"المساء" تدخل "قلعة حيدوسة" التاريخية بباتنة
ثروة فلاحية وسياحية.. وجزء من الحضارة النوميدية
- 2695
❊ مؤهلات كبيرة لم تحرك المنطقة تنمويا
تعد بلدية حيدوسة، من المناطق التاريخية والسياحية الفلاحية التي تزخر بها ولاية باتنة، جمعت بين سحر الطبيعة والحضارة النوميدية والتاريخ الثوري. ووفق ما تشير إليه الخارطة الفلاحية، تزخر منطقة الرحوات خاصة، بمنتوجات متنوعة وبكميات وفيرة، إضافة إلى انفرادها بخصوصية إنتاج فاكهة التفاح. وتتوفر المنطقة على أزيد من 12 ألف شجرة، إضافة إلى أشجار الإجاص والرمان. وفي هذا الربورتاج، تحاول "المساء"، تسليط الضوء على متطلبات التنمية بالمنطقة. التي صنفت بها 9 مناطق ظل.
تشتهر بلدية حيدوسة، بتراث عمراني بنافلة القديمة، والرحوات والكنزرية وقلعة بني مخلوف "ثاقلعيث"، ويشهد الرصيد التاريخي لأبطال المنطقة التي توجد بها مغارة بن كرميش، التي استشهد فيها العديد من أبطال الثورة التحررية. كما عرفت المنطقة، عدة معارك، على غرار جبل تاغروت (نافلة)، وكنزرية وتادخت وجبل الصور. تقع البلدية غرب ولاية باتنة، حيث تبلغ مساحتها 14963 هكتار، فيما يقدر عدد سكانها 2538 نسمة، حسب إحصائيات 2008، وتضم قرى الرحوات، نافلة، تازوريت، تامزوين (بني مخلوف)، أولاد عمار، تادخت أظفي اقرادو، حيث يحدها من الشرق بلدية وادي الشعبة ووادي الماء، ومن الشمال بلدية مروانة، ومن الغرب بلديتي تاكسلانت وأولاد عوف، ومن الجنوب بلدية عين التوتة.
وهي من أقدم البلديات بالمنطقة، إذ أنشئت خلال سنة 1959، ومقرها علي النمر بمروانة، ليتم تحويله خلال التقسيم الإداري سنة 1984 إلى الموقع الحالي بنافلة، وكانت قد تعرضت للخراب خلال العشرية السوداء بين عامي 1993 و1994، كما عرفت هجرة جماعية لسكانها، ومع تحسن الأوضاع، عاد النشاط بها.
الأشجار المثمرة مهددة بالجفاف
بات من الواضح، أن الأشجار المثمرة في المنطقة مهددة بالجفاف الذي ضرب المنطقة في السنوات القليلة الماضية، إذ تبلغ مساحة الأراضي الصالحة للفلاحة 1000 هكتار، حسب تقديرات القسم الفرعي الفلاحي ـ مروانة ـ، ومعظمها مزروعة بالأشجار المتنوعة وفي تصاعد ملحوظ كل سنة. كما توجد بها 19 مستثمرة فلاحية، في إطار عقود الامتياز بمنطقة تافرنت، ومحيطين فلاحيين ببوحركات وتافرنت، حيث تم استصلاحه بمساحة 300 هكتار لـ104 فلاح، مع إنجاز حوضين لتجميع مياه السقي، ومنقبين من قبل المؤسسة العامة للامتيازات الفلاحية، في إطار برنامج التنمية المستدامة. يضاف إلى ذلك، منقب نافلة 1 المسير من قبل الجمعية الفلاحية "طاقة"، إلى جانب مختلف الجمعيات الناشطة التي تطالب بحل مشاكل الفلاحين، كجمعية "أظفي" التي نقلت كذلك انشغال رد الاعتبار للطرقات وتعبيد الطريق المؤدية إلى دشرتهم.
نشير في هذا الصدد، إلى أن الثروة الغابية ببلدية حيدوسة، تستحوذ على 11253 هكتار، وتتكون من أشجار البلوط والأرز الأطلسي الذي يعتبر من المحميات التابعة لحضيرة بلزمة، إضافة إلى العديد من المنابع الطبيعية الآيلة للزوال، بعد الجفاف الذي ضرب المنطقة في السنوات الأخيرة. من جهتهم، أبدى فلاحو قرية بني مخلوف، مخاوفهم من الجفاف الذي يهدد أشجار الرمان التي تفوق 4000 شجرة، مطالبين بتسهيل حفر آبار ارتوازية، للحفاظ على هذا النوع من المنتوج الذي تشتهر به المنطقة.
كما يطالب فلاحو المنطقة، بدعمهم بالوسائل التي تتكفل بتطوير شعبها، حيث لا يزال العديد منهم يمارسون الفلاحة بطرق بدائية، ويفتقرون إلى وسائل الدعم الفلاحي، وفي مقدمتها الآبار الارتوازية التي تجنبهم اعتماد السقي بالصهاريج المائية، خاصة أنها أثقلت كاهلهم، كونها كلفتهم مصاريف إضافية، كما يسردون. من جهة أخرى، أوضح الفلاحون أنهم يفتقرون لمخازن التبريد التي تحفظ لهم منتجاتهم الفلاحية عند جنيها، كما أثاروا مشكلة اهتراء السواقي التي أصبحت لا تجدي نفعا، لتبقى في الأخير جل هذه المشاكل، حاجزا أمام رفع طاقات الإنتاج والتفنن في الشعب الفلاحية، مما يتطلب تدخل الجهات المسؤولة لتثمين النشاط الفلاحي، والرد على انشغالات الفلاحين. علما أن آخر استفادة للبلدية من برامج الدعم الفلاحي، تعود لسنة 2010، وتتعلق بتربية المواشي والأغنام وتربية النحل.
5 مشاريع ضمن مخططات التنمية البلدية
استفادت بلدية حيدوسة، من 5 مشاريع فقط، في إطار برامج مخططات التنمية البلدية لسنة 2022، من شأنها تحسين الإطار المعيشي للمواطنين، حيث رصد لها مبلغ 3.4 ملايير سنتيم. وحسب ما أوضحه رئيس المجلس الشعبي البلدي، الطيب كباب، فإن الجهود منكبة لاستغلال هذه المشاريع التي تتمثل في تجهيز بئر ارتوازي بمنطقة نافلة 1، ومشروع تجديد وتوسيع شبكة الصرف الصحي على مسافة 900 متر، وحفر بئر ارتوازية بنافلة مركز، وترميم قاعة علاج بقرية الرحوات. كما استفادت البلدية من شاحنة بصهريج، ويبقى منقب نافلة 1 بحاجة للربط بالكهرباء، لتزويد ما لا يقل عن 1500 نسمة بالمياه الصالحة للشرب. يعاني سكان قرية "أغير نومسد"، من مشكلة نقص المياه الصالحة للشرب، جراء تعطل البئر الارتوازية "عجلة" منذ شهر ماي الفارط، حسبما أفاد به رئيس المجلس الشعبي البلدي، الذي أوضح أن المشروع، كان قد سجل منذ سنة 2012، في وقت تعاني حوالي 200 نسمة من انقطاع مياه الشرب.
180 مسكن ريفي بحاجة إلى الربط بالكهرباء
ينتظر سكان قرى حيدوسة بمداشرها، التدخل العاجل للسلطات المحلية والولائية، لإتمام الإجراءات الإدارية، وتمكين 180 سكن ريفي من الربط بشبكة الكهرباء. أكد المواطنون لـ"المساء"، وجود مشاريع خاصة بمديرية الطاقة والمناجم بالولاية، مطالبين من المديرية المعنية، التكفل بانشغالهم والإسراع في تجسيد مشروع الربط لاستغلال هذه الطاقة، التي تعد عنصرا مهما في حياتهم اليومية.
إنجاز الطرقات وفتح المسالك الفلاحية مطلب ملح
يطالب سكان البلدية المذكورة، بعمليات تهيئة وتحسين حضري، لترقية وجه المنطقة السياحية بهذه الجماعة المحلية، مطالبين بفتح الطرقات الحيوية، كالطريق الرابط بين حيدوسة وعين التوتة، مرورا ببني مخلوف على مساحة 9 كلم، وإعادة الاعتبار لفتح المسالك الفلاحية عبر إقليم البلدية، بمساحة تقدر بحوالي 60 كيلومترا. وأوضح رئيس المجلس البلدي في هذا الصدد، أن هذا الطريق بحاجة إلى تسجيله كمشروع قطاعي.
