حسب مقترحات مشروع قانون البلدية الجديد
حصانة نسبية لـ"الأميار".. وصلاحيات واسعة لتنمية البلديات
- 910
❊ ترقية الاستثمار والمقاولاتية وتنويع الشراكة المحلية
❊ ديمقراطية تشاركية والمواطن في صلب التسيير المحلي
جاءت مقترحات مشروع قانون البلدية الذي توشك اللجنة المتعددة الأطراف بوزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، على وضع آخر اللمسات عليه متماشية مع رغبة الطبقة السياسية التي طالبت بتوفير حصانة نسبية لرؤساء البلديات ونوابهم وحمايتهم من المتابعات القضائية وتوسيع هامش المبادرة الاقتصادية، من خلال ترقية روح الاستثمار والمقاولاتية وتنويع الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وتضمن مشروع القانون ضوابط لإيجاد حلول لمشكل الانسدادات والغيابات غير المبررة التي يقابلها فقدان المنصب حرصا على ضمان السير الحسن لشؤون البلديات، كمرفق عام يضمن مصالح المواطنين. وراعى مشروع القانون التحوّلات الاقتصادية والمجتمعية التي تعرفها الجزائر مع اقتراح حلول استباقية للمشاكل التي عرقلت سير المجالس الشعبية البلدية خلال السنوات الأخيرة.
حصانة للمير ونوابه.. وسلطة التقدير للوالي
وتضمن مشروع القانون بحوزة "المساء"، حصانة نسبية لـ"المير" ونوابه بخصوص مسائل التسيير المحلي، والذي أكدته المادة 78 بأنه "لا يخضع رئيس المجلس الشعبي البلدي ونوابـه للمتابعة القضائية إلا بعد الموافقة المسبقة للوالي المختص إقليميا ويتمتع منتخب المجلس بالحصانة القانونية بالنسبة للأعمال المتصلة بوظيفة التمثيل داخل المجلس البلدي خلال العهدة الانتخابية. يمكن أن يكون منتخب المجلس محل متابعة جزائية عن الأفعال غير المتصلة بوظيفة التمثيل بعد إشعار رئيس المجلس والوالي بذلك".
حرية المبادرة الاقتصادية لرئيس المجلس الشعبي البلدي
يتمتع "المير" بصلاحيات ثنائية بصفته ممثلا للدولة وللبلدية وبغض النظر عن الصلاحيات الانتخابية ومداولات المجلس وغيرها، يتمتع رئيس البلدية بصلاحيات اقتصادية كبيرة حيث خوّل له بموجب المادة 84، اتخاذ مبادرات والعمل على تطوير مداخيل البلدية وضمان جدواها الجبائية والمالية والاقتصادية. وبالإضافة لوضع آليات إدارية لضمان التغطية الجبائية للبلدية، بما في ذلك الاستعانة بمتعاملين عموميين أو خواص، المؤهلين بمساعدة شرطة البلدية، فقد تضمن المشروع تطوير موارد ومداخيل البلدية عن طريق إثراء وتوسيع الوعاء الضريبي المحلي وإبرام عقود اقتناء الأملاك والمعاملات والصفقات والإيجارات وقبول الهبات والوصايا واكتتاب قروض وكل تمويل مؤقت وإبرام كل العقود المرتبطة بالنشاط الاقتصادي للبلدية والقيام بمناقصات أشغال البلدية ومراقبة حسن تنفيذها، بالإضافة إلى إعداد قرارات الموقفة للتقادم والإسقاط والشفعة وضمان ممارسة الحقوق المعترف بها على السندات والأملاك العقارية والمنقولة التي تحوزها البلدية بالملكية أو الحيازة بما في ذلك حقّ اتخاذ التدابير المتعلقة بشبكة طرق البلدية وإصدار رخص الوقوف أو رخص الشغل المؤقت للطريق العمومي.
مع إصدار رخص البناء والهدم والتقييم، كما ينسق ويتابع مشاركة البلدية في نشاطات التعاون والتضامن فيما بين الجماعات المحلية. ويتمتع "المير" وفق نصّ مشروع القانون الجديد، بصلاحيات إضافية بصفته ممثلا للدولة من بينها، مراقبة عملية التسجيل والشطب بالسجلات الانتخابية وإصدار الوثائق ذات الصلة وتسخير الأشخاص والممتلكات لضمان استمرارية أعمال الدولة وحفظ النظام والسكينة والنظافة وأمن وحماية الأشخاص والممتلكات والأماكن العمومية.
ترقية الاستثمار والمقاولاتية وتوسيع وتنويع الشراكة
يراعي المشروع التوجه الجديد للدولة القائم على ترقية الاستثمار وبعث روح المقاولاتية على المستوى المحلي، حيث خصّص جزءا كاملا لتنظيم هذا المجال. ونصت المادة 174 على الحرية الكاملة للبلدية في اتخاذ كافة المبادرات قصد ترقية الاستثمار الاقتصادي المحلي والمقاولاتية، حيث تتولى البلدية تسهيل ومرافقة المتعاملين الاقتصاديين للاستقرار على إقليمها.
كما تبادر البلدية بموجب المادة 175 بتهيئة مناطق النشاطات المصغرة الموجهة لاستقبال مشاريع الاستثمارات التي تقوم بها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى جانب سهرها على تحفيز المشاريع ذات الصلة بمهام وإمكانيات إقليمها، وتحديد كيفيات إنشاء وتسيير مناطق النشاطات المصغّرة وكذا كيفيات منح العقار على مستوى مناطق النشاطات المصغرة عن طريق التنظيم. وتعمل البلدية في هذا إطار على تشجيع الشراكة بين القطاع العام و/أو القطاع الخاص، ويمكنها أن تتخذ مساهمات على مستوى المؤسسات المتواجدة على إقليمها. إلى جانب مبادرتها بمشاريع استثمارية منتجة للمداخيل وإنشاء وترقية مؤسسات صغيرة ومتوسطة في اطار الشراكة مع القطاع العام و/أو الخاص.
