معرض نور الدين قيشو برواق "محمد راسم"
"ترانيم الخفراء".. قصة تحولت إلى لوحة فمعرض
- 649
هي قصة أغرب من الخيال، منحوتة طبيعية لامرأة تحمل طفلها وتخفض رأسها خجلا، اكتشفها الباحث عبد المجيد دعاشي في الوادي البارد بسطيف، والتقط صورة لها وعرضها لصديقه الدكتور الفنان نذير بوطالبي، الذي تواصل بدوره مع الفنان نور الدين قيشو، ليقوم برسمها، وحتى إهداء معرضه المقام حاليا برواق "محمد راسم" لها، تحت عنوان "ترانيم الخفراء".
كيف لمنحوتة ظاهرة للعيان لم تُكتشف إلا هذه السنة؟ سؤال ربما لا نجد له إجابة، ولكن ما يهمنا القصة التي رواها لنا الفنان قيشو، الذي قال، إن القرية التي يوجد فيها شلال وادي البارد لم تكن معروفة عند العامة، فقد كانت مغلقة ولا يلجأ إليها إلا سكانها، لكن مع نزوح الكثير منهم إلى المدينة، خاصة خلال العشرية السوداء، أصبح من الممكن زيارة هذه القرية والاستمتاع بجمالها الأخاذ والتنعم بشلالاتها الرقراقة، ومع ذلك، فلا أحد اكتشف هذه المنحوتة، إلا هذا العام، من طرف ابن المنطقة، عبد المجيد دعاشي.
وواصل نور الدين حديثه، أن عبد المجيد أخبره بأنه حينما كان يسكن في هذه القرية، كانت النساء يذهبن إلى ينبوع بالقرب من الشلال، يملأن جرارهن بالماء، وكان ذلك بعد العصر، حيث ينعزلن هناك في راحة تامة، بعيدا عن كل الرجال الذين كانوا يُمنعون من الذهاب إلى الشلال في ذلك الوقت، والغريب أن منحوتة "الخفراء" التي تظهر امرأة خجولة تحمل طفلها، تظهر بشكل أوضح بعد العصر تماما، فيا لها من صدفة.. عجيبة!.
وهكذا، قرر الفنان نور الدين رسم لوحة عن الخفراء، بعد أن تواصل معه الفنان نذير بوطالبي، وأبعد من ذلك، فقد أهدى كل معرضه لها، خاصة أنها ضمن تراث سطيف، المدينة التي ينحدر منها الفنان، والذي يعرض معظم لوحاته عنها في هذا المعرض الذي تدوم فعالياته إلى غاية 24 أكتوبر الجاري.
يعرض قيشو في معرضه الفردي الثالث من نوعه بالعاصمة، بعد أن نظم العديد من المعارض داخل وخارج الجزائر، ومشاركته في المعارض الجماعية أيضا، العديد من اللوحات حول سطيف خصوصا، وتحديدا عن طبيعتها، بما أنه عاشق للطبيعة ومحب لرسمها في كل حالاتها. علاوة على أن الفنان ابن بيئته، وهو ابن قرية "اولاد عيسى" التابعة لسطيف، والتي تقع على حدود جيجل وبجاية.
وهكذا رسم الفنان طبيعة سطيف بجبالها ومساجدها، والعديد من مناظرها الجميلة، باستعمال تقنية الرسم الزيتي، مثل رسمه لجبال البابور وشلال وادي البرد والثلوج وبني ورتيلان وغيرها، أما بخصوص اللوحات التي رسمها بأسلوبي التجريدي وشبه تجريدي فاستعمل فيها تقنية الأركيليك.
وعن رسمه للوحات في الفن التجريدي، قال نور الدين قيشو لـ«المساء”، إنه أحيانا يرغب في أن يكون غامضا، فيرسم لوحات تجريدية، مثل اللوحة التي يعرضها في هذه الفعالية، مضيفا أنه رسم أيضا لوحات شبه تجريدية، من بينها لوحة رسم فيها المسجد العتيق لسطيف، ونجمة وهلال، وفي لوحة أخرى رسم سفينة تتصارع مع الأمواج. كما أشار إلى الفيض من الترحيب الذي وجده من الفنانين، حينما رسم الفن التجريدي، حيث قيل له، إنه إذا أراد الوصول إلى العالمية، فعليه الاستمرار في رسