المصارع الدولي السابق في الجيدو والمدرب (محمد بوغرفة) لـ”المساء”:

المرافقة المالية والمعنوية بوابة مهمة للتتويج

المرافقة المالية والمعنوية بوابة مهمة للتتويج
  • 483
حاورته: فروجة.ن/ تصوير: ياسين أكسوس حاورته: فروجة.ن/ تصوير: ياسين أكسوس

رغم التهميش و"الحقرة” اللذين نالا من بوعرفة في مسيرته كمصارع فوق بساط الجيدو، إلا أنه أثبت علو كعبه بإمتياز في مجال التدريب الذي عززه برصيد من شهادات تكوينية ودراسية، باعتباره خريج المعهد العالي لعلوم وتكنولوجيات الرياضة بعين البنيان. مؤكدا في هذا الحوار الذي خص به “المساء”، أن التتويج بميدالية مونديالية أو أولمبية مرهون بالمرافقة المالية والمعنوية، لاسيما تلك التي تسبق المنافسة في إشارة منه إلى حصة التأهيل.وبعزيمة فولاذية، تبنى محمد بوعرفة، صاحب جمعية “بروجيم”، فكرة مشروع بطل، نظير إحترافية التأطير التي اكتسبها بفضل توليه للعارضة الفنية للمنتخب الوطني فئة الأواسط لعدة مناسبات، رافعا بذلك تحدٍ من خمسة نجوم، يتمثل في إدماج أطفال التوحد لممارسة الرياضة من بوابة الجيدو، وكذا إثبات للجميع أحقية هذه الفئة في الالتحاق بصفوف المنتخب الوطني، بعد خوضها لبرنامج إعدادي نوعي ومتكامل يشرف على قيادته شخصيا.

بداية، من هو محمد بوغرفة؟

❊❊محمد بوعرفة مصارع دولي سابق في الجيدو، وصاحب سجل ثري بألقاب وطنية، عربية وإفريقية في كل الفئات العمرية (أشبال، أواسط وأكابر).. الانطلاقة الرسمية مع رياضة الجيدو كانت من بساط نادي راما بالمرادية، الذي تحصلت معه على عدة تتويجات محلية وقارية، وبعدها تنقلت لمختلف الأندية العاصمية التي منحت لي فرصة الالتحاق بالتشيكلة الوطنية الجماعية من الفئات الصغرى، وصولا إلى صنف الأكابر.

نفهم من قولك، أنك ضمنت تواجدك في المنتخب الوطني وأنت في صنف الأشبال؟

❊❊بالفعل، والحمد على ذلك، وهذا التواجد لم يكن وليد الصدفة، إنما هو ثمرة المجهودات التي كنت أبذلها آنذاك، مع احترامي لمواعيد التمارينات... والحمد لله كانت تتويجات لصالحي في مختلف المنافسات، سواء كانت محلية أو خارجية... وخير دليل على ذلك احتكاري للقب البطولة الوطنية فئة الأكابر لأربع سنوات متتالية من 2006 إلى غاية 2009.

أمام هذه الألقاب، لماذا لم يواصل محمد بوغرفة مشواره كمصارع؟

❊❊فرصة البروز كانت مضمونة، لكن وللأسف الشديد، المدرب السابق الذي تولى تأطير المنتخب الوطني سنة 2009، أحمد موسى، حطم مشواري عندما قام بمسح إسمي من قائمة المصارعين الجزائريين المعنيين بالمشاركة في البطولة العالمية بآنذاك، وتعويضه باسم ابنه الذي كنت أفوز في جل المناسبات، أبرزها تلك التي كانت في البطولة الوطنية لعام 2008.

لكل مصارع سر في التألق والبروز، فما هو سر بوغرفة؟

❊❊في الحقيقة، وحسب اعتقادي، أن السر الجوهري للتألق هو الانضباط في التدريبات، لكن عند محمد بوعرفة ميزة أخرى تتمثل في البنية المولوفولوجية التي جعلتني ضمن القائمة العالمية لـ66 مصارعا يتمتعون بقامة نوعية في اختصاص الجيدو، ناهيك عن تقينية المسكة “كيتي كاتا”... كل هذه العوامل رشحتني وبشهادة جميع التقنيين، بنيل ميدالية عالمية أولمبية مهما كان معدنها... لكن للأسف “الحقرة” وتحديدا من قبل أحمد موسى، عطلت محرك إرادتي القتالية فوق البساط، وبعدها قررت الاعتزال، رغم أنني في بدايات عطائي للجيدو.

