أكد أهمية الأرقام المسجلة في الاقتصاد الكلي.. الخبير عبد الرحمان هادف:
الجزائر تدخل مرحلة جديدة للحاق بالاقتصادات الناشئة
- 446
❊ المؤشرات الجديدة تكشف حجم النشاط والبرامج التنموية في الجزائر
❊ عمل اقتصادي كبير يبرز من خلال تحقيق قفزة في الناتج الداخلي الخام
أكد الخبير الاقتصادي عبد الرحمان هادف أن مؤشرات الاقتصاد الكلي المعلن عنها في خطاب رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، خلال القمة الروسية – الافريقية، دلالة على التحسن في الحركية الاقتصادية وفي مستوى معيشة المواطن ودليل على دخول "مرحلة جديدة"، معربا عن اقتناعه بأن الجزائر تملك كل المقومات لبلوغ مستويات الدول الناشئة، حالما يتم انجاز المخططات التنموية المبرمجة.
وقال هادف في تصريح لـ"المساء" تعقيبا على الأرقام التي أفصح عنها الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمان، خلال قراءته لخطاب رئيس الجمهورية في سانت بطرسبورغ، والتي جاء فيها تحقيق الجزائر لـ225 مليار دولار كناتج داخلي خام و4800 دولار كدخل فردي خام، أن هذه المؤشرات تعطي صورة عن النشاط الاقتصادي والحركية الاقتصادية التي تعكس البرنامج التنموي في الجزائر.
وأوضح، من جانب آخر، أن الأرقام المعلن عنها تؤكد وجود "عمل كبير ونسبة نمو كبيرة في السنتين الأخيرتين، برزت في تحقيق قفزة في الناتج الداخلي الخام، الذي انتقل من معدل 160 مليار دولار إلى 225 مليار دولار، وهو نفس الأمر بالنسبة للناتج الفردي الخام الذي يعد دلالة على ارتفاع المستوى المعيشي للمواطن، ونفس الشيء بالنسبة لمؤشر التنمية البشرية الذي شهد ارتفاعا مثلما هو الشأن في المؤشرات الاجتماعية، وهو دلالة على تحسن الوضع".
من جهة أخرى، اعتبر محدثنا أن هذه المؤشرات تعد "مقدمة لمرحلة جديدة"، لكون الجزائر تعمل اليوم على اللحاق بركب الدول الناشئة التي بلغ ناتجها الخام الداخلي مستوى يعادل أو يفوق 800 مليار دولار وناتج فردي خام يفوق 16 ألف دولار، معربا عن اقتناعه بأن تحقيق مثل هكذا أرقام "في متناول الجزائر"، شريطة تجسيد كل المخططات التنموية وإنجاح مشروع التحول الاقتصادي، "الذي من المفروض أن يسمح بمساهمة أكبر للقطاعات الاقتصادية المنتجة، خاصة الصناعة والزراعة واقتصاد المعرفة، في الناتج الداخلي الخام".
ولذلك، أكد الخبير ضرورة تكييف السياسات الصناعية مع مشروع التحول الاقتصادي الذي باشرته الجزائر، مذكرا بدعوة رئيس الجمهورية في مناسبات سابقة للارتقاء بالقطاع الصناعي، الذي لا يساهم اليوم إلا بقدر ضئيل في الناتج الداخلي الخام بنسبة لا تفوق 5 بالمائة، حيث شدد الرئيس على ضرورة رفع هذه النسبة إلى معدل 10 بالمائة أو أكثر.
ومن هذا المنطلق، وتعليقا على خطة العمل الجديدة التي أعلن عنها وزير الصناعة والإنتاج الصيدلاني علي عون مؤخرا، اعتبر هادف أن ذلك يعد خطوة ضرورية لمرافقة بعض الشعب والمجالات التي فيها إمكانية خلق الثروة وخلق مناصب العمل والنمو، لافتا إلى أهمية مرافقة الصناعات التحويلية والغذائية والنسيجية بالخصوص، لكن بنظرة مغايرة تقوم على "مفاهيم جديدة".
وأوضح في السياق أن نجاح أي خطة يتطلب اندماج الصناعة الوطنية في سلسة القيم الدولية، في إطار "الثورة الصناعية الرابعة" القائمة على التحكم في التكنولوجيات الحديثة ولاسيما الرقمية، وإدماجها في كل مراحل التصنيع من الإنتاج إلى التسيير وحتى التسويق، وهو ما يتطلب، وفقا لتحليله، "عصرنة أدوات الإنتاج وحوكمة التسيير والمقاربة التجارية".
وبرأي محدثنا، فإن نجاح خطة وزارة الصناعة، يتطلب كذلك وجود "تناسق كبير" مع القطاعات الأخرى، خاصا بالذكر، قطاع "المالية" الذي قال إن له دورا هاما في تمويل الاقتصاد من خلال وضع سوق مالية جديدة وصناديق استثمار وتطوير بورصة الجزائر، وقطاع "التجارة" الذي أكد ضرورة مواكبته للسياسات الصناعية للسماح بتزويد الصناعة بمواد أولية أو مواد نصف مصنعة بطرق سلسة وأكثر سهولة، وكذا وضع إجراءات تسمح للمؤسسات الصناعية بتسويق منتجاتها بسلاسة.
كما تطرق إلى أهمية توفير بيئة جديدة للاستثمار، يتم من خلالها تهيئة كل الظروف لجعل هذه البيئة "محفزة ومرافقة للاستثمار الصناعي"، ولاسيما بوضع العقار تحت تصرف المستثمرين والمرافقة في تجسيد المشاريع الصناعية ومشاريع التوسعة، مع العمل على جذب الاستثمارات الأجنبية بشكل مباشر أو عن طريق الشراكة.
وقال في هذا الصدد "لابد من العمل بسياسات صناعية جد محفزة، تخرجنا من المقاربة القديمة التي كانت تعنى بكل القطاعات وليس فيها توجه واضح، اليوم مثلا نتحدث عن صناعة السيارات فلابد من بعث صناعات لمدخلاتها كالبطاريات والأجهزة الحاسوبية المركبة والتحكم في التكنولوجيات الحديثة في هذا المجال. كذلك الحال بالنسبة للصناعات التحويلية لاسيما الغذائية، فمن الضروري العمل بتناسق بين قطاعي الفلاحة والصناعة لتوسعة المساحات الزراعية والرفع من قدرات الإنتاج الزراعي من جهة، ومواكبة ذلك صناعيا بتوفير مؤسسات للتحويل، من جهة ثانية".
وأكد الخبير بأن تنفيذ مثل هذه الإجراءات، سيمكن من الارتقاء بالاقتصاد الوطني إلى مستويات أعلى، ليكون في مستوى الاقتصادات الناشئة، بمقومات موجودة وتنتظر فقط مقاربة تعمل على الرفع من التنافسية وعصرنة أدوات الإنتاج والاندماج في سلسلة القيم العالمية لاقتحام الاسواق الخارجية.