البرلمان الأوروبي أمام ساعة الحقيقة بعد الفضيحة ..
إجراءات ردعية لقطع الطريق أمام النواب المرتشين والأنظمة الفاسدة
- 700
مازالت الهزات الارتدادية قوية في أساسات البرلمان الأوروبي شهرا بعد زلزال الرشاوى المغربية التي تورط فيها قبل شهر نواب ورؤساء كتل حزبية، شوّهت سمعة هيئة بحجم وقوة تأثير الهيئة النيابية الأوروبية. ولأن وقع الفضيحة كان مدويا وأصبح السكوت عنها مستحيلا بالنظر إلى جسامة الأحداث التي شلّت عمل البرلمان في قضايا مصيرية لكل أوروبا، تحرّكت رئاسة البرلمان الأوروبي لإصلاح ما يمكن إصلاحه في محاولة أصبحت أكثر من ضرورة، لتلميع وجه النواب الأوروبيين الذين أصبحوا صورة نمطية للرشوة والفساد.
ودخلت رئيسة البرلمان الأوروبي، روبيرتا ميستولا، سباقا ضد الساعة لاستعادة ثقة مفقودة ليس فقط في أوساط الرأي العام الأوروبي ولكن على الساحة الدولية التي أصبحت تنظر إلى نواب الهيئة البرلمانية بعين التوجس والريبة من احتمال تورطهم في الأذية المغربية التي لطخت صورة 626 برلماني، يمثلون375 مليون مواطن أوروبي من 15 دولة عضو. ولأجل ذلك كان عقدت أول جلسة، أمس، في قصر لويز وايس، مقر البرلمان الأوروبي، مع حلول العام الجديد على وقع هذه الفضيحة وكيفية رأب الصدع الذي خلفته، حاولت خلالها رئيس البرلمان المالطية، روبيرتا ميتسولا، إيجاد آلية فعّالة لطي صفحة النواب المرتشين التي شوّهت الصورة الجماعية، لبرلمان كان رمز قوة ووحدة الدول الأوروبية.
وهي المهمة الثقيلة التي تعهدت بها النائب المالطية في الذكرى الأولى لتوليها مقاليد رئاسة البرلمان الأوروبي، على الاضطلاع بها وحتمت عليها، التحرك بالسرعة القصوى لاستعادة الثقة في أكبر هيئة أوروبية منتخبة. ولكن السؤال الذي يطرحه المتتبعون لتداعيات فضيحة "ماروك غيت" وحتى من طرف نزهاء البرلمان الأوروبي، حول كيفية تطهير قصر ستراسبوغ من آثار الفضيحة؟
والمؤكد أن ذلك، لن يمر إلا عبر انتهاج لغة الصراحة وكشف كل الحقيقة مهما كان وقعها ونتائجها، عبر تحقيقات أمنية لفضح مرتشين محتملين مازالوا ينشطون في دواليب قصر ستراسبورغ ، والذين يحتمل أن تكون أجهزة الأمن البلجيكية لم تصل إليهم بعد. ويمكن القول إنه، ومن دون توفر الجرأة الكافية والضرب بالحديد وهو ساخن، فإن رهان رئيسة البرلمان الأوروبي لاستعادة صورة هيئتها تمر حتما عبر نشر الغسيل الداخلي قبل الحديث عن تطهيره وضمان انطلاقة نظيفة تليق ببرلمان بحجم البرلمان الأوروبي.
ولذلك فإن الإسراع في محاكمة، ايفا كيلي، النائب اليونانية ونائب رئيسة البرلمان ونواب مخضرمين آخرين ممن تورطوا في فضيحة "ماروك ـ غيت" يحتّم على العدالة الأوروبية إنزال عقوباتها بشأنهم لردع كل محاولة رشوة مستقبلية وتحذير كل من يستغل كرسي البرلمان لخدمة مصالحه على حساب مصالح الشعوب الأوروبية وشعوب مقهورة في العالم، بسبب العراقيل الذي وضعها المرتشون في طريق إحقاق حقها.
ولم تكن قضية الشعب الصحراوي إلا واحدة من القضايا التي تعمّد النواب المرتشون على طمسها مقابل مزايا وأموال وجولات سياحية في مراكش المغربية وهم الذين لا يفوّتون فرصة إلا واستغلوها لإثارة انتهاك حقوق الإنسان في هذه الدولة أو تلك، ليس قناعة منهم بحماية هذه الحقوق ولكن للتغطية على المنكر المسلّط على الشعب الصحراوي خدمة للنزعة التوسعية المغربية في الصحراء الغربية.
والواقع أن نزهاء البرلمان الأوروبي، هم الذين يتعين عليهم قبل غيرهم، رفع رهان تطهير هيئتهم من خلال تشكيل لجنة تحقيق داخلية لفضح زملائهم الذين تلطخت أيديهم بأموال المخزن المنهوبة من الصحراء الغربية والعمل على رفع الحصانة عنهم تمهيدا لمحاكمتهم، وهو الحل الوحيد المتبقي بين أيدي رئيسة البرلمان لإعادة هيئتها إلى سكة العمل البرلماني النزيه والنظيف.
ليس ذلك فقط، فالبرلمان الأوروبي مطالب أيضا، بالبت في طريقة التعامل مع نظام المخزن المغربي مستقبلا لتورطه في فضيحة شراء، ذمم نواب لم يكن لهم شرف الجلوس على مقاعد هيئة برلمانية شكلت طيلة عقود نموذجا لبرلمانات دولية أخرى قبل أن تتلطخ صورتها قبل شهر من الآن. وتكون رئيسة البرلمان الأوروبي قد فهمت جوهر مهمتها، ما جعلها تسارع إلى عقد اجتماع طارئ مع نوابها ورؤساء الكتل النيابية الذين أعطوها الضوء الأخضر لإصلاح ما يمكن إصلاحه، والأهم من ذلك منع تكراره من خلال إجراءات احترازية ضد تكرار محاولات ارتشاء شبيهة بفضيحة "ماروك ـ غيت" وقطع الطريق أمام المغرب أو أي دولة أخرى.
وهو ما جعلها تؤكد أنها ستعمل بنظام داخلي جديد يحتم على النواب جرد الهدايا التي يتحصلون عليها خلال سفرياتهم إلى بلدان أجنبية واللقاءات التي يعقدونها في إطار مهامهم النيابية مع وضع قائمة عقوبات ردعية ضد المخالفين ضمن إجراءات وصفها بعض النواب النزهاء بأنها تبقى غير كافية، بل يتعين أيضا النبش في حسابات النواب البنكية في بداية مهمتهم في نهايتها، وهي كلها خطوط حمراء يتعين على كل نائب أوروبي عدم تخطيها لتبييض وجه برلمان لم يعد يشرف المنتسبين إليه بعد فضيحة المخزن المغربي.