إجراءات هامة لتأمين المخزون الوطني من الحبوب

خطوات ملموسة في مسار تحقيق الأمن الغذائي

خطوات ملموسة في مسار تحقيق الأمن الغذائي
  • القراءات: 590
هـــدى. ن هـــدى. ن

❊ رفـــع أسعــــار شــــراء الحبــــوب لـــدى الفــــلاحــــين وتـــدشـــين بنـــك وطنـــي للبــــذور

تحرص الجزائر في إطار السياسة المعتمدة في القطاع الفلاحي، على تحقيق أمنها الغذائي في شعبة الحبوب كأول خطوة سيتم تعميمها على باقي الشعب الأخرى، شملت هذا الموسم، اعتماد إجراءات هامة كرفع أسعار الحبوب بأنواعها لصالح الفلاحين، وتخفيف الأعباء الضريبية على المتعاملين في إطار قانون المالية لهذه السنة.

توالت الإجراءات التحفيزية الرامية إلى تأمين المخزون الوطني من هذه المادة الاستراتيجية، والتقليل من فاتورة الاستيراد هذه السنة، بوضع كل الإمكانيات البشرية واللوجستية تحت تصرف الفلاحين من أجل تجميع المحاصيل وبيعها للديوان المهني للحبوب، كإجراء إلزامي أقره قانون المالية التكميلي 2022، الصادر في 4 أوت الجاري، فضلا عن إجراءات استباقية أخرى آخرها تدشين البنك الوطني للبذور نهاية الأسبوع المنصرم، من قبل الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمان، وهي الآلية التي من شأنها توفير مردود وفير من البذور ذي نوعية يعوض الكميات المستوردة.

تفيد المعطيات الصادرة عن مديرية الدراسات والاستشراف التابعة للمديرية العامة للجمارك، في آخر تقرير لها اطلعت عليه المساء حول الإحصائيات المؤقتة لواردات وصادرات البضائع التي تمت بعنوان سنة 2020، بأن المواد الغذائية ومنها الحبوب تأتي في المرتبة الأولى من حيث واردات الجزائر. وحسب نفس المصدر، فإن التقرير المعد استنادا لقاعدة بيانات النظام المعلوماتي والتسيير الآلي للجمارك، يوضح أن قيمة الواردات الجزائرية من المواد الغذائية بما فيها الحبوب تأتي في قائمة واردات 2020، بحصة نسبية تقارب ربع القيمة الإجمالية من الواردات بـ8,09 مليار دولار أمريكي بنسبة  23,54 بالمائة. وتمثل منتجات الحبوب 34,76 بالمائة من إجمالي واردات الجزائر، يليها الحليب ومنتجات صناعة الحليب بـ19,14 بالمائة، ثم السكر ومصنوعات سكرية بـ9,57 بالمائة. وهي معطيات يتم العمل من أجل تدارك تأثيرها على الاقتصاد الوطني، من خلال توجيه ما تصرفه الجزائر في مجال استيراد المواد الغذائية والحبوب لصالح الإنتاج المحلي.

قرارات هامة أثبتت نجاعتها في الميدان

تميزت عملية إنتاج الحبوب في الجزائر خلال موسم 2021 - 2022، بإقرار عدة إجراءات تحفيزية في إطار السياسة التي سطرتها السلطات العليا للبلاد وانطلقت في تجسيدها هذا الموسم. وجاءت الإجراءات المتخذة بناء على قرارات هامة تم اعتمادها لتأمين مخزون الجزائر من الحبوب، انطلاقا من مبدأ توجيه ما تصرفه الجزائر على فاتورة استيراد هذه المادة الاستراتيجية إلى دعم الفلاحين والمنتجين.

فقد تم بقرار من رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، رفع أسعار الحبوب التي يتم شراءها من الفلاحين، فيما تم في إطار قانون المالية 2022 إدراج مجموعة من الإجراءات التحفيزية، لتخفيف العبء الضريبي على الفلاحين، وتشجيع الاستثمار والانتاج الوطني في القطاع الفلاحي، مع تسخير إمكانيات مادية وبشرية معتبرة لجمع المحاصيل عن طريق التعاونيات التابعة للديوان المهني  للحبوب في مختلف ولايات الوطن. وهو إجراء تم تقنينه في نص قانون المالية التكميلي لهذه السنة الصادر في الرابع أوت الجاري، "حيث يتعين إجباريا على كل فلاح يمارس زراعة الحبوب مستفيد من دعم الدولة، بيع منتوجه من القمح والشعير للديوان الجزائري المهني للحبوب سواء في بداية عملية الإنتاج أو في نهايتها مهما كان شكله أو طبيعته".

وجاءت الإجراءات الاستباقية التي اتخذتها الجزائر في مجال تشجيع إنتاج الحبوب وتأمين المخزون الوطني منها، متزامنة مع  التذبذب الحاصل في السوق العالمية لهذه المادة الحيوية، وعدم استقرارها في ظل  المعطيات الاحصائية التي تفيد بأن الجزائر مصنّفة كخامس مستورد للحبوب في العالم، في الوقت الذي تتوفر فيه على إمكانيات مادية وبشرية هامة ومساحات شاسعة من الأراضي المؤهلة للاستصلاح بلغت هذا الموسم 2,9 مليون هكتار.

