نجاحها مرهون بمرونة وتسهيلات المنظومة البنكية

المناطق الحرة.. ترقية التصدير والاستثمار في قلب القارة

المناطق الحرة.. ترقية التصدير والاستثمار في قلب القارة
  • 352
زولا سومر زولا سومر

أكد أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة الجزائر، عبد القادر مشدال، أن استحداث مناطق حرة للتبادل التجاري سيواكب العمل في إطار اتفاقيات السوق الإفريقية الحرة، دعما لجهود الجزائر التي تعتبر بوابة القارة لتوريد السلع الجزائرية وترقية الصادرات الجزائرية، وتسهيل عبور السلع الأجنبية للدول التي ترغب ولوج القارة عبر الجزائر.

ذكر مشدال لـ"المساء” بأهمية الإسراع في تجسيد مشروع مناطق التبادل التجاري الحر التي أقرها القانون الصادر في جويلية 2022، والذي عرض وزير التجارة خلال اجتماع مجلس الحكومة الأخير التقدم المحرز فيه، من حيث الأعمال المباشرة بها والتكفل ببعض الصعوبات. وأشار المختص في الاقتصاد إلى أن انشاء مناطق للتبادل التجاري الحر تعد فرصة الجزائر للنهوض بالتجارة الخارجية والتوغل في الأسواق الإفريقية التي ستعرف أعلى معدلات معتبرة للنمو في السنوات القادمة، ما يسمح للجزائر بأخذ مكانتها في هذه الأسواق عن طريق هذه الآلية.

كما اعتبر محدثنا استحداث مناطق للتبادل التجاري الحر يجعل من الجزائر منطقة عبور بامتياز، بفضل موقعها الجغرافي وعلاقاتها الدبلوماسية والسياسية مع الدول، خاصة مع منظمة “بريكس”، بعد أن عبرت روسيا مؤخرا عن رغبتها في دخول السوق الافريقية عبر الجزائر.

وأكد مشدال أن ترقية الحركية التجارية ودعم الإنتاج والتصدير عن طريق مناطق التبادل الحر يستدعي القيام ببعض الإصلاحات الجبائية والبنكية، بجعل البنوك أكثر مرونة في التعاملات مع المتعاملين التجاريين وتسهيل اجراءات منح القروض، باعتبار أن العمليات التجارية بالمناطق الحرة تحتاج للسرعة في التنفيذ أمام كثافة تدفق السلع، بالإضافة إلى تنويع المنتوجات البنكية بجعل البنوك تتكيف مع خصوصية هذه التدفقات الكبيرة. كما أشار مشدال إلى أهمية دخول بنوك تجارية عالمية لها خبرة في المجال للسوق الجزائرية، لمرافقة هذه المناطق الحرة، وتهيئة البنوك الحالية للقيام بالخدمات التي تحتاجها الممارسات التجارية بالمناطق الحرة.

وأشار محدثنا إلى أهمية اقحام البنوك العمومية التي تسيطر على أكثر من 80 بالمائة من الودائع المالية، في هذه العملية، مع تنويع منتوجاتها وتقديم الاستشارة، معتبرا دخول هذه المناطق الحرة حيز الخدمة فرصة للبنوك لرفع رأسمالها.

وأضاف بأن المناطق الحرة تتطلب أيضا مرونة في مجال التوطين البنكي بمنح تسهيلات لأي بلد يرغب في العبور منها، مع توفير أقل تكاليف للمتعاملين باعتبارها منطقة معفية من الضرائب، إلى جانب المنظومة التأمينية التي تبقى هي الأخرى مطالبة، حسبه، بتوفير التغطية لمختلف المتعاملين الاقتصاديين، مع التوجه نحو فتح مكاتب للتحكيم الدولي معتمدة لدى الهيئات الدولية مثل المنظمة العالمية للتجارة.

وذكر مشدال بأن مناطق التبادل التجاري الحر لها عدة امتيازات من حيث تخفيض التكاليف والتشجيع على زيادة عدد الموردين وتنويع المنتوجات في المنطقة، بالإضافة الى تشجيع بعض الصناعات التي يمكن أن توجه مباشرة للتصدير. كما تساهم في تنويع السلع وجعل الأسعار أكثر تنافسية، مع امكانية تزويد السوق بمنتوجات جديدة بفضل التسهيلات التي توفرها، سواء كانت منتوجات نهائية أو منتوجات نصف مصنعة لاستعمالها في تطوير الصناعة.

وأكد مشدال أن نجاح هذه المناطق يتوقف على مدى التحضير الجيد لها، خصوصا من الجانب اللوجيستي، باعتبارها ستكون جذابة للنشاط التجاري بفضل المزايا التي تمنحها للمتعاملين في مجال تنظيم وتأطير نشاط التصدير، مذكرا بأن فكرة المناطق الحرة في الجزائر كانت موجودة من قبل وتم إحياؤها بعد تبني السلطات العمومية استراتيجية سياسة التنويع الاقتصادي، والتصدير خارج المحروقات، والتوجه نحو الأسواق الأفريقية وبخاصة دول الجوار، الساحل الأفريقي. حيث تم اصدار قانون خاص بها السنة الماضية للتعجيل باستحداثها. ويرى مشدال أن لجوء الجزائر إلى المناطق الحرة جاء بعد نجاعة التجربة في عديد الدول، بما فيها الدول العربية مثل الامارات العربية المتحدة.