معرض "فسيفساء الجزائر" برواق "محمد راسم"
تجوال في ربوع الجزائر وبورتريهات للشهداء والمعالم والنجوم
- 688
احتضن رواق "محمد راسم" بالعاصمة، الأسبوع الماضي، نسائم جزائرية جاءت من مضارب شتى، محملة بزينة التراث والهوية، ومعها تذكار وعرفان لأسماء تعود في كل موعد وحين، لتطل بجمال محياها وبخيرة أعمالها وتضحياتها، مما جعل الجمهور يدخل ويخرج من هذا المعرض في حركة لا تتوقف، كما جعل من أغلب اللوحات تباع في لمح البصر وتعامل كما تعامل التحف النادرة. يدخل الزائر إلى معرض "فسيفساء الجزائر" للفنان أحمد ياسين مغناجي، ليجد في استقباله الفنان "صويلح" بابتسامته العريضة ووجهه المبهج، من خلال لوحة وضعت خصيصا على حامل خشبي يعطي للزائر الدفء والحميمية الجزائرية، ليجد نفسه يتجول بين ربوع الجزائر ويسلم على أبنائها من المشاهير والشهداء، في بورتريهات رائعة تكاد تنطق، رغم رحيل أغلب أصحابها، من أمثال فتيحة بربار وحسني وإيدير والعنقى والزاهي، ومنهم الأحياء كسهيلة معلم وبلماضي. كما يقف الزائر منصوب القامة، وهو يحيي بعينيه وقلبه من رحلوا من أجل أن يحيا هذا الوطن، ومن هؤلاء الشهداء، كان هناك عاشور زيان ويوسف العمودي وغيرهما، ناهيك عن صورة للأمير عبد القادر الجزائري، ورغم أن تلك الصور كانت لوحات زيتية، إلا أن الجمهور ومن فرط واقعيتها، يسأل هل هي صور فوتوغرافية؟ ليجيئه الرد سريعا، مؤكدا أنها لوحات مرسومة باليد والريشة. يخطو الزائر أيضا نحو مناطق مختلفة من أرض الجزائر، منها العاصمة والصحراء ووهران وتلمسان ودلس ومنطقة القبائل، وغيرها من المدن والقرى والبراري والسواحل.
يبدو من خلال اللوحات، مدى اشتياق الفنان لكل هذه الربوع ومدى ارتباطه بوطنه باتجاهاته الأربعة، ليرسم أجمل ما فيه من نعم الخالق ومن إبداع العمران، لتطل قرى ومداشر منطقة القبائل متسلسلة في لقطات بانورامية، تشبه إلى حد ما قرى برج بوعريريج التي تأخذ ركنها في المعرض، والجميل فيها تعانق البيوت الحجرية المتماسكة مع الطبيعة الخضراء الصافية من أي تلوث أو عصرنة زائفة، ثم يأتي الدور على معالم أثرية يعرفها الجزائريون حق المعرفة، ومنها الجامع الكبير بالعاصمة، الشاهد الحي على التاريخ، وغير بعيد عنه، هناك الولي الصالح سيدي عبد الرحمن، ثم أسواق القصبة العتيقة التي يكاد يسمع صوت باعتها وخطوات الزبائن من نسوة وصبيان، ثم يأتي البحر الذي تقابله قصبة دلس، ثم سانتا كروز بالباهية، فخليج العاصمة والأميرالية، ثم السفر بعيدا إلى خنشلة وبسكرة، وإلى عمق الصحراء الكبرى، فما أحلى الترحال.
استقبل السيد مقران صلاح الدين "المساء"، في هذا المعرض الفخم، وقال إن عنوان الفعالية هو "فسيفساء الجزائر"، كدليل على مدى التنوع والانسجام، ناهيك عن الألوان والتقنيات، وأضاف "أنا صاحب رواق الزائر الكائن بمنطقة الشراقة في العاصمة، وقد تم افتتاحه منذ أكثر من سنة، والفنان مغناجي الذي أتعامل معه، تربطني به علاقة فن وقرابة، ولنا نفس الرؤية الفنية، وهي تأسيس مشروع ثقافي وفني تكون له القدرة على إيصال الثقافة والفن لشرائح المجتمع، هذا الأخير المولع دوما بالمدرسة الفنية الكلاسيكية الواقعية والتشخيصية، علما أن هذا الأسلوب مطلوب جدا، بالتالي سنعرض أعمالا أخرى في معرض آخر خلال شهر مارس القادم بحول الله، كما أننا سنجلب بعد أيام، لوحة كبيرة لبورتري الفنان الراحل محمد راسم". كما أشار المتحدث، إلى أن اللوحات المعروضة تمثل الجزائر كدليل على حب الفنان لوطنه، وقد وضعت في واجهة المعرض أيضا لوحات للفت انتباه الزوار. وأضاف محدث "المساء"، أن بعض اللوحات استلهمت من الأرشيف بالأبيض والأسود، أعاد الفنان ياسين رسمها وتلوينها، منها حي سريانة ببسكرة الذي غمرته الأمطار، وكذا حي من بسكرة القديمة، حيث السمر واللقاء، وهو من صورة بالأرشيف. للإشارة، أكد السيد مقران أن لهذا الفنان 22 ألف لوحة خاصة بالجزائر، وله لوحات معروضة بالمتحف المركزي للجيش، وإحدى لوحاته قدم فيها كرونولوجيا تاريخ الجزائر، وقد أهداها الفريق الأول السعيد شنقريحة في مناسبة رسمية للرئيس تبون، كما اقتنى بعض السفراء لوحاته، منها لوحة الحاج العنقى.