بعد تولي رئيس الحرس الرئاسي السلطة

النيجر تلتحق بركب مالي وبوركينافاسو

النيجر تلتحق بركب مالي وبوركينافاسو
  • القراءات: 842
ص. محمديوة ص. محمديوة

نفس سيناريو التغييرات غير الدستورية التي شهدتها مالي وبوركينافاسو خلال العامين الماضيين، يتكرر بنفس الخطوات والإجراءات والخلفيات والتداعيات في النيجر، التي تعيش على وقع انقلاب أطاح قبل أربعة أيام بنظام الرئيس المنتخب ديمقراطيا، محمد بازوم، الذي لا يزال قيد الاحتجاز داخل القصر الرئاسي بالعاصمة نيامي.

ففي بيان تلاه أمس، رئيس الحرس الرئاسي، الجنرال عبد الرحمان تشياني، عبر التلفزيون الرسمي النيجري، والذي قدم نفسه على أنه رئيس ما أسماه بـ"المجلس الوطني لحماية الوطن”، برر هذا الأخير انقلاب مؤسسته على نظام بزوم بـ"تدهور الوضعية الأمنية” وأيضا لسوء تسيير الوضع الاقتصادي في بلد يعد واحدا من أفقر دول العالم. 

واعتبر الرجل الأول الجديد في النيجر، بأنه في عهد الرئيس بازوم، كان يروج لـ “خطاب سياسي يريد الإيهام بأن كل شيء على ما يرام.. مع أن الواقع مرير بكل ما يتضمنه من قتلى ومهجرين وذل وإحباط”. وبحسبه فإن “المقاربة الأمنية الحالية لم تسمح بتأمين البلاد على الرغم من التضحيات الجسيمة التي قدمها النيجريون والدعم المقدر والتقدير من شركائنا الخارجيين”.

وهي الحجة التي رفعها الانقلابيون الذين حظيوا بدعم الجيش النظامي في عزل الرئيس بازوم، أحد آخر حلفاء فرنسا والغرب في منطقة الساحل الإفريقي التي تشهد بلدانها منذ السنتين الأخيرتين، تغييرات جذرية غذاها رفض شعبي متنام لكل ما هو فرنسي سرعان ما انتقلت عدواه حتى إلى المستوى الرسمي.

واتهم الانقلابيون فرنسا التي تنشر 1500 من جنودها في النيجر بعد طردهم من مالي وبوركينافاسو، بتعطيل إجراء غلق الحدود على إثر هبوط  طائرة عسكرية بالمطار الدولي في نيامي، قالت مصادر إعلامية، إنها أرسلت من أجل إجلاء الرئيس بازوم.

ودعوا الجميع إلى احترام الإجراءات المعلن عنها ومن بينها غلق الحدود وتعليق عمل الأحزاب السياسية، كما حذّروا من مغبة أي “تدخل عسكري خارجي” بعدما اعتبروا ما يحدث في النيجر شأنا داخليا لا يهم إلا النيجريين أنفسهم.

واستشعرت فرنسا خطورة ما يحدث في النيجر على مصالحها، بما جعلها تؤكد رفضها القاطع الاعتراف بالطغمة العسكرية التي تولت زمام السلطة في هذا البلد، وقالت إنها لا تزال تعتبر محمد بازوم المنتخب ديمقراطيا الرئيس الوحيد لجمهورية النيجر.

ولفرنسا أن تقول ما تريد، وأن تتخذ من الإجراءات ما تشاء باعتبار أن الصورة واضحة في النيجر التي تحذو نفس حذو مالي وبوركينافاسو في الانعتاق من التبعية لباريس، التي لا طالما أدرجت مستعمراتها القديمة في إفريقيا ضمن مجالها الحيوي الذي لا يجوز لأي جهة دخوله.

ولكنها اليوم، تفقد هذا المجال تباعا ويتراجع دورها بشكل كبير لصالح قوة أخرى هي روسيا، التي رأت فيها بعض بلدان الساحل الرافضة للإملاءات الفرنسية أنها الشريك المناسب للمضي قدما في استراتيجياتها ومخططاتها لانتشال نفسها من “الاضطرابات الأمنية” التي تعصف بها، وتحقيق الاستقرار والتنمية المفقودين في هذه الدول منذ استقلالها عن فرنسا ستينيات القرن الماضي. 

من جهة أخرى، وبعكس مواقف غالبية العواصم الدولية والغربية والهيئات الدولية والاقليمية التي أدانت بشدة الانقلاب، ودعت إلى الإفراج الفوري عن رئيس النيجر المحتجز داخل القصر الرئاسي في العاصمة نيامي، منذ الاربعاء الماضي، خرج قائد مجموعة “فاغنر” الشبة عسكرية لروسية، يفغيني بريغوجين، الذي خرج عن صمته منذ غيابه على الساحة على إثر محاولة التمرد الفاشلة التي قادها نهاية جوان الماضي، على الكرملين ليصف في تسجيل صوتي بأن “ما يحدث في النيجر ليس سوى نضال شعب النيجر ضد المستعمرين الذين يحاولون فرض قواعدهم عليه”.