"لمسات فنّية لتعابير حرّة" بقصر الثقافة

لوحات تصيح بجمال وشجاعة

لوحات تصيح بجمال وشجاعة
  • 1249
 لطيفة داريب لطيفة داريب

16 فنّانا أغلبهم من الجنس اللطيف يعرضون لوحاتهم بقصر الثقافة "مفدي زكريا" في معرض جماعي تحت عنوان "لمسات فنّية لتعابير حرّة" ينظّم احتفاء بالمرأة، تتواصل فعالياته إلى غاية 18 مارس الجاري.

لا يمكن التعبير عن المرأة من وجه واحد أو من جانب محدّد، لأنّ المرأة كائن مركّب حينما نغوص فيه بالكاد نستطيع الخروج منه وإن خرجنا فلن نعود أبدا كما كنها.. في هذا، ارتأت المرأة الفنّانة أن ترسم بنات جنسها وتعبّر عن عمقهنّ وكيف أنّهنّ يمثّلنّ بشكل جميل تراث بلدهنّ من خلال ارتدائهنّ للباس التقليدي ووضعهنّ للحلي الباهرة.

في هذا السياق تشارك أمينة بلامين، بست لوحات ثلاث منها تعرضها لأوّل مرة حسب تصريحها لـ"المساء" وثلاث سبق وأن عرضتها في محافل أخرى، كلّها رسمتها بالتقنية المختلطة أي أنّها تستعمل العديد من التقنيات في لوحة واحدة مثل استعمالها للألوان الزيتية لتلوين جلد الإنسان والشعر والأركيليك في لوحة واحدة. كما استعملت الغواش لإبراز بهاء الألوان في لوحة "تناسق" التي رسمت فيها النصف العلوي لجسد امرأة تضع قناعا يغطي أعينها وتتوسّط كما هائلا من الأشكال مزيّنة بألوان طاغية.

وتهتم أمينة بلامين، بالتزاوج أيضا بين الأسلوب شبه التصويري وجزء تجريدي، وتعرض في هذا المعرض لوحة للمرأة الإفريقية التي رسمتها حسب رؤيتها الخاصة، فرسمتها ببشرة سمراء وليس سوداء وبعينين بلون فاتح لتعبّر بصدق عن المرأة من السكان الأصليين للبلد. من جهتها أرادت فوزية ميرا، إبراز البعد الإفريقي للجزائر فرسمت لوحة "أفريكانا" وغمرتها بألوان تزركش رقبة المرأة الإفريقية الشامخة، وغير بعيد عنها لوحة المرأة المعنّفة، حيث ارتأت الفنّانة تسليط الضوء على المرأة التي تتعرّض للعنف لمناهضة هذه الظاهرة التي انتشرت بشكل رهيب ليس بالجزائر فقط بل في العالم أجمع.

من جهتها تعرض شفيقة فغير، لوحة عنونتها بـ"ثقافة وهوية" رسمت فيها أزقة وأبوابا ومداخل مدينة قديمة قد تكون القصبة، وأدخلت هذه الأشكال فيما بينها في شكل هندسي محكم. أما مريم شعوان، فرسمت في إحدى لوحاتها امرأة تحتمي بمظلة وتغمض عينيها وكأنّها تتأمّل في صمت غضب الطبيعة ومن ثم كرمها حينا تزخ علينا بحبات المطر.

أما رتيبة آيت شافع، فعبرّت عن حب المرأة للزهور وهو أمر شائع فمن السهل إرضاء المرأة بزهور تطفئ غضبها، وهكذا رسمت الفنّانة باقات من الزهور تتدلى من مزهريات كبيرة. في حين رسمت نسيمة أبنون، امرأة ترتدي الحايك وتنظر إلينا بعينيها الجميلتين. بالمقابل تشارك راوية بعرير، بلوحتين وضعت في قلبهما منحوتتين في شكل نساء يرقصن.

أما عفاف مفتاحي، فأكّدت ركيزة المرأة في الحياة فرسمت لوحة "أبواب الحياة" عن امرأة تحتل صدارة اللوحة، وفي لوحة أخرى عنونتها بـ"المرأة البدوية" رسمت امرأة ترتدي زيا تقليديا وتحمل طفلها على ظهرها. في حين رسمت سكينة بوزنون، لوحة "وادي الحريم" ووضعت في عملها هذا الذي تتوسّطه امرأة، العديد من الملصقات في شكل منحوتات جميلة وكأنّها قطع من حلي. أما فهيمة دليس، فجاءت لوحتها "لا شيء جديد تحت الشمس" مشرقة جدا بفعل تمكّنها من التحكّم في الضوء. بينما تشارك أيضا بمجموعة من اللوحات عنونتها بـ"زخرفة". وفي عالم مليكة هناء جيلالي، الكثير من النضارة والحيوية، حيث تشارك بمجموعة من اللوحات عن الطبيعة مثل لوحة حول زهرة الأقحوان وأخرى عن قمم الأهقار، أرفقتها بكتابات تعرّف بها مواضيع رسوماتها. بينما رسمت بديعة ميدات، المرأة الوهرانية والفارس المغوار.

في إطار آخر، لم ترض الفنّانة كريمة صحراوي، أن تشارك في معرض للمرأة من دون نقل صرخة المرأة الفلسطينية، لتعرض بذلك خمس لوحات وضعت في كلّ منها منحوتة على شكل وجه بدون ملامح وأرفقتها بخطوط حمراء رمزا للدم، وكتبت على بعضها "فلسطين قضية منسية، امرأة ثكلى"، وأرفقت أسفلها كتابات أخرى مثل "امرأة فلسطينية تطارد التجاهل المغتصب" و"فلسطين مظلومة، امرأة منكوبة".

بالمقابل، لم يكن رسم المرأة حكرا على المرأة وحسب بل ارتأى الرجل أيضا أن يعبرّ عن احترامه وحبه لشريكته في الحياة، بل يؤكّد بأنّه لولاها لما كان للمعيشة مذاقا ولا حتى وجودا. وهكذا رسم عبد الرحمن أورزقلي، الكاهنة ديهيا، رمزا للمقاومة والشجاعة وملأ لوحته بالرموز البربرية التي تؤكّد عراقة تاريخ بلدنا وتنوّعه الثقافي المهم والثريّ. بينما يشارك عزيز عوالي، بأربع لوحات متشابهة بخلفية برتقالية وأشكال لوّنها بالأبيض، حدّد معالمها باللون الأسود مثل لوحة مرأة على متن سفينة رسم فيها شكل امرأة واقفة في قارب وترفع ذراعها احتماء من الريح.

ولا يمكن تنظيم معرض خاص بالمرأة من دون مشاركة الفنان المرموق أمحمد صالح بارة الذي يعرض في هذه الفعالية أكثر من لوحة مثل سيمفونية ملوّنة التي رسم فيها باقة من الأزهار تحاول التحرّر من سجنها، بينما يغيّر من أسلوبه تماما في أعمال أخرى مثل لوحة الموسيقيات الجزائريات التي رسم فيها مجموعة من النساء يعزفن على آلات موسيقية مختلفة، وحدّد ملامحهنّ بدقة ونفس الأمر بالنسبة لما يحيط بهن حيث دقّق في تفاصيل كلّ جزء من رسمته الجميلة فعلا.