باتنة تراهن على سوق عيد الخريف بتكوت

تظاهرة ثقافية واجتماعية بأبعاد سياحية

تظاهرة ثقافية واجتماعية بأبعاد سياحية
  • 448
ع. ب ع. ب

يراهن سكان تكوت الواقعة على بعد 90 كلم جنوب شرق باتنة، على تظاهرة سوق عيد الخريف التي انطلقت مساء أمس لتدوم إلى غاية 30 أوت الجاري؛ لجعل بلديتهم النائية وجهة سياحية بامتياز؛ فلم تعد هذه المناسبة العريقة التي أعطاها شباب ومثقفون نفَسا جديدا في السنوات الأخيرة، تنمّ، فقط، عن إصرار كبير على المحافظة على الموروث الثقافي الذي تزخر به الجهة، وإنما أصبحت كل الآمال معلقة عليها؛ للتعريف أكثر بالمعالم والتحف المعمارية التي مازالت صامدة فيها منذ قرون إلى حد الآن؛ مما ينعش التنمية المحلية بها.

وفي هذا الصدد، قال الحرفي والمنتخب المحلي يعقوب بزالة، بأن هذا المسعى يعزز فوز هذه البلدية السنة الجارية بجائزة أحسن دشرة في المسابقة الولائية التي نظمتها مديرية السياحة والصناعة التقليدية في طبعتها الأولى.

فهذه البلدية، يضيف المنتخب المحلي، "تكتنز تراثا هاما جديرا بالتثمين والاستغلال؛ من ذلك الدشرة القديمة التي تمتاز بتضاريسها ومناظرها الطبيعية الخلابة، وتراثها المعماري والعمراني الأصيل، الذي اعتمد السكان في إنشائه على مواد محلية بسيطة، زادت من جمال بناياتها وانسجامها مع البيئة والمحيط المحليين".

وإلى جانب البساتين المتناسقة والقلاع أو المخازن الجماعية (ثقليعث) وبعض الآثار الرومانية، يردف السيد بزالة، يتواجد بتكوت مسجدان عتيقان بتصاميم عريقة محلية؛ الأول مسجد سيدي عيسى بقرية جارالله المشيَّد منذ أزيد من 6 قرون على ضريح ولي صالح، والثاني يعود لأكثر من 4 قرون، وبُني أيضا على ضريح الولي الصالح سيدي عبد السلام.

ومن جهته، يرى مسعود محمدي، رئيس الجمعية الثقافية "إذلس تامزغا"، أن "هامغرا نتمنزوث" أو سوق عيد الخريف يُعد المناسبة التي كانت ومازالت تشكل موعدا للفرح والبهجة، تبرز فيها بقوة العادات والتقاليد المختلفة على وقع الأغاني التراثية الأصيلة، والألعاب الشعبية التي تزيدها الألبسة التقليدية رونقا خاصا؛ من ذلك البرنوس، والملحفة التي عادة ما تزيَّن بالحلي الفضية المميزة للجهة.

مساعٍ لإضفاء صبغة وطنية على التظاهرة

ويتجدد سعي منظمي تظاهرة سوق عيد الخريف بتكوت، لجعلها ذات بعد وطني في كل مرة، بعد أن تعدى صداها ولاية باتنة ومنطقة الأوراس، وأصبحت منذ سنوات، تجذب الزوار والعائلات من العديد من الولايات.

وأكد في هذا الشأن منتخبون محليون وناشطون في العديد من الجمعيات الثقافية والرياضية المحلية ومن بينهم عمار جعره رئيس نادي الطيران الشراعي "هامدة الأوراس" لتكوت، أن جهودا تُبذل من أجل تحسين التظاهرة من سنة إلى أخرى، وستكون مميزة وثرية في طبعة 2023 التي انطلقت مساء أمس السبت، لتستمر إلى غاية 30 أوت الجاري، حيث تم تمديدها، لأول مرة، من 3 إلى 5 أيام.

وسيتسنى لضيوف المدينة خلال هذه الفترة، اكتشاف خصوصيتها وما تزخر به من تراث مادي ولا مادي، بالتوازي مع موعدها التجاري والاقتصادي العريق الذي ينظَّم بوسط البلدية، وتُعرض فيه مختلف السلع والمنتجات، لا سيما الخضر والفواكه الموسمية التي تشتهر بها المنطقة.

وتُعد هذه التظاهرة بالنسبة لسكان تكوت، حسب ابن المدينة رئيس جمعية ثيللي نيمعذار أو حرية المعاق، هشام برحايل، موعدا هاما للساكنة، دأبوا على إحيائه سنويا وفق تقاليد توارثوها أبا عن جد، وحافظوا عليها بدون أن تفقد بريقها.

ويقول في هذا الخصوص الباحث والمختص في التاريخ القديم الدكتور جمال مسرحي من قسم التاريخ بجامعة باتنة 1، إن "عيد سوق الخريف بتكوت يُعد حدثا اقتصاديا ومظهرا أنتربولوجيا؛ حيث كان ومازال يشكل عامل تواصل بين سكان تكوت والمناطق المجاورة لها".

وتمثل هذه التظاهرة، كذلك، بأبعادها المختلفة الاقتصادية والاجتماعية، وأيضا الثقافية، يضيف ذات الجامعي، إحدى مكونات الموروث الثقافي والحضاري الذي تزخر به منطقة الأوراس ككل، والذي يستدعي الاهتمام به، والمحافظة عليه كعامل هام في الترويج السياحي، وإنعاش التنمية، عموما، بالولاية والمنطقة.