مسرحية "استراحة المهرجين" للمخرج وحيد عاشور
فضح الجانب النفسي المرضي للمحتل الفرنسي
- 823
قدم مسرح قسنطينة الجهوي "محمد الطاهر الفرقاني"، مساء أول أمس الأحد، العرض الشرفي لمسرحية "استراحة المهرجين" للمخرج وحيد عاشور، عن نص للكاتب نور الدين عبة وترجمة جروة وهبي، واستقبله المسرح الوطني الجزائري "محي الدين بشطارزي" في الجزائر العاصمة، متناولا موضوع تعذيب الإنسان في قالب بسيكو - درامي، يكشف عن دواخل الجلاد النفسية.
يأتي العرض تواصلا لشهر المسرح، المقرر لإقامة عروض مسرحية، منتجة خصيصا بمناسبة ستينية استرجاع السيادة الوطنية، وقد اختار مسرح قسنطينة المخرج وحيد عاشور ليجسد مقاربة صعبة، تمثلت في نقل شخصية المهرجين برمزيتها التي تعني الفرح والسرور، إلى رمزية نقيض تعكس العنف والبطش، لكن هل تمكن المخرج من الربط بين الفكرتين؟.
على الرغم من أن الفكرة جديدة ومبهرة، وقد وفق المخرج في إظهار النفسية المريضة للمحتل، لكن ظهرت صعوبة في توصيلها، كيف يتحول المهرج صانع الفرحة إلى جلاد يتفنن في تعذيب الإنسان، حتى وإن كان المقصود هو كشف الوجه الحقيقي للمستعمر، باعتباره آلة إجرامية بامتياز.
تدور أحداث القصة في مسرح، لذلك لم يحتج العمل إلى سينوغرافيا كبيرة قائمة بذاتها، واعتمد على الديكور، عن مجموعة من المهرجين يدلون بحقدهم على الجزائريين ورغبتهم في دفن ثورتهم ضد المحتل الفرنسي، والقضاء على الثوار بأبشع الطرق، عن طريق التفنن في التعذيب والتلذذ به، وصورهم العمل كمرضى نفسيين، يعكس بحق فرنسا الاستعمارية المريضة.
يقوم هؤلاء المهرجون بالقبض على "رشيد" صانع قنابل يدوية وقت الاحتلال، ضمن عمله الثوري، ويحاولون استنطاقه عن مكان قنبلة قد خطط لها، لكنه يلجأ للصمت ويرفض أن يعطيهم أي معلومة بخصوصها، وخلال سيرورة القصة، تتعاطف المهرجة "فرانسين" مع "رشيد"، وترفض كل ما يقوم به فريقها، وهو ما يعكس فكرة أن بعض الفرنسيين وقت الثورة، كانوا ضد الممارسات الإجرامية على الشعب الجزائري.
المسرحية التي دامت أكثر من 90 دقيقة، وهو وقت طويل، أتعب صراحة الجمهور، رغم أن المخرج ذهب إلى تقسيم الحكاية إلى لوحات، لتكون أكثر فعالية، غير أن الجمل المسرحية كانت بطيئة، ما يشعر المتفرج بالرتابة في أحيان كثيرة، إذ كان بالإمكان أن تكون حركة الممثلين على المسرح متماشية مع الحوار وتساق في سياق واحد، لربح الوقت وتجنب الملل.
ويلفت العمل إلى الإضاءة الممتازة التي تكفل بها باسم بوكبوس، إذ كانت عملية وأدت وظيفتها الدرامية بشكل ممتع، والأمر نفسه بالنسبة للموسيقى التي وضعها منير قابوش، الذي أبدع في صناعة أجواء موسيقية متناسبة مع تطور أحداث المسرحية.