بعد يوم حافل بالأحداث المثيرة والتطوّرات المتسارعة في روسيا

اتفاق بين الكرملين و"فاغنر" يعيد الأمور إلى طبيعتها

اتفاق بين الكرملين و"فاغنر" يعيد الأمور إلى طبيعتها
  • القراءات: 980
ق. د ق. د

هل هدأت العاصفة التي أثارها تحدي قائد مجموعة "فاغنر" شبه العسكرية، يفغيني بريغوجين، أول أمس للكرملين وإعلانه التمرد على الجيش الروسي، قبل أن يخرج الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بتصريحات قوية تصنف بريغوجين في خانة "الخائن" بما صعد مؤشرات صدام مسلح في الأفق الروسي.

سؤال يطرح بقوة وقد عادت الأمور إلى طبيعتها منذ مساء أول أمس في روسيا بعد يوم حافل بالأحداث المثيرة والتطورات السريعة حبست أنفاس الروس ومعهم العالم أجمع الذي تابع بترقب شديد كيف تقدمت قوات "فاغنر" الخاصة نحو العاصمة موسكو من دون أية مقاومة وبلغت مشارفها على بعد 200 كلم، قبل أن تقرر العودة تدريجيا إلى معاقلها من دون إراقة ولو قطرة دم أو إطلاق ولو رصاصة واحدة.

وفي إشارة إلى أن احتواء الطابع الاستعجالي للأزمة قد انتهى ولو ظاهريا، غادر مقاتلو فاغنر أمس منطقتي فورونيج وليبيتسك جنوب موسكو عائدين الى معسكراتهم بعد اعلان الرئاسة الروسية عن اتفاق بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقائد قوات فاغنر، يفغيني بريغوجين، تضمن ضمان شخصي من بوتين لهذا الأخير بعدم ملاحقته قضائيا.  وبحسب المعلومات المتداولة، فقد قرر زعيم فاغنر التراجع عن مسيرته التي سماها بمسيرة "العدالة" والتي كان يهدف من خلالها الى الاطاحة بوزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو وقائد الأركان فليري غيراسيموف، اللذان اتهمهما بالتضحية بعشرات آلاف الجنود من دون أي داع في أوكرانيا.

وجاء هذا القرار بعد اتفاق مع الرئيس الروسي تم بوساطة الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشنكو، الحليف الأوروبي الوحيد للكرملين، هذا الأخير الذي قال بأن يفغيني بريغوجين يجب أن يغادر إلى بيلاروسيا من دون أن يتضح لغاية أمس، ما إذا كان التخطيط لمغادرته يعني نفيه، كما أنه لا يعلم مكان تواجده. 

وأعلنت الرئاسة الروسية أيضا إسقاط الدعوى القضائية المرفوعة ضد بريغوجين والإعفاء عن كل المقاتلين المشاركين إلى جانب الجيش الروسي في حربه في أوكرانيا، حتى وإن رفعوا السلاح ضد الكرملين،  ضمن تفاهمات نظر إليها البعض على أنها "تنازلات" اضطر الكرملين تقديمها لتفادي شرخ داخلي هو في غنى عنه خاصة في مثل هذا الظرف الحساس الذي يخوض فيه منذ أكثر من عام  حربا عسكرية مع جارته الغربية أوكرانيا. ولكن حتى وإن بدت أزمة "فاغنر" قد تمت معالجتها، إلا أن احتواء تداعياتها قد يتطلب وقتا مطولا بدليل أن الغرب المعادي لروسيا سارع لتقديم قراءته في هذه الأحداث على أنها تكشف عن "وجود تصدعات حقيقية على مستوى سلطة بوتين". وهو ما ذهب إليه وزير الخارجية الأمريكية، انطوني بلينكن، الذي اعتبر في تصريحات أمس، أن تمرد قائد فاغنر "شكل تحدياً مباشراً لسلطة بوتين"، مضيفا أن "هذا الأمر يثير تساؤلات كبرى، ويُظهر وجود تصدعات حقيقية".

وأجرت الولايات المتحدة في الساعات 24 الأخيرة مشاورات مكثّفة مع حلفائها الأوروبيين بشأن الأزمة في روسيا، وهي التي كانت قد امتنعت وقتها عن الإدلاء بتعليقات مباشرة على تلك التطورات. حتى أنها أجلت فرض عقوبات على مجموعة "فاغنر" التي تصنفها في قائمة "المرتزقة" مخافة أن يفهم ذلك على أنه انحياز منها للكرملين.