وتضمن البلدية في هذا الإطار تمويل كل مشروع استثمار منتج قبل انطلاقه، عبر ميزانية جماعة محلية معينة عن طريق القـروض وعن طريق التعاقد أو عن طريق اتفاقيات الشراكة مع القطاع العام و/أو الخاص. كما يبادر المجلس الشعبي البلدي، بمشاريع أخرى خاصة بالاستثمارات المنتجة، مع الأخذ بالخصوصيات والأولويات الاقتصادية للجماعة المحلية، لا سيما في الميادين السياحة والحرف والنقل والصناعة الغذائية والفلاحة والصيد. وتخضع العمليات المتعلقة بإنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة أو إنجاز وتمويل مشاريع الاستثمارات المنتجة لرقابة المطابقة المسبقة وكذا المصادقة بقرار من الوالي المختص إقليميا مع إعلام الوزير المكلف بالجماعات المحلية بخصوصها.
هيئة لتكريس الديمقراطية التشاركية
وتكريسا للديمقراطية التشاركية، التي تعد مفهوما جديدا في الجزائر الجديدة، اعتبر مشروع القانون، البلدية مكانا لممارسة الديمقراطية التشاركية، تسهر على تجسيدها وترقیتها، في إطار منتظم والتشاور ومشاركة المواطنين في تسيير الشؤون العمومية المحلية وفق المادة 19. ويلزم مشروع القانون، البلدية باتخاذ التدابير الضرورية لتحسين الاستماع للمواطنين في إطار المساواة وتسهيل ولوجهم إلى الجلسات العمومية للمجالس المحلية المنتخبة وضمان حقهم في الاطلاع على نشاطات البلدية والقرارات والوثائق الإدارية العمومية وتقديم العرائض والالتماسات التي تعنيهم والمتعلقة بالشأن المحلي، حسب المادة 20.
وتستعمل البلدية التكنولوجيات الحديثة لتسهيل مشاركة المواطنين والمساهمة في تحديد أولويات التنمية المحلية وتحقيق النشاطات العمومية المحلية ذات المنفعة العامة، في إطار منظم، يدعى "هيئة تشاركية". ويقترح النص تشكيل هيئة مكلفة بالديمقراطية التشاركية تكون فضاء للتشاور والتفكير والاقتراح، مشكلة من مواطنين مقيمين بإقليم البلدية، ومن بينهم ممثلو الجمعيات المحلية المؤسسة قانونا والتنظيمات المهنية وممثلي المجتمع المدني على المستوى المحلي. ويتم تنصيب الهيئة التشاركية من قبل رئيس المجلس الشعبي البلدي في جلسة علنية، وتحديد مدة تمثيلها بالتوافق مع مدة العهدة الانتخابية للبلدية. ويكون التمثيل داخل الهيئة التشاركية مفتوحا وحرا أمام كل شخص بالغ يتمتع بكافـة حقوقه المدنية والذي يتم اختياره بصفة ديمقراطية. ويعد التمثيل داخل الهيئة التشاركية مجانيا.
التضامن والتعاون بين البلديات والتعاون اللامركزي
كما حافظ المشروع عل طابع التضامن بين البلديات، حيث يمكن للبلديات الغنية أن تساهم في تمويل وتغطية عجز البلديات الفقيرة ويكون ذلك من فائض مواردها التي تفوق حاجاتها السنوية، حسب المادة 24. ويتم التضامن العمودي ما بين البلديات عن طريق صندوق التضامن وتنمية الجماعات المحلية الذي يتكفل بمهمة تجميع الوسائل المالية للجماعات المحلية ومنح البلديات بناء على وضعياتها المالية "المادة 25". ويمنح إعانة سنوية، بعنوان معادلة التوزيع بالتساوي، موجهة إلى القسـم الخاص بالتسيير عبر التضامن العمودي، لتغطية العجز المحتمل في ميزانيات البلديات، وإعانات استثنائية موجهة لتغطية الوضعيات غير المتوقعة، إما إعانات للتجهيز. عبر تخصيصات مالية لصندوق التضامن وتنمية الجماعات المحلية التي تمنحها الدولة لفائدة الجماعات المحلية.
هكذا يتم التخلي عن العهدة الانتخابية لـ"المير"
تناول المشروع حالات فقدان العهدة الانتخابية لرئيس المجلس الشعبي البلدي، في حالة تقديم الاستقالة للوالي "المادة 74" وتثبت الاستقالة بعد 15 يوما من الغياب غير المبرر "المادة 75" ويثبت المجلس ذلك في مداولة يقدمها للوالي. في حالة رفض المجلس تثبيت التخلي عن العهدة والمنصب، يتدخل الوالي برفع دعوى قضائية لدى المحكمة الإدارية للفصل في حالة التخلي عن المنصب. ويتم استخلاف رئيس المجلس الشعبي البلدي ونوابه المتوفيين والمستقيلين والمقصيين ومحل مانع قانوني والمعزولين من مهامهم نتيجـة التخلي عن عهدتهم خلال خمسة عشر يوما حسب الشروط والأشكال المنصوص عليها في هذا القانون والتشريع المعمول به.