حقوقيون وسياسيون يقرأون انعكاساته على الجبهة الداخلية لـ "المساء":

"لمّ الشمل" قرار شجاع يجعل الجزائر عصيّة على أعدائها

"لمّ الشمل" قرار شجاع يجعل الجزائر عصيّة على أعدائها
كمال بن خلوف-ابراهيم طايري-فاروق قسنطيني
  • 454
شريفة عابد شريفة عابد

❊ قسنطيني: الطابع التكميلي  لقانون لم الشمل يبرر تمريره على البرلمان

❊ بن خلوف: قانون لم الشمل يصد الباب أمام تنظيمات إرهابية

❊ نقيب المحامين: العفو عن مساجين العشرية السوداء تجسيد لقيم التسامح

أجمع حقوقيون وناشطون سياسيون، على أن مشروع قانون لم الشمل وتعزيز الوحدة الوطنية المنتظر مناقشة مضامينه في مجلس الوزراء القادم، خطوة شجاعة من قبل رئيس الجمهورية، الذي يكون بذلك سحب ورقة جديدة من خصوم الجزائر، مؤكدا أن الجزائر موحدة، ووحدة صف جبهتها الداخلية كفيلة برد مخططات ومؤمرات أية جهة خارجية مهما كانت، فيما اعتبروا أن الطابع التكميلي للنص القانوني يجعله أقرب للمرور عبر البرلمان منه الى الإستشارة الشعبية.

أثنى الحقوقي والرئيس السابق للهيئة الإستشارية لحقوق الإنسان فاروق قسنطيني، على مشروع لم الشمل الذي بادر به رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، لفائدة 289 من المحكوم عليهم من قبل القضاء العسكري بأحكام تتراوح ما بين الإعدام والمؤبد، والمستثنين من تدابير العفو التي تضمنتها قوانين الرحمة والوئام المدني و ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، مؤكدا أن مشروع لم الشمل الهادف الى تعزيز الوحدة الوطنية وتقوية الجبهة الداخلية، جاء في وقته المناسب وفي سياق دولي وإقليمي يتسم بالخطورة والتحديات. وقال قسنطيني، "رغم محدودية الفئة التي يعنيها مشروع القانون الجديد، غير أن إصدار قانون للعفو عنها قضية حقوقية وسياسية مهمة لعدة اعتبارات منها تقدمهم في السن ومعاناتهم مع المرض وحتى لا تبقى هذه الفئة على الهامش"، مشيرا الى أن الطابع التكميلي للقانون يهدف الى طي صفحة من الصفحات  العصيبة التي مرت بها الجزائر.

وفيما يخص المسار القانوني لمشروع القانون وفرضية تمريره عبر البرلمان، قال قسنطيني، إن المسار القانون لمشروع النص تبرره الظروف التي تعتبر مختلفة كلية عن تلك التي صاحبت قوانين الوئام المدني والمصالحة الوطنية، يتقدمها تراجع كبير للنشاط الإرهابي بدليل الفئة الصغيرة التي يعنيها العفو، الى جانب الطابع "التكميلي" لمشروع القانون، حيث يرجح ـ حسب بيان  مجلس الحكومة ـ أن يتضمن تدابير مكملة لمشاريع القوانين  الثلاثة للمغرر بهم سنوات التسعينيات، ويضيف قسنطيني، لذا "لا يحتاج مشروع القانون الى استشارة شعبية على اعتبار أن الشعب قال كلمته في الموضوع من حيث تمسكه بالعفو والصفح مقابل الأمن".

وأضاف "البرلمان مفوض من قبل الشعب وانبثق عن انتخابات نزيهة ويمكن أن يؤدي مهمة التزكية الشعبية للنصوص، كما تمنح التزكية عبر البرلمان للنص "القوة الشعبية". وردا على تخوف بعض الأطراف من التيار الديمقراطي من تدابير العفو عن المساجين المحسوبين  على الحزب المحل سابقا قال قسنطيني، إن على المتخوفين " الانطلاق من الفكرة أن الأمن يساوي الاستقلال، فإذا كان الفاتح من نوفمبر جاء بالاستقلال، فقوانين الرحمة والوئام و المصالحة الوطنية أرجعت لنا الأمن المدني".  وتوقع قسنطيني، الأثر الإيجابي للمشروع على الساحة السياسية.

من جانبه أكد النائب كمال بن خلوف، عن حركة البناء الوطني، لـالمساء"أن مشروع لم الشمل هو ترقية قانونية للمصالحة الوطنية ويحمل رسائل قوية باتجاه الخارج وفي مقدمته المغرب وإسرائيل، حيث سيغلق ـ حسبه ـ تدخلهما عبر أطراف في الشؤون الداخلية للجزائر، مستدلا بكونه موجها بالإضافة الى من حوكموا في محاكم خاصة في قضايا الإرهاب خلال تسعينيات القرن الماضي، ويشمل في "جزئيته بعض من تورطوا في نشاط إرهابي وأعربوا عن ندمهم وأبدوا استعدادهم للعودة إلى جادة الصواب، وهو ما من شأنه تعزيز اللحمة الوطنية وإعادة ترتيب الأوضاع الداخلية، موضحا أن المشروع سيسوق لصورة الجزائر على أنها واحدة موحدة ومتصالحة مع أبنائها. وفيما يتصل بتمرير النص عبر البرلمان قال بن خلوف، إن طابعه "التكميلي" حمل الحكومة على التوجه نحو تزكيته عبر غرفتي البرلمان، سيما وأن الشعب سبق وأن قال كلمته في الموضوع عبر الاستفتاء في وقت سابق على ميثاق السلم والمصالحة الوطنية وقبله الوئام المدني.

وأبرز رئيس الاتحاد الوطني لمنظمات المحامين، ابراهيم طايري الأهمية التي تحملها رسائل العفو عن المساجين الذي يتوجه لهم مشروع قانون لم الشمل، خاصة وأن الفئة الموجه لها أغلبيتهم كبار في السن و يقبعون في السجن منذ 30 سنة والكثير منهم مصابون بأمراض، موضحا في اتصال مع "المساء" أن أسرة الدفاع بحكم احتكاكها بالمساجين تدرك جيدا أهمية تدابير العفو لهم ولعائلاتهم، وأن المبادرة تعكس في مضمونها تمسك الدولة الجزائرية بحقوق الإنسان، وزرعها لثقافة التسامح والحوار والوحدة الوطنية، وهي قيم نبيلة يجب أن تلتف حولها كل أطياف المجتمع وتثمنها إعلاءا للمصلحة العليا للبلاد.