فرقتا "السنجاب" و"مشاهو افرحونن" في ندوة "المحترف"

كفاح وإرادة وعطاء

كفاح وإرادة وعطاء
  • القراءات: 516
لطيفة داريب لطيفة داريب

بغية التوثيق المسرحي وتشكيل الذاكرة المسرحة الجزائرية، تتواصل الندوات الفكرية بفضاء نادي "أمحمد بن قطاف"، في إطار الطبعة الخامسة عشر لمهرجان المسرح المحترف، وهذه المرة مع مسرحي "برج منايل" و"افرحونن". قال المسرحي عمر فطموش، إن الحركة المسرحية في برج منايل، عرفت النور ابتداء من عام 1941، في رحم الكشافة الجزائرية، ثم ترعرعت في كنف شبيبة جبهة التحرير الوطني في سنوات السبعينات، لتأتي النقلة بعد حلول كاتب ياسين ضيفا على المدينة، لتقديم عروض مسرحية، حيث شكل قدومه صدمة لمسرحيي المنطقة الذي قلدوا بعدها أعمال ياسين، لتأتي مشاركتهم في الطبعة العاشرة لمهرجان مسرح الهواة بمستغانم بمثابة انتصار لهم.

تطرق فطموش إلى الصعاب التي جابهت المسرح في برج منايل، خاصة فترتي الحزب الواحد ومرحلة الإرهاب، إلا أن المسرح لم يتوقف، وإن عرف ركودا في بعض الأحيان، خاصة بعدما تعرض الفضاء الحاضن للمسرحيات في المنطقة إلى الهدم الجزئي، إثر الزلزال الذي ضرب بومرداس عام 2003. وأشار فطموش إلى احتضان برج منايل لأول مهرجان جهوي لمسرح الهواة، حيث شاركت فيه مسرحية باللغة الأمازيغية، والتي بعدها شاركت ولأول مرة في مهرجان مسرح الهواة بمستغانم. علاوة على إنشائه المدرسة الشعبية للفنون الدرامية، كما تحدث عن الاتفاقية التي أبرمتها تعاونية السنجاب التي يترأسها المعني، والتي تأسست عام 1998 مع البلدية لاحتضان قاعة السينما التي كانت تعاني من الإهمال لنشاطات "السنجاب".

وتابع أنه بعد ترميم القاعة، الذي استمر عشر سنوات كاملة، استقرت "السنجاب" من جديد، وشهدت تنظيم نشاطات مسرحية عديدة، وكذا ميلاد فرق مسرحية من صلبها مثل فرق "الشعلة" و«النهضة"، كما شاركت في العديد من التظاهرات الدولية، آخرها مشاركتها عام 2021 في مهرجان بودابست من خلال مسرحية "صحا لارتيست". وتابع مجددا أن مسرح "السنجاب" سينشئ مدرسة لتكوين الأطفال في المسرح في 2023، كما تحدث عن عائدات "السنجاب" التي وصلت أحيانا إلى 45 مليون سنتيم شهريا، من خلال عملية بيع التذاكر وبطاقات الاشتراك، علاوة على استفادة فناني "السنجاب" من الضمان الاجتماعي.

من جهته، قال الفنان حسان عزازني من فرقة "السنجاب"، إنه بدأ المسرح مع فطموش عام 1978، معتبرا نفسه مجاهدا لم يتوقف أبدا عن ممارسة الفن الرابع. كما أكد اهتمام "السنجاب" بالأطفال وخلق تقليد لديهم في مشاهدة العروض المسرحية كل أسبوع. أما رفيق فطموش، فقد تحدث عن تأثر أطفال برج منايل بالمسرح الذي تغلغل في المجتمع المحلي، وتموضع في ذاكرة سكانه، وبالأخص في ذاكرة الصغار، مضيفا أنه كان يقدم سكاتشات في الثانوية، ومن ثم أنشأ فرقة مسرحية مع أصدقائه، حيث يستلهم مواضيع مسرحياته من المجتمع المنايلي المحب للفن الرابع. وأكد أن المسرح في برج منايل مستمر بكفاح القدامى وإرادة الشباب وعطاء سكان مدينة برج منايل.

بالمقابل، تحدث أعضاء من تعاونية "مشاهو" عن الحركة المسرحية في منطقة افرحونن، وبالبداية بمؤسس التعاونية صالح هوش الذي قال، إن قدوم كاتب ياسين إلى المنطقة شكل "ديكليك" للسكان، وبالأخص لمن كانوا يمارسون المسرح، بعدها تم اكتشاف نصوص موحيا، لتتشكل بعدها فرقة صغيرة، بقيادة المتحدث. وتابع أنه حدث "ديكليك" ثان بعد مشاركة الفرقة في تظاهرة نظمت بالعاصمة، حول أعمال كاتب ياسين، وذلك بعد طلب مخرج مسرحي من صالح العمل مع الفرقة بالمجان، فكان ذلك، ليتم تقديم العديد من العروض والمشاركة في مهرجانات.

أضاف صالح أنه لم يكن بحاجة إلى قاعات لعرض الأعمال المسرحية، باعتبار أن قرى المنطقة حاضنة للفن الرابع بكل جدارة، كما تطرق إلى ظفر الفرقة بالعديد من الجوائز، إلا أن كل شيء توقف حينما غادر 70 بالمئة من أعضائها إلى ديار الغربة، لتعود من جديد بعد اهتمام شباب آخر بها. وتوقف صالح عند هذه النقطة، وقال إنه اكتشف في بجاية حينما دعاه فطموش إلى مسرحها الجهوي للتقنيات المعتمدة في المسرحيات، والتي لم يكن يدرك وجودها تماما، مضيفا أن ممثلي الفرقة الذين أخذوا المشعل أرادوا تقديم أعمال خارج بصمة كاتب ياسين، ففعلوا وقدموا مسرحيات عديدة. وأمام مشكلة عدم التمويل، قرر صالح بإيعاز من فوزية آيت الحاج تأسيس تعاونية، فكان ميلاد تعاونية "مشاهو افرحونن".

أما رئيس الجمعية، حفيظ رحموني، فقد أكد جهله لما هو مسرح قبل أن يلتقي بعمي صالح، مضيفا أنه قرر رفقة أعضاء الفرقة تقديم مسرحية ناطقة بالأمازيغية بكل أنواعها، فتم الاتصال بعبد القادر عزوز من تمنراست وعصام تعشيت من باتنة، وتم تقديم مسرحية "الضحك في الجحيم" عام 2015. من جهتها، أشارت الفنانة فريزة شماخ إلى تغيير الأسلوب الفني الذي كانت سائرة عليه التعاونية، حينما تم تقديم مسرحية "سين. نني" عن نص موحيا والتي عرضت أكثر من 500 مرة، مضيفة أن موحيا يهتم في نصوصه بكل شرائح المجتمع من خلال استعماله للغة بسيطة. وأدار الجلسة الثانية محمد بويش الذي تطرق لى أهمية أن تهتم وزارة الشباب والرياضة أيضا بالمسرح، باعتبار أن الكثير من العروض المسرحية تقدم في دور الشباب. بالمقابل، أكد أهمية المسرح الأمازيغي من خلال قدرته على قراءة تراثنا، فهو مسرح الروح وليس مسرح البهرجة.