هروباً من صخب الشواطئ واكتظاظها

الحدائق العمومية ملاذ العائلات العاصمية

الحدائق العمومية ملاذ العائلات العاصمية
  • القراءات: 532
 نسيمة زيداني نسيمة زيداني

في الوقت الذي تشهد شواطئ العاصمة وضواحيها إقبالا منقطع النظير من عشاق البحر، على الراحة والاستجمام، الذين يتوافدون عليها من جميع ولايات الوطن بهدف قضاء عطلة صيف ممتعة، تفضل العديد من العائلات العاصمية التوجه نحو الحدائق العمومية والمنتزهات من أجل الترويح عن النفس، والابتعاد عن زحمة الشواطئ، وصخب المدن؛ فقد أصبحت الحدائق والمنتزهات العامة المتنفس الوحيد لها في ظل غياب مراكز الترفيه والتسلية، حيث يستطيع الأطفال الاستمتاع فيها، وقضاء أوقات شيقة مع العائلة.

يعكس توافد العديد من الأسر على المنتزهات العامة، رغبتها في كسر الروتين اليومي، خاصة في هذه الأيام الأخيرة من العطلة الصيفية؛ إذ يحاول بعض الآباء قضاء أكبر وقت ممكن مع أطفالهم قبل العودة إلى مقاعد الدراسة. وقد تجولت "المساء" في بعض الحدائق العمومية والمنتزهات المتواجدة بالعاصمة، فلاحظت الإقبال المتزايد من العائلات، التي فضلت اصطحاب أطفالها للترفيه عن النفس، في أحضان الطبيعة العذراء التي توفرها هذه الفضاءات الخضراء رغم الحرارة المرتفعة.

الحدائق ملجأ الكبير والصغير

كانت وجهتنا الأولى حديقة "المكان الجميل" بالحراش؛ حيث أكدت إحدى السيدات كانت رفقة بناتها المتزوجات وأحفادها، أنها تقصد منتزه العاصمة باعتبارها مسنّة، وتحتاج إلى رياضة المشي بشكل يومي، كما طلب منها الأطباء؛ لأنها تعاني من بعض الأمراض وآلام المفاصل... وتتجه إما إلى حديقة "المكان الجميل" بالحراش، أو إلى منتزه وادي السمار، أو حديقة الحامة من أجل المشي. كما ذكرت أنها تعاني من مرض السكري، وأن المشي يساعدها في القضاء على آلام المفاصل.

كما أكد رب أسرة التقيناه رفقة زوجته وابنه الصغير، أن هذه الحديقة رغم النقائص، إلا أنها توفر للزوار الهدوء والسكينة الذي اعتبره الغائب الأكبر عن الشواطئ؛ ما يجعل الزائر يستشعر جوا مفعما بالبهجة، ومليئا بالفرح. وحدّثنا متقاعد عن الحديقة قائلا: "في السنوات السابقة كان جل المترددين على الحديقة شيوخا متقاعدين، يأتون إليها من أجل الاستمتاع بالمناظر الطبيعية؛ لأن السكان كانوا يفضلون  الشواطئ. أما اليوم فالملاحَظ أن الأمر انقلب، وأصبح كثير من العائلات تأتي إلى الحديقة عوض الذهاب إلى الشاطئ. والسبب أن هذه الأخيرة أصبحت تعجّ بالمصطافين؛ ما يخلّف ضوضاء وفوضى، خاصة أن المكان أصبح، أيضا، وجهة للباعة المتجولين، الذين "زادوا الطينة بلة". كما ترتاح الأسر في الحديقة بدون شعور بالحرج...".

حركة دؤوبة بقلب العاصمة

وخلال زيارتنا حديقتي "الحرية" و"بيروت" بقلب العاصمة، لاحظنا عدة مزايا لهذين المرفقين، على غرار الهدوء والسكينة رغم ضجيج الطرقات ودخان السيارات المحيطة بهما. كما إن التصميم الهندسي للحدائق وشكلها المائل، يجعل الزائر يتخيل أنه يتسلق جبلا، ناهيك عن مناظرها الخلابة والمختلفة، فبمجرد دخول الزائر الحديقتين يلاحظ صخرة عملاقة على شكل شلال، تتوسط بركة من الماء الطبيعي على شكل حوض للأسماك، ومن ثم يصعد السلالم المبنية على الطريقة الرومانية، والتي تحفّها أشجار مختلفة باسقة ممتدة إلى عنان السماء، تصدُر منها زقزقة العصافير التي تعشش فوقها. وفي كل هذا يتأكد داخل هذين الفضاءين، أنهما مقصد للعائلات بامتياز.

وأكدت لـ "المساء"إحدى المواطنات تقطن بالحي المجاور، أن الحدائق تبقى ملجأ العائلات للتنزه، وتناول الغداء، والمرح، والهروب من ضغوطات العمل والمشاكل العائلية.

"تونس" و"تيفاريتي" وجهة مفضلة

تُعد حديقة "تونس" بالأبيار من أشهر الحدائق في العاصمة. ولاحظنا أنها أكبر بقليل من الحدائق سابقة الذكر، حيث تحتوي على ألعاب ميكانيكية خاصة بالأطفال، وبعض الحيوانات، مثل البط والوز، في وقت عادت الحركة والحيوية إلى هذه الحديقة التي كانت عنوانا للاعتداءات سابقا، لكن عودة النظام والأمن إليها أعادت لها مكانتها وسط حدائق العاصمة، حسب ما أكد لنا أحد الأعوان وجدناه بمدخل الحديقة، قال لـ "المساء" إن حديقة "تونس" أصبحت تستقطب عددا هائلا من العائلات، خصوصا في أيام العطل ونهاية الأسبوع، لا سيما بعد عملية التهيئة التي خضعت لها؛ إذ تغتنم العائلات توفرها على الألعاب لاصطحاب الأطفال؛ قصد المرح، واسترجاع الأنفاس من أجواء الدراسة، ومع ذلك فهي بحاجة إلى حضور دائم لدوريات الشرطة؛ من أجل الحفاظ على الهدوء، وسلامة المواطنين، كما أضاف.

وأكد مواطن وجدناه داخل الحديقة رفقة أبنائه، أن حديقة تونس هي منتزه "العاصميين"؛ لما تحتويه من مناظر طبيعية خلابة، فلا بد للعائلات التي تزور هذه المساحة الخضراء، أن تحافظ على نظافة المحيط، وتعتني بجمال وسحر الطبيعة.

ولا يختلف المشهد في حديقة "تيفاريتي" الواقعة في شارع كريم بلقاسم "تيليملي سابقا"، عن باقي حدائق العاصمة؛ إذ تشهد إقبالا معتبرا من العائلات، خصوصا في الفترات المسائية ونهاية الأسبوع بالنظر إلى احتوائها على ألعاب تستهوي الأطفال، وتنسيهم ضغط البقاء داخل المنازل.

وفي كل ذلك سجلت "المساء" عودة الإقبال على المساحات الخضراء والحدائق العمومية من قبل العائلات، التي ترى مثل هذه الفضاءات العذراء بديلا مميزا عن شواطئ البحر.