30 مليونا، حسب الحجم، وحسب العمر. وقال إن سعر "الرخلة" التي تبلغ من العمر بين سنة وسنتين أو ما يعرف عند أهل الاختصاص بـ "ثني"، أي لها اثنان من الأسنان البارزة في الجهة السفلية من الفك وتزن أكثر من 200 كلغ، تكون في حدود 25 مليون سنتيم. وكشف في حديث مع "المساء"، أنه تعود منذ أكثر من 9 سنوات، على اقتناء البقر من أجل الأضحية. وقال إنه كان دائما يشترك مع إخوته الأربعة، حتى يكون السعر مقسما على خمسة، وبذلك فإن كل واحد منهم يدفع مبلغ 5 ملايين سنتيم. وأوضح أن هذا السعر لا يكفي لاقتناء كبش متوسط الحجم. كما اعتبر أن نوعية لحم البقر أحسن من نوعية لحم الغنم الذي يحتوي على نسبة كوليسترول عالية.

حتى أسعار البقر أخذت في الارتفاع بسبب إقبال المواطن

عرفت أسعار البقر، هي الأخرى، ارتفاعا في الأسواق خلال الأيام الأخيرة، بسبب الإقبال الكبير من المواطنين، الذين فضلوا اقتناء هذا الصنف بدلا من الكباش، في ظل ارتفاع أسعار هذه الأخيرة، حيث أكد "سليم. خ«، 37 سنة، موال، أن الأسعار عرفت ارتفاعا لافتا خلال الأيام الأخيرة، وأن "الرخلة" التي كانت تباع بـ 22 مليون سنتيم في الأيام العادية، أصبحت تباع بـ 25 مليون سنتيم فما فوق، مضيفا أن البقر من سنة إلى 3 سنوات، باتت تشهد إقبالا كبيرا في السوق، حتى إنها تنفد باكرا في بعض الأسواق، وفقا لما وقف عليه خلال تجوله بمختلف أسواق شرق البلاد بين قسنطينة وسكيكدة وأم البواقي وميلة، مرجعا ذلك إلى الإقبال الكبير على هذا الصنف من الحيوانات خلال مناسبة العيد. وقال إن سعر العجل يكون مرتفعا مقارنة بسعر العجلة، حيث كشف أن الفارق يمكن أن يصل إلى 10 ملايين سنتيم في نفس الوزن والعمر.

وحول عملية النحر والسلخ والتقطيع، أكد سليم أن العملية تتطلب مجهودا كبيرا، وهو الأمر الذي جعل السعر يكون في حدود 2 مليون سنتيم للبقرة الواحدة، وهو، تقريبا، نفس السعر الذي تحدده المذابح العمومية.

الدين يسمح باقتناء البقر للأضحية مع تفضيل الكباش

أما من الناحية الشرعية، فيجوز الاختيار في أضحية العيد، بين ثلاثة حيوانات فقط، وهي الجمل، والبقر والكباش، حيث يشرّع الدين اقتناء البقر من أجل أضحية العيد، وفقا لما ذكر الإمام عبد المجيد معروف من مسجد عائشة أم المؤمنين بحي الصنوبر بقسنطينة، الذي اعتبر أن البقر والجمال يجوز الاشتراك في ثمنهما وفي أجرهما. وقال إن الاشتراك في البقر يكون 7 على أقصى تقدير، بينما يكون في الجمال أو ما يعرف بالبدن، 10 على أقصى تقدير، في حين يضيف: "لا يمكن الاشتراك في أجر الكبش، حيث يمكن الاشتراك في الثمن لا في الأجر الذي يكون من نصيب شخص واحد"، مضيفا أن هناك اختلافا في أفضلية الأضحية بين الجمال، والبقر والكباش، حيث يرى بعض العلماء أنه كلما كانت الأضحية كبيرة يكون الأمر أحسن، مستدلين في ذلك، بحديث الأجر في وقت قصد المسجد خلال صلاة الجمعة، حيث يكون أجر الذي يقصد المسجد في وقت مبكر كوزن بعير. ويضيف إمام مسجد عائشة أم المؤمنين، أن هناك من العلماء من يرى أفضلية الكبش على بقية الأصناف الأخرى، وهم كثر، مستدلين بنحر الرسول، عليه الصلاة والسلام، الذي ضحى بكبشين، أحدهما عن نفسه، والثاني عن أمته رغم توفر الجمال وقتها، وكذا أضحية سيدنا إبراهيم، الذي أرسل له الله كبشا من أجل إتمام هذه الشعيرة.