مشكل النقل لا يزال مطروحا
يعاني مستعملو الطريق بين باتنة وحيدوسة، من مشكل نقص النقل، مطالبين بزيادة عدد الحافلات، ووضع حد للناقلين الذين يسوون بين تسعيرة النقل بـ 120 دينارا لكل مسافر، باعتماد تسعيرة خط باتنة مروانة دون تخفيض التسعيرة بالنسبة للمسافرين إلى حيدوسة، وحسبهم، فإن تسعيرة النقل بين باتنة ونافلة لا تتعدى في أغلب الأحيان 60 دينارا، مما يكلفهم يوميا دفع تسعيرة مسافة إضافية إلى مروانة.
نقص فادح في المرافق الصحية
يشتكي قاطنو حيدوسة من النقص الكبير في التغطية الصحية بالمنطقة، حيث يطالبون بتحسين هذه الخدمات، إذ لا تتوفر البلدية سوى على 3 مستوصفات، منها قاعة علاج بالرحوات وأخرى بنافلة مركز ونافلة 1. ويرى سكان المنطقة أن وجود 3 أطباء عامين وممرضين وطبيب أسنان، غير كاف أمام الطلب على الخدمات الصحية. كما يطالبون بأطباء واختصاصات طبية واستعجلات طبية للمداومة، من أجل الحد من معاناة المرضى في سبيل التنقل سواء إلى باتنة أو مروانة. وشددوا على ضرورة إنجاز عيادة توليد بالمنطقة، للحد من متاعب المواطنين في التنقل، خاصة في فصل الشتاء، وعند تساقط الثلوج بكثافة، فإن ذلك يتسبب في عزل القرى بسبب انقطاع الطرقات، فضلا عن مخاطر التنقل بسبب الجليد والصقيع وانعدام وسائل النقل.
مشكل العقار يحول دون إنجاز مرافق ثقافية ورياضية
يطرح مشكل الأوعية العقارية في حيدوسة بشدة، لتجسيد مشاريع شبانية وثقافية، وردا على مطالب شباب المنطقة المتعلقة بإنجاز مرافق ثقافية ورياضية، أوضح رئيس المجلس الشعبي البلدي الطيب كباب، أن هذا الانشغال ما زال يفرض نفسه بقوة، باعتبارها منطقة غابية ملك لمديرية الغابات، وهو ما حال دون تجسيد عدة مشاريع تنموية، منها ذات الطابع الثقافي والرياضي، على غرار إنجاز ملعب جواري بقرية الرحوات، وتنشيط المكتبة البلدية، باستصدار قرار الإنشاء وتوظيف عمال وإداريين ومختصين في علم المكتبات.
وحسب رئيس المجلس الشعبي البلدين، فإن مشكلة العقار طالت كذلك المشاريع الفلاحية، لوجود مشكلة الحدود مع المساحات الغابية، واقترح محدثنا، إضافة مساحات للاستثمار فيها، خاصة ما تعلق بإنجاز محيطات للاستصلاح الفلاحي، وتوزيعها في إطار عقود الامتياز، مضيفا أنه بإمكان المساحات الإضافية، أن تساهم في توفير مساحات اسثمارات فلاحية جديدة، واستحداث مناصب شغل.
المشاكل البيئية مطروحة
ناشد العديد من فلاحي الرحوات ببلدية حيدوسة، الجهلات المسؤولة، بضرورة الالتفات لتفقد واقع وأحوال يومياتهم الصعبة، التي أثيرت في المدة الأخيرة، وكانوا في وقت سابق، قد طالبوا بإلغاء مشروع تمديد وربط قنوات الصرف الصحي لـ3 تجمعات سكانية، بما فيها بلدية حيدوسة بوادي الرحوات. يعيش سكان عدة قرى بالبلدية، على غرار بني مخلوف وبريش والرحوات، على وقع كارثة بيئية وصحية حقيقية، جراء إقدام السلطات المحلية على إنجاز مشروع لتصريف مياه الصرف الصحي لبلدية حيدوسة "الرحوات"، دون الاستناد على أي دراسة تقنية، حسب شكوى مستعجلة رفعها سكان المنطقة إلى والي الولاية في وقت سابق، حيث أقدمت السلطات المحلية، على اتخاذ مجرى ينابيع طبيعة، يزود جل سكان القرى المذكورة بمياه الشرب، وسقي بساتينهم الفلاحية الممتدة على مسافة 16 كلم، حيث يشكل مصبا للمياه الملوثة القادمة من عدة مناطق ببلدية حيدوسة.
