الباهية تعيش "أسبوع الترجمة"
خلاصات تجارب علمية تنتظر التثمين والتفعيل
- 560
ينظم مركز البحث العلمي والتقني في علم الإنسان الاجتماعي والثقافي "الكراسك"، ممثلا في وحدة البحث حول الترجمة والمصطلحية بالشراكة مع المجلس الأعلى للغة العربية إلى غاية 30 سبتمبر الجاري بمقر المركز بإيسطو بوهران، أسبوع الترجمة بشعار "الترجمة تجمعنا"، وذلك في إطار الاحتفال باليوم العالمي للترجمة.
في افتتاح هذه التظاهرة أبرز مدير "الكراسك"، عمار مانع، أهمية الترجمة باعتبارها "الرابط الجامع" بين الحضارات والثقافات. كما إنها "ناسكة لشبكات متعددة من اللغات، لنقل العلوم والمعارف والفنون، وتقريب الرؤى والأفكار، ودعم حوار الحضارات"، موضحا أن أهمية الترجمة في العلوم والمعارف، سمحت بأن تكون لها مكانة في المؤسسات الأكاديمية المختلفة. وأشار إلى أنه بالنظر إلى هذه الأهمية تم تأسيس وحدة للبحث حول الترجمة والمصطلحية بالكراسك، من مهامها ترجمة الإنتاج الوطني العلمي والثقافي من اللغات العربية والأمازيغية والفرنسية، إلى اللغات الأخرى، وكذا البحث وعلم الترجمة والمصطلحات.
ومن جهته، قال رئيس المجلس الأعلى للغة العربية صالح بلعيد، في تدخله عن طريق تقنية التحاضر المرئي عن بعد، إن الترجمة تكمن أهميتها في أنها "بريد اللغات"؛ أي هي باب من أبواب المثاقفة والتفتح والتكامل، وهي وسيلة لحوار الحضارات. ودعا المهتمين بالترجمة إلى التعاون مع المجلس الذي يرأسه من أجل تطوير اللغة العربية، مشددا على أن "التطوير الجيد لا يكون إلا بالتفتح على التجارب الترجمية الناجحة، والاستثمار في الترجمة الآلية باستخدام الذكاء الاصطناعي والبرمجيات والتطبيقات الخاصة بالترجمة". ومن جانبها، أشارت مديرة وحدة البحث حول الترجمة والمصطلحية بالكراسك كلثومة أقيس، إلى أن الاحتفال باليوم العالمي للترجمة الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 2017 ليكون في 30 سبتمبر من كل سنة، هو اعتراف بالجهود التي يقوم بها المترجمون في نقل المعارف والعلوم إلى شتى اللغات.
وتدخّل في افتتاح هذا الأسبوع العلمي عن طريق تقنية التحاضر المرئي عن بعد، رئيس قسم الترجمة بجامعة قرطاج بتونس طارق بن عثور، ورئيس قسم اللغة الإنجليزية بجامعة طرابلس بليبيا حمزة الثلب، ورئيس قسم الترجمة بجامعة اليرموك بالأردن أحمد محمد الحراحشة، الذين تحدثوا عن تدريس الترجمة بجامعاتهم، ودعوا إلى تطوير التكوين في مجال الترجمة.
وتدخّل، أيضا في مراسيم افتتاح هذا اللقاء، كل من رئيسة اتحاد المترجمين بلبنان وديان مرتضى، ورئيسة المنظمة العالمية للإبداع بلندن الأديبة وفاء عبد الرزاق، اللتين ركزتا على ضرورة توحيد الجهود العربية لترجمة الإنتاج العربي في مختلف المجالات العلمية والمعرفية والإبداعية، إلى اللغات الأخرى.
وتميز اليوم الأول من أشغال هذا الأسبوع العلمي، بتقديم أربع مداخلات حول الترجمة في العالم العربي، والتحديات التي تواجهها من قبل باحثين من الجزائر والمملكة العربية السعودية ولبنان ومصر. كما أعلن عن عزم "الكراسك" التوقيع على اتفاقيات إطار للتعاون مع جامعة قرطاج بتونس، وجامعة طرابلس بليبيا، وجامعة اليرموك بالأردن، وكذا اتحاد المترجمين ببيروت، والمنظمة العالمية للإبداع بلندن.
المحاضرة الافتتاحية كانت بعنوان "الترجمة في العالم العربي" للدكتور أحمد طجو من جامعة "الملك سعود" بالرياض، تلتها تدخلات أخرى، منها "تجربتي في الترجمة" للدكتور سعيد بوطاجين من جامعة مستغانم، ثم "المنظمة العربية للترجمة: تحديات واستراتيجيات".
ويشارك في أسبوع الترجمة المنظم تحت شعار "الترجمة تجمعنا"، باحثون من الجزائر وتونس والمملكة العربية السعودية ولبنان ومصر وفلسطين وسوريا والأردن وفرنسا.