تكملة لذات الإجراءات دشن الوزير الأول السيد أيمن بن عبد الرحمان، نهاية الأسبوع المنصرم، بالمركز الوطني لمراقبة البذور والشتائل وتصديقها بالجزائر العاصمة، بنكا وطنيا للبذور وهو بنك من انجاز كفاءات جزائرية من خريجي المعاهد والجامعات الجزائرية، تصل سعة احتوائه إلى 6 آلاف سلالة نباتية لمختلف أنواع البقوليات والحبوب والمحاصيل الصناعية والعطرية والطبية، كما يضم 20 حاوية للسلالات الحيوانية و7 مخابر علمية متخصصة للتأكد من نقاوة وحيوية البذور وحالتها الصحية قبل تخزينها، ما يعني تأمين إنتاج محلي وفير والتمكن من كبح عجلة استيراد كل ما له علاقة بالإنتاج الفلاحي.

العاصمة منتج هام لبذور الحبوب

ساهمت الأمطار التي شهدتها البلاد هذا العام، في جني محاصيل معتبرة من الحبوب بأنواعها، حيث كشف مدير المصالح الفلاحية لولاية الجزائر كمال فوضالة، في تصريح لـ«المساء بأن إنتاج الحبوب هذه السنة جاء وفيرا بالولاية على غرار باقي ولايات الوطن.  كما تميزت المحاصيل ـ حسبه ـ بالنوعية الجيدة وخلوها من الأمراض.

وتحصي ولاية الجزائر 23 بلدية متخصصة في إنتاج الحبوب من القمح الصلب والقمح اللين، بالإضافة إلى الشعير على مساحة إجمالية تقدر بـ1640 هكتار، وتعد بلديتا بئرتوتة والرويبة من البلديات الرائدة في إنتاج الحبوب بمعدل 300 هكتار لكل بلدية. ـ حسب نفس المسؤول ـ فإن الفلاحين استبشروا خيرا بقرار رئيس الجمهورية، القاضي برفع سعر شراء القمح بأنواعه من الفلاحين، حيث يحفزهم هذا القرار على العمل أكثر، كما تم هذا الموسم توفير وسائل لوجستية معتبرة منها آلات الحصاد ووسائل النقل وهياكل التخزين.   ويؤكد محدثنا، أن وجود نوع من التحفيز بات يطبع نشاط الفلاحين على مستوى الولاية، علما أن حملة الحصاد والدرس انطلقت بولاية الجزائر في 16 جوان الماضي، بتأطير من تعاونيتي الحبوب والبقول الجافة لكل من ذراع بن خدة والبليدة، وإشراف والي العاصمة والوالي المنتدب للرويبة والغرفة الفلاحية واتحاد الفلاحين الجزائريين ومحافظة الغابات، والحماية المدنية.

من جانب آخر ذكر مصدرنا، بأن المساحة الإجمالية المخصصة لإنتاج الحبوب في العاصمة تقدر بـ1600 هكتار، ويتوفر القطاع على مختصين ومهنيين مؤهلين في إنتاج بذور الحبوب، حيث تعد الولاية مصدرا هاما لإنتاج البذور، وتتم معالجة هذه الأخيرة على مستوى تعاونية الحبوب لذراع بن خدة بولاية تيزي وزو، وتعاونية البليدة، كما تتم متابعتها تقنيا من قبل جميع المعاهد المتخصصة التابعة لوزارة الفلاحة.

لجان محلية لجمع المحاصيل

كما تم هذه السنة، اتخاذ إجراء غير مسبوق يخص حملة الحصاد والدرس يتمثل في تشكيل لجان محلية يرأسها الولاة، وتضم ممثلين عن مديرية الفلاحة المحلية والمعاهد التقنية والعلمية المكلفة بالزراعات الكبرى، وكذا الهيئات التقنية لمتابعة إنتاج البذور والحبوب الموجهة للاستهلاك، والديوان الوطني المهني للحبوب وتعاونيات الحبوب والخضر الجافة، وممثلي المزارعين المنتسبين للاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين، والغرف الفلاحية الولائية، والمجالس المهنية المشتركة على مستوى كل ولاية.

تضطلع اللجنة بمهمة إحصاء الفلاحين وتحديد نقاط الجمع والتخزين، كما تتولى جمع محاصيل القمح اللين والصلب والشعير والشوفان، بالإضافة الى تحسيس الفلاحين بإلزامية التصريح بالحصيلة، وتجميع محاصيلهم ودفعها لتعاونيات الحبوب والبقول الجافة، التابعة للديوان الوطني المهني للحبوب.

وقد سجلت "المساء" الاندماج الفعلي والكلي  للفلاحين في هذه المعادلة، حيث تحولت حملة الحصاد والدرس لسنة 2021 2022 في سابقة تعد الأولى من نوعها الى خلية نحل،  فالجميع مجند لجمع المحاصيل ونقلها الى التعاونيات ومن ثم الى مراكز التخزين.   