كان تبريرهم لرفض المشروع، كونهم يعتمدون على مياه الوادي في السقي الفلاحي لأراضيهم الفلاحية، رافضين البتة، تحويله إلى مصب لقنوات الصرف الصحي. وبحسبهم، فإن ذلك يشكل خطرا حقيقيا على المنتجات الفلاحية، باعتبار أن عملية سقي البساتين تعتمد بالأساس على عملية السقي، باستغلال مياه هذا الوادي والآبار المنتشر على ضفافه. في هذا الصدد، أوضح رئيس المجلس الشعبي البلدي، أن الانشغال البيئي المتعلق بالأحواض التجمعية لمياه الصرف، المتواجد بقرية الرحوات، يتطلب الدعم بشاحنة التصفية والتفريغ، للقضاء على الآفات المرضية المصاحبة لمحيط الحوض التجميعي. واقترح من جهة أخرى، إنشاء محطات تصفية صغيرة على طول مجرى قنوات الصرف، لاستغلال هذه المياه وتفادي تلوث البيئة.
مشروع سياحي مهم يتطلب أموالا وإمكانيات
تتوفر بلدية حيدوسة على مقومات سياحية هائلة، مدعمة بصدور مرسوم تنفيذي في الجريدة الرسمية، يتضمن إنشاء مناطق التوسع السياحي بتافرنت والمركاح، وهو ما من شأنه إنعاش مشاريع قطاع السياحة بباتنة، ويتطلب -مثلما أوضحه رئيس المجلس الشعبي البلدي- تسجيل عمليات تهيئة وإنجاز للشبكات القاعدية المختلفة بهذه المناطق السياحية، لغرض توفير فرص الاستثمار السياحي للمتعاملين الراغبين في توطين مشاريعهم السياحية.
ومن ضمن المشاريع المبرمجة، دراسة لاستحداث وتهيئة منطقة التوسع والموقع السياحي (تافرنت، المركاح)، حيث يقع هذا المشروع في أعالي واد، يحده من الناحية الغربية الحظيرة الوطنية بلزمة بعلو 1560 متر، وتحديدا بين جبلين (جبل الرفاعة، وجبل تيشاو). ومن الإمكانيات الطبيعية التي تتوفر عليها المنطقة، شجر الأرز الأطلسي ومختلف أنواع الأشجار الغابية، والتنوع البيئي والحيواني بالحضيرة الوطنية بلزمة، ومروج سهل تافرنت، ووادي نافلة وتافرنت، وموقع تيطاوين الذي يضم شلال مائي، والمطاحن المائية القديمة بالرحوات. ناهيك عن مغارات طبيعية وكهوف، وينابيع متنوعة، وغابات كثيفة، وبرج كنزرية، بالإضافة إلى وجود أسماك بوادي نافلة... وغيرها من المقومات والثروات الطبيعية.
من شأن هذه المشاريع الطموحة، برسم المخطط المذكور، إعطاء دفع قوي لهذا القطاع، وبالمرة التعاطي مع الحركة السياحية التي تشهدها عاصمة الولاية في السنوات الأخيرة، علما أن السلطات الولائية بباتنة، تولي اهتماما خاصا لقطاعات الثقافة، والسياحة والصناعات التقليدية، تجسيدا لبرامج الدولة التي خصصت ضمن البرامج المختلفة مبالغ مالية وصفت بالمهمة، لإنعاش القطاعات الثلاثة، التي تشترك كلها في دعم الموروث التاريخي الحضاري للمنطقة، التي تزخر بمعالم تاريخية وسياحية تعود إلى الحضارة النوميدية، وغيرها من الحضارات المتعاقبة على المنطقة، لو استغلت أحسن استغلال لحولت المنطقة إلى قبلة للسياح، وأهم مورد اقتصادي للبلدية ككل. ولدعم هذه الجهود، يقترح رئيس البلدية، إعادة بعث المخيم الصيفي بمنطقة" تيشاو" الجبلية وتيطاوين، وهو مشروع سياحي مهم، من شأنه تحويل المنطقة إلى قبلة سياحية بامتياز.