بعد النفور والابتعاد عن البساط، ماذا كان البديل؟

❊❊بعد مشواري الفتي كمصارع، قررت تعزيز مسيرتي بإنجاز لا يقل أهمية عن ذلك الذي كنت أقوم به داخل البساط، ألا وهو التوجه إلى الدراسة والتكوين، لاسيما أنني كنت طالب بالثانوية الرياضية بدرارية، حيث التحقت بالمعهد العالي لتكنولوجيات الرياضة بعين البنيان، قصد الحصول على شهادة مدرب النخبة.. والحمد لله كان لي ذلك بامتياز، وتحت تأطير نوعي بقيادة عابد علي، محمد خالف وبسيكري.

لماذا اختار محمد بوغرفة مجال التدريب دون غيره؟

** بالنظر إلى التهميش والبيروقراطية التي مورست على شخصي... قررت التوجه إلى التدريب، حيث خضت دورات تكوينية نوعية تضمنت برنامجا دراسيا شاملا لعدة مواد، هي علم النفس العام، علم النفس الرياضي، علوم التربية، الفسيولوجية العامة للرياضة، علم التشريح، الاتصال، ميكانيك الحركة، نظرية منهجية التدريب الرياضي، وغيرها من المواد المرتبطة بطبيعة العمل الذي يقوم به المدرب... وانطلاقا من هذه الميزات، تم تعييني على رأس العارضة الفنية لفئة الأواسط لعدة مرات، وفي كل مناسبة، كان الفريق الوطني يتوج بالألقاب سواء كانت عربية أو إفريقية.. كما كللت هذه المسيرة التدريبية بتتويج آخر، يتمثل في لقب أفضل مدرب عربي من حيث الحصاد الفني، الحضور التقني وكذا السلوك التدريبي... وكل هذه الثمار جنيت للجيدو الجزائري أولا، ثم لشخصي ثانيا. 

نستخلص من الحديث، أنك تجدد التأكيد بأن عمل المدرب قاعدته النزاهة والعلاقة الأخوية مع المصارع؟

❊❊بطبيعة الحال، المدرب إذا أراد العمل على مشروع معين، كالحصول على ميدالية في أية مناسبة محلية أو دولية.. يتوجب عليه أولا توفير بيئة تحضيرية ملائمة للمصارع، بداية بالحالة البدنية، مرورا إلى الأسلوب التدريبي، وصولا إلى الراحة النفسية... وإذا كان العكس يحدث ما لا يحمد عقباه... وعليه تجربتي السلبية مع المدرب موسى، جعلني أبني علاقات أخوية مع المصارعين الذين أشرف عليهم حتى أبلغ الأهداف المرجوة... والحمد لله تحقق ذلك مع الكثير من المصارعين يتقدمهم وائل الزين، صاحب ألقاب عربية وقارية وعزز رصيده الشخصي مؤخرا، بالمرتبة الخامسة في دورة أبو ظبي الدولية المفتوحة، التي جرت في منتصف شهر أكتوبر الماضي، وكذا نظيره جدي المتوج بالمركز الوصيف في البطولة الإفريقية.

لكن التقني محمد بوغرفة، لم يستكمل مشواره التأطيري؟

❊❊في الحقيقة، الاتحادية السابقة لم تنصفني، حيث استغلت مجهودي دون مقابل ولو بفلس واحد... ناهيك عن الممارسات الأخرى. الأمر الذي دفعني إلى رمي المنشفة والتوجه إلى تجسيد فكرة راودتني مرات عديدة، لكن الظروف لم تكن تسمح وتتمثل في إنشاء جمعية “بروجيم” والحمد لله تحقق الحلم في عام 2020.

