وصل إلى شرم الشيخ للمشاركة في أشغال "كوب 27"
الحضور الشخصي للرئيس تبون يعزّز التزامات الجزائر المناخية
- 500
* جمال جاب الله: مشاركة الرئيس تبون تعطي دفعة قوية للمفاوض العربي
يشارك رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في قمة رؤساء الدول والحكومات للدورة السابعة والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية، بشأن تغيّر المناخ "كوب 27"، التي تنطلق أشغالها بمنتجع شرم الشيخ المصري، اليوم. وعشية هذه القمة، تعقد الآمال من أجل تقريب وجهات النظر والتخفيف من حدة الخلافات بين الدول حول المسائل الشائكة المطروحة في هذا الاجتماع السنوي، الذي يعد موعدا هاما لمناقشة مستقبل الكرة الأرضية، في ظل تداعيات التغيرات المناخية التي بدأت تبرز للعيان وتؤثر بصورة غير مسبوقة على سكان العالم وعلى سياسات التنمية.
وبالمناسبة، أكد مدير إدارة الإسكان والموارد المائية والحد من الكوارث في القطاع الاقتصادي بالأمانة العامة للجامعة العربية، جمال جاب الله، على أهمية "المشاركة الشخصية" لرئيس الجمهورية في هذه القمة، معتبرا أنها "دلالة على التزام الجزائر بالاتفاقيات الدولية، لكن وفق مصالحها الوطنية، وهذا ضمن المجموعة التفاوضية العربية القوية جدا، والتي تملك الخبرة في مجال التفاوض للدفاع عن مصالح الدول العربية". وأعرب المسؤول، في تصريح خصّ به "المساء"، عن اقتناعه بأن الجزائر، التي ترأس حاليا القمة العربية، ستتمكّن من "توحيد الموقف العربي والاعتماد على المفاوض العربي، الذي يعرف جيدا كيف يدافع عن مصالح الدول العربية"، مشدّدا على أن تواجد الرئيس تبون بقمة المناخ، سيعطي "دفعة قوية" للتفاوض بشكل أفضل.
وبخصوص التحدّيات المناخية التي تواجهها الجزائر اليوم، أوضح محدّثنا أنها "عديدة" و"أصبحت ملموسة"، خاصا بالذكر "ظاهرة الجفاف" التي بدأت تمس الجزائر لفترات طويلة، مؤثرة، بشكل واضح، على القطاع الزراعي وكذا على المياه والتنوع البيولوجي وارتفاع درجات الحرارة الذي يتسبب في اندلاع حرائق الغابات. وقال جاب الله، إن الجزائر "بذلت مجهودا كبيرا" في مجال التخفيف من الانبعاثات الكربونية، وذلك بدا واضحا في "التقرير الطوعي" الذي قدّمته للأمم المتحدة، مساهمة منها في المجهود الدولي للتخفيف من الانبعاثات.
ومن بين المجهودات التي ذكرها جاب الله، البرامج المتعدّدة لتدوير ورسكلة وتثمين النفايات لتصبح مصدر ثروة وشغل، وبرنامج تنويع مصادر الطاقة، الذي قال إنه "طموح وطويل المدى"، فضلا عن توظيف التكنولوجيا في قطاع المحروقات للتقليل من الانبعاثات وبرامج تحلية المياه، لتنويع الموارد المائية و"هي عملية مستمرة بدأت تعطي ثمارها". وانطلاقا من اقتناعه بأن حجم التحدّيات كبير، دعا جاب الله إلى مضاعفة الجهود، عن طريق وضع برنامج وطني "يتعامل مع التغيرات المناخية بكل واقعية وعلى أسس علمية"، في إطار "رؤية واضحة المعالم لجميع القطاعات"، تحدّد كيفية المجابهة والتخفيف من آثار التغيرات المناخية.
وقال بخصوص مؤتمر المناخ بشرم الشيخ، إن الآمال معقودة عليه لحلحلة "بعض القضايا"، بالاعتماد على الحضور القوي لزعماء الدول في هذه الدورة، كونهم المخولون باتخاذ قرارات سياسية". وسجل أنه، رغم كون الاتفاقية تتعلق بالتغيرات المناخية، إلا أن مضمونها "اقتصادي بامتياز"، لذا يعول عليها كثيرا في تجاوز التحدّيات والعقبات التي تحول دون التنفيذ السليم للالتزامات التي تعهدت بها الدول الغربية ضمن هذا الاتفاق.
وذكر جاب الله في السياق، أنه لم يتم، إلى حد الآن، الوفاء بالالتزام القاضي بتخصيص 100 مليار دولار سنويا لصندوق المناخ، آملا في أن يسمح تواجد زعماء العالم في شرم الشيخ بـ"إزاحة بعض العقبات"، حتى وإن أعرب عن اقتناعه بأنه "لا يمكن حل كل الخلافات الموجودة، بسبب الصراع القوي حول المصالح الاقتصادية". ففي حين تركّز الدول المتقدمة على مبدأ "التخفيف"، تتحدث الدول النامية، وبالأخص مجموعة 77 زائد الصين، على مبدأ "التكيّف"،ملحة على أنها لم تكن مسؤولة عن التغيرات المناخية، وأن المسؤولية التاريخية تقع على عاتق الدول المتقدمة. وأعرب جمال جاب الله، عن أمله في أن تكون قمة شرم الشيخ موعدا لـ" التزام حقيقي، على الأقل، في بعض المجالات، لأنه يستحيل حل كل الإشكالات بسبب طغيان المصالح الاقتصادية".