وبُرمج خلال هذا اللقاء الذي يدوم إلى غاية 30 سبتمبر، زهاء 30 مداخلة، تتناول مناهج البحث في الترجمة، وآلياته، والترجمة والذكاء الاصطناعي، والنظريات الوظيفية للترجمة، وترجمة القصص العلمية للأطفال، وترجمة النص المتخصص، وغيرها من المسائل المتعلقة بمجال الترجمة.
وجاء في ورقة هذه التظاهرة العلمية، أن احتفاء المركز الوطني للبحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بالشراكة مع المجلس الأعلى للغة العربية والتنسيق مع العديد من الجامعات العربية والهيئات الدولية التي تعنى بالترجمة، باليوم العالمي للترجمة في عامه السادس، ما هو إلا لبنة أخرى تضاف للجهود المبذولة فرديا ومؤسساتيا، على غرار الخطة القومية للترجمة التي رسمتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وتمت المصادقة عليها في مجلس وزراء الثقافة العرب في ماي 1983.
وحاولت الترجمة كربط بين الحضارات والثقافات منذ حقب زمنية بعيدة، المحافظة على وجودها بين المعارف، فبين فترات قوة وأخرى ذات ردن، تأرجح تصنيفها، فنُسبت، تارة، إلى مصاف العلوم اللغوية، ومرات كثيرة إلى عالم الإبداع والفن، فالانتماء إلى هذا أو ذاك لم يحجب أهمية الترجمة، التي كانت السبيل لنقل المعارف والانفتاح على ثقافات العالم المختلفة عن بعضها. وحصل الاعتراف بفضل الترجمة متأخرا. فبعد عقود من المثابرة، فرض الاتحاد الدولي للمترجمين المؤسس عام 1953م في 30 من سبتمبر 1991م، فكرة الاحتفاء باليوم العالمي للترجمة. احتفاء ظل رغم الجهود المبذولة، محتشما إلى غاية 30 سبتمبر 2017م؛ حيث أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، هذا التاريخ، يوما عالميا للاحتفاء، رسميا، بالترجمة.
وتأثرت الترجمة على غرار كل المعارف، بتبعات جائحة كوفيد 19. وربما على عكس بعضها، شهدت منحى متفردا جراء ارتفاع نسبي في المقروئية والحاجة العملية لها في الميدان. وفي خضم ذلك ظل المترجم كغيره، ملتزما بإجراءات الحجر التي سلبت الأفراد حرية التنقل وأهمية اللقاءات النقاشية الحضورية ومتعتها. ومن ثم جاءت فكرة أسبوع الترجمة الذي تحدى الجائحة، وقاطع أشكال احتفاء ما قبل كورونا، فأريدَ له أن يكون فضاء مفتوحا تماما، يثري أثناءه المختصون التراكم المعرفي في الترجمة بدون تقييد أو تضييق، فبعد طبعة أولى كانت افتراضية، ها هي وحدة البحث حول الترجمة والمصطلحية، تتبنى الطبعة الثانية بشعار "الترجمة تجمعنا"، فاتحة المجال لأساتذة مختصين من الجزائر ودول عربية عدة، لتبادل المعارف والأفكار؛ رفعةً للترجمة في العالم العربي.
للإشارة، تشهد أيام الملتقى العديد من الندوات العلمية والمناقشات، منها "الترجمة الفورية، آفاق جديدة" للأستاذة إلهام بوزوشة من جامعة الجزائر، و"اتحاد المترجمين ودور الحركة الترجمية" لوديان مرتضى من اتحاد المترجمين ببیروت، و"تاريخ الترجمات وبناء ذاكرة الشعوب" للدكتور إسماعيل حجاج أول من جامعة وهران، فضلا عن "الترجمة والذكاء الاصطناعي" للدكتورة إيمان أمينة محمودي من جامعة الجزائر2، و"الترجمة من خلال المنصات التعليمية" للدكتورة رنا أحمد من لبنان، و"مجلة معالم للترجمة، تجربة وتطلعات" للدكتور هشام محمد بن شريف رئيس تحرير مجلة معالم بالمجلس الأعلى للغة العربية (الجزائر)، و"مشاكل الترجمة القانونية من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية" للدكتور رضوان زكي مختاري، من جامعة وهران 1، و"الترجمة والثقافة: رهانات الاختلاف والائتلاف" للدكتور بلقاسم عیساني من جامعة المدية، و"الترجمة الفورية والذكاء الاصطناعي" للدكتور نشأت المصري من جامعة القدس المفتوحة غزة (فلسطين)، و"الترجمة في زمن جائحة كرفيد 19" للدكتورة خيرة سحابة باحثة دائمة بوحدة البحث حول الترجمة والمصطلحية بالكراسك، وغيرها الكثير من الندوات التي تمتد طيلة أسبوع تقريبا.