قبل الحديث عن “بروجيم”، كيف يقيم بوغرفة الجيدو الجزائري حاليا؟

❊❊ غياب النتائج عن الساحة الدولية أقوى تعليق عن حالة الجيدو الجزائري في الوقت الراهن، وهذا الوضع المتردي للفرع يؤلمني كثيرا، حيث تم تهديم كل ما تم بناؤه في السابق... وحسب اعتقادي فإن العامل الذي ساهم في التقهقر والتراجع، هو تفشي سوء التسيير، فضلا عن غياب التأطير القاعدي، حيث ارتكب المسيرون السابقون أخطاء كثيرة في التكفل بالفرع، كفشلهم في وضع مخطط يسمح بتطوير الجيدو في المستقبل، وربما إهمالهم للقاعدة هو الذي تركهم يسبحون لوحدهم، كما أن الرابطات الولائية والجهوية للفرع التي كانت تشكل في ماض ليس ببعيد، الركيزة الحقيقية للجيدو، أصبحت لا تلعب دورها الحقيقي، كونها تفتقر إلى الوسائل المادية، فهي تعاني كباقي رابطات الاتحاديات الرياضية الأخرى، وأتمنى للهيئة الحالية بقيادة ياسين سيليني، إعادة الأمور إلى نصابها في أقرب وقت ممكن.

وإذا عدنا للكلام عن جمعية “بروجيم”، كيف بدأت الحكاية مع هذا المشروع؟

❊❊في الحقيقة، هذا المشروع كانت وراءه دوافع حقيقية، أبرزها ذلك المشهد الذي يتكرر يوميا عند تجوالي في شوارع فرحات بوسعد “ميسونيي”، الذي يستوحي -كباقي أحياء الجزائرية- طاقة هائلة من الأطفال يمارسون الرياضة في الشوارع، وعليه درست الفكرة من جميع الجوانب.. والعامل الآخر الذي شجعني أكثر على فتح أبواب “بروجيم”، هو افتقار الحي لقاعة رياضية.. بالتالي كانت المتنفس الوحيد لهذه الفئة، بدليل عدد المنخرطين الذي يتراوح عددهم ما بين 70 و100 مصارع.

كيف استقبل سكان حي فرحات بوسعد “ميسونيي”، نبأ فتح “بروجيم”؟

❊❊الخبر كان سارا على الجميع في 2020، بدليل التوافد الكبير للأطفال من كل الفئات إلى ممارسة رياضة الجيدو، والشيء الذي زاد من حماسي أكثر، هو إقبال أطفال فئة التوحد، الذي أبى أولياؤهم اختيار جمعيتنا لتحسين أوضاعهم البدنية والذهنية، حيث يتواجد حاليا 13 طفلا... وأعمل رفقة طاقم الجمعية المتكون من إيمان ربيعي، بلباقي غنية، بوهلة حفيظ وسمير رحاب، إلى توفير المناخ المناسب لإدماج ذات الفئة في التشكيلة الوطنية الجماعية، وفق برنامج إعدادي متكامل مبني على أسس علمية ورياضية.

يعني أن بوغرفة رفع التحدي الأول من نوعه في الجزائر، بضم هذه الفئة ضمن التشكيلة الوطنية والتنافس مع الأسوياء من بوابة البطولة الوطنية؟

❊❊فعلا، هذا القرار أخذته عن قناعة، انطلاقا من تجربة سامي، مهدي وغيرهم.. لاسيما أن رياضة الجيدو تعد دواء لعلاج طيف التوحد، حيث خلق هذا الفرع تحديات كبيرة لهذه الفئة.. حيث ممارسة الجيدو كانت خلاصة، ومشكلة التواصل اختفى وأصبح “شطارة” وشقاوة حلوة، لاسيما أن منتسبي هذا النادي أعطوهم فرصة للشفاء.

ما هي المواعيد التنافسية لنادي “بروجيم” خلال الموسم الجاري؟

— ❊❊سندخل المنافسة المحلية هذا الموسم بصفة رسمية، وتحت راية نادي راما المتواجد بالمرادية، وعليه يعمل طاقم النادي على إعداد عناصر الفريق بصورة مكثفة لدخول البساط الوطني في أحسن الظروف، لاسيما أن النادي يستهدف إحدى المراتب الثلاثة الأولى قصد تدشين سجله بتتويج نوعي، يمهد لمستقبل واعد لـ"بروجيم”، الذي ينوي وبخطى ثابتة، إقحام عناصره في التشكيلة الوطنية الجماعية لصنف الأصاغر.