* حنان حيمر
مكافحة التغيرات المناخية ضمن أولويات الجزائر.. تعهدات دولية وخطط وطنية لحماية البيئة
شكّلت مواجهة التغيرات المناخية والكوارث الناجمة عنها، من بين الأولويات التي وضعتها الجزائر في صلب اهتماماتها على المستويين الوطني والدولي والتزمت بالعمل على الحد منها، من خلال مبادرات لاقت إشادة في العديد من المناسبات العالمية. أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في أكثر من مناسبة، على أهمية تعبئة جميع الموارد واتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لمكافحة آثار التغيرات المناخية، من بينها المخطط الوطني للمناخ وقانون مكافحة المخاطر الكبرى، وقرار إعادة بعث مشروع السد الأخضر، للمساهمة في إنشاء منطقة خضراء منخفضة الكربون ومقاومة للمناخ.
ووقّعت الجزائر، سنة 2016، على اتفاق باريس حول التغيرات المناخية بمناسبة قمة "كوب21" الذي نص على ضرورة عدم تجاوز ارتفاع درجة الحرارة لدرجتين مئويتين عند نهاية القرن الحالي، حيث التزمت الجزائر بدعم المجتمع الدولي في جهوده الرامية إلى الحد من الاحتباس الحراري بالرغم من مساهمتها، منذ زمن طويل، في الحد من هذه الظاهرة بالنظر إلى سيطرة الغاز الطبيعي، الذي يعد طاقة نظيفة، في باقتها الطاقوية.
وستكون مشاركة الجزائر في قمة شرم الشيخ المصرية، فرصة جديدة لعرض مساعيها والجهود التي تم الشروع فيها وإبراز إستراتيجياتها الوطنية الرامية لمواجهة التغيرات المناخية، تطبيقا لالتزاماتها في هذا المجال، ومصادقتها على مجموع الاتفاقات الدولية الرامية الى تقليص انبعاثات الغاز ومكافحة الاحتباس الحراري. وصادقت الجزائر سنة 2020، في إطار مساعيها لحماية المناخ، على المخطط الوطني للمناخ للفترة 2020-2030، الذي يعتبر واجهتها الدولية في هذا المجال، والرامي إلى تخفيض نسبة انبعاث الغازات بنسبة 22 بالمائة كالتزام مشروط (في حال استفادتها من تمويل دولي وتحويل تكنولوجي) و7 بالمائة كالتزام طوعي. ويعد هذا المخطط أداة عملية لتطبيق السياسة الوطنية لمكافحة الانعكاسات السلبية للتغيرات المناخية، حيث يتضمن 155 عملية ونشاطا بهدف التكيّف مع آثار التغيرات المناخية وتقليصها بالنسبة للعشرية القادمة، من خلال تقليص انبعاثات الاحتباس الحراري وإدماج البُعد المتعلق بالمناخ في مختلف سياساتها التنموية.
وتعمل الجزائر، أيضا، على تعزيز ترسانتها القانونية وتكييف تشريعاتها المتعلقة بالتغيرات المناخية مع الظرف الحالي، بالتحضير لاعتماد قانون إطار حول التغيرات المناخية في الترسانة القانونية المتعلقة بالبيئة. كما أدرجت الحكومة، في إطار السياسة المناخية للجزائر، ضمن المهام الأساسية لوزارة البيئة والطاقات المتجدّدة إنجاز الإستراتيجيات ومخططات العمل، تخص المسائل الشاملة للبيئة، من تغيرات مناخية وحماية التنوع البيولوجي وطبقة الأوزون، وكذا تنسيق مسار المفاوضات حول التغيرات المناخية وإعطائها صلاحيات التنفيذ بالاتصال مع القطاعات المعنية. كما استحدثت الحكومة محافظة الطاقات المتجدّدة والنجاعة الطاقوية على مستوى الوزارة الأولى، بغية ضمان تناسق بين القطاعات لتطوير الطاقات المتجدّدة في الجزائر، مما يعكس جهودها والتزامها في مكافحة التغيرات المناخية.
ومن صور الاهتمام الكبير الذي توليه الجزائر لقضايا المناخ وحماية البيئة ايضا، إعلانها عن إعادة بعث مشروع السد الأخضر من خلال توسيع مساحته لتصل إلى حدود الـ4,7 مليون هكتار خلال السنوات القادمة. كما رفعت عدة رهانات لدعم سياساتها وتصوراتها في مكافحة ظاهرة التغير المناخي، من خلال وضع إستراتيجية خاصة انبثقت عنها "اللجنة الوطنية للمناخ" المكونة من 18 قطاعا وزاريا، تم تكليفها بمتابعة إستراتيجيات مكافحة التغيرات المناخية وتأثيراتها على التنمية.
كما وضعت الجزائر "مخطط بعث الاقتصاد الأخضر"، الذي حدّد من بين أهدافه، إعادة التدوير ودعم الصناعات التحويلية وتشجيع الاستثمار في مجال النفايات، من أجل ضمان التحكم في التأثير البيئي وتقنيات المعالجة ووضع إعفاء ضريبي للشركات الصناعية التي تلتزم بخفض انبعاث الغازات المضرة بالبيئة والنفايات الكيميائية.كما اعتمدت برنامجا وطنيا للتشجير من خلال مبادرة "شجرة لكل مواطن"، لغرس ما لا يقل عن 43 مليون شجرة، فضلا عن برنامج تحويل جزء هام من حظيرة السيارات الوطنية لغاز البترول المميع، واستحداث هياكل وطنية لتجسيد مشاريع إستراتيجية لإنتاج الطاقة النظيفة كالهيدروجين الأخضر.
* ع. م