المحلّل والخبير في العلاقات الدولية باديس خنيسة:

مبادرة براغماتية لتفادي خيارات هيستيرية نيوكولونيالية

مبادرة براغماتية لتفادي خيارات هيستيرية نيوكولونيالية
المحلل والخبير في العلاقات الدولية باديس خنيسة
  • 413
مليكة. خ مليكة. خ

الجزائر تعتمد دبلوماسية الحقّ والإدارة الحكيمة في الدفاع عن مصالح شعوب القارة

بفتحها قنوات حوار مع كل الأطراف تسعى الجزائر لإيجاد حلّ قاري جهوي

وصف المحلل والخبير في العلاقات الدولية باديس خنيسة، أمس، مبادرة الرئيس تبون لحلّ أزمة النيجر بالطرح البراغماتي لإنهاء الانسداد السياسي في النيجر والعودة إلى النظام الدستوري بإشراك شامل لكل الأطراف الفاعلة من بينها المجتمع المدني، عبر حوار بناء وخارطة طريق سلسلة تدريجية تتجسد في مرحلة انتقالية مدتها 6 أشهر.

أوضح الخبير في اتصال مع "المساء"، أن هذه المقاربة تحمل شروطا أولية تجعل الحلّ العسكري في  النيجر لا محل له من الإعراب وغير مسؤول، بما أن كل السبل والمسالك السلمية لم تنفذ  بعد. وأشار إلى أن الجزائر بفضل دبلوماسية الحق والإدارة الحكيمة ووفق مبدأ الدفاع عن المصالح العامة للشعوب الإفريقية، أضافت في بوصلة دبلوماسيتها فصلا جديدا في مسارها الدبلوماسي المتميز  والمليء  بالمحطات الناجحة، موضحا بأنها على وشك كتابة تاريخ الساحل وإفريقيا من خلال قوة اقتراحها في حلحلة النزاعات والمشاكل، مثلما برهنت عليه في الماضي عبر اتفاقية مالي وخارطة الطريق بليبيا.

من هذا المنطلق يرى الخبير في العلاقات الدولية أنه من خلال  قوة اقتراحها في تسوية الملف النيجري، فإن موقف الجزائر يتسم بالجرأة والاستشراف والمسؤولية، ما يحصن ويصون أمن واستقرار المنطقة  والقارة  ككل، مضيفا أنه حتى الغرب  يعتبر أن أي انزلاق أمني في النيجر من شأنه أن يحدث زلزلا ذو سمات جيوسياسية وجيوأمنية  تصل تردداتها إلى أوروبا بتداعيات وخيمة، مع فتح باب مجهول  من شأنه أن يغير وجه العالم  أكثر عبر الهجرة غير الشرعية وانتشار الجريمة المنظمة وغيرها من الآفات.

واعتبر المحلل أنه ليس غريبا اليوم أن تحظى مبادرة الجزائر بدعم دولي سواء من قبل الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تريد  فتح باب آخر للحرب والعنف في إفريقيا ومن ثم المساس بمصالحها وقواعدها العسكرية، علما أن لها قاعدة في النيجر تحت اسم (202)..ولكن أيضا لمساندة مبادرة منطقية يفهمها الجميع بلغة السلم والسلام، والأمر ذاته بالنسبة لإيطاليا التي لها ثقل كبير في اوروبا وتساند مبادرة الجزائر، مضيفا بأن مبادرة الجزائر تهدف إلى تفادي خيارات هيستيرية ذات طابع نيوكولونيالي وامبريالي، مع ضرورة أن يكون الحل إفريقيا. وذكر في هذا الصدد، بالموقف المشرف والوجيه للدبلوماسية الجزائرية التي رفضت فتح مجالها الجوي لأي تدخل عسكري أجنبي، عكس المخزن الذي سارع إلى الانبطاح كبيدق لمشروع لئيم لحساب غرف مظلمة من أجل إبقاء المنطقة في حالة توتر دائم، مع تبنيه استراتيجية الفوضى الخلاقة، كأداة لفكّ الوحدة الافريقية ووضع حد لرياح التحرر التي تهب اليوم على  القارة.

وأشار الخبير في العلاقات الدولية إلى أن الانتشار الدبلوماسي الماراطوني  للجزائر هو بمستوى الرهانات و لتحديات الحالية ، مضيفا أن لغة السلم والسلام قد انتصرت في إفريقيا بانتصار مبادرتها، كون مجموعة "الايكواس " شاركت وشاطرت المبادرة، خصوصا ما يتعلق بالمرحلة الانتقالية ، مما يعد اعترافا دوليا لا غبار عليه بأن الجزائر لعبت ولازالت تلعب دورا استراتيجيا في الملف النيجري. وأوضح أن الجزائر فتحت قنوات حوار وتشاور ونقاش مع كل الأطراف بطريقة شاملة من أجل ايجاد حل قاري جهوي.

من جهة أخرى، يرى المتحدث أن سلسلة الانقلابات التي تعرفها القارة تأتي في سياق بروز نظام سياسي واقتصادي دولي جديد  والذي بدوره أظهر تلقائيا نشوء قارة جيو سياسية بقوانين لعبة جديدة وبمبادئ مناقضة للمنطق الانفرادي للغرب واحتكاره لباقي دول العالم كالدول الافريقية، مشيرا في هذا الصدد إلى أن الجزائر كدولة وسيطة ووسطية وأساسية في المعادلة القارية تتمتع  برصيد ثقة والتزام لا ينكره إلا جاحد، ملاحظا بأن الولايات المتحدة  لم تتوقف عن إرسال إشاراتها الايجابية للجزائر كتأكيد على اتفاقها وتوافقها العلني مع الجزائر ومبادرتها السلمية، ليخلص إلى أن قوة نفوذ الجزائر مع جيرانها وجودة علاقاتها التاريخية المرتكزة على مبادئ حسن الجوار تجعلها تلعب دورها كدولة أساسية في المنطقة.