تشجيع الاستثمار في الشعبة بمناطق الجنوب

من ضمن المحاور الهامة في الاستراتيجية الخاصة بتثمين الإنتاج الوطني من الحبوب، والسعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتقليل الواردات منها تشجيع زراعة الحبوب في الجنوب، حيث يتم في هذا الإطار ـ حسب مصالح  وزارة الفلاحة ـ تمويل المستثمرات الفلاحية وجلب المستثمرين، واستحداث وسائل نقل حديثة لتموين المناطق المجاورة، ومناطق الشمال من هذه المادة. لتحقيق هذا المسعى تم استحداث مديرية خاصة بالزراعة الصحراوية لمرافقة الفلاحين واستقطاب المستثمرين، خاصة وأن تجارب ناجحة تم تسجيلها في عدد من الولايات الجنوبية على غرار ولايتي أدرار والمنيعة.

في هذا الإطار أوضحت السيدة عمروش، المكلفة بالإعلام بوزارة الفلاحة والتنمية الريفية، في تصريح لـ"المساء" أن مصالح وزارة الفلاحة بادرت في إطار حملة الحصاد والدرس على مستوى ولايات الجنوب بتدعيم أسطول الشاحنات المخصصة لنقل الحبوب، وتم لهذا الغرض تخصيص 100 شاحنة إضافية وإمضاء اتفاقية بين الديوان الجزائري المهني للحبوب والشركة العمومية للنقل اللوجيستيكي، لتسهيل عمليات دفع المحاصيل ونقلها، والتقليص من آجال الانتظار، حيث تشمل العملية، الحصاد والنقل والوزن في نقاط الدفع والتحويل.

رواق أخضر للشعير تثمينا للثروة الحيوانية

وتم هذه السنة كذاك توجيه عملية حصاد منتوج الشعير لتعاونيات الحبوب والبقول الجافة بهدف تشجيع وتحفيز الفلاحين لدفع كل إنتاجهم للتعاونيات، حيث تم في هذا الصدد تخصيص رواق أخضر لجمع مادة الشعير على مستوى نقاط الجمع. ويضطلع الديوان المهني للحبوب، بمهام توزيع الشعير المدعم من قبل الدولة لتغذية الأنعام، وهو إجراء جديد يهدف الى دعم الموالين ومربي الماشية للحفاظ على الثروة الحيوانية للبلاد.

إجراءات أمنية لحماية المحاصيل من الحرائق

كما تم هذا العام إقحام المنتجين في عملية  الوقاية من حرائق الغابات وحماية محاصيلهم من الحرائق، وتجنيد كل الوسائل للحفاظ على الثروة الغابية، حيث دعت المصالح المعنية مختلف الفاعلين إلى اتخاذ كل التدابير الاحترازية والوقائية والأمنية لحماية المحاصيل من الحرائق وتفادي وقوعها. في هذا السياق أشار السيد فوضالة، مدير الفلاحة لولاية الجزائر، إلى أن الوزارة أصدرت تعليمة لمديريات الفلاحة، تخص تأمين المحصول الفلاحي، خاصة الحبوب مع تجنيد الفلاحين لاتخاذ إجراءات الوقاية على مستوى المستثمرات ومحيطها، لحماية وتأمين محاصيلهم من الحرائق. كما تنظم المصالح الفلاحية على مستوى الولاية، على غرار الولايات الأخرى، خرجات ميدانية لتوعية الفلاحين ودفعهم للمساهمة في مكافحة حرائق الغابات.

ويتم في هذا الاطار أيضا تنظيم خرجات ميدانية، بمعية محافظة الغابات والحماية المدنية، ومصالح الولاية، لتنقية أطراف المستثمرات من الحشائش والأحراش التي قد  تؤدي إلى اندلاع النيران ـ حسب محدثنا ـ الذي أشار إلى وجود تعليمة صادرة عن الجهة الوصية تدعو الفلاحين، إلى الاعتناء بمستثمراتهم من خلال تسييجها وحمايتها حماية قانونية حسب المقاييس المطبقة في هذا المجال.

وتهدف هذه التعليمة ـ حسبه ـ إلى حماية  المستثمرات الفلاحية والعقار الفلاحي من كل أشكال المخاطر والتهديدات وتحدد معايير تسييج المستثمرات الفلاحية، حيث يمنع وفقا للمادة 71 من قانون 90 -29 المؤرخ في 1990 الخاص بالتهيئة والتعمير، منعا باتا تسييجالمستثمرات بطرق غير مطابقة للمعايير المنصوص عليها قانونا، والتي منها وضع حواجز معتمة على غرار الجدران بأنواعها والستار البلاستيكي، وهذا لتمكين أعوان المراقبة التقنية، من عملية معاينة المحاصيل الزراعية بصفة دورية، والتدخل السريع عند نشوب الحرائق. كما بادرت الوزارة في نفس الاطار بوضع رقم أخصر 1070 تحت تصرف المواطنين على مستوى المديرية العامة للغابات للتبليغ عن كل خطر أو تجاوزات تمس بسلامة الغابات، وهو الإجراء الذي ساهم في التقليل من الأخطار الناجمة عن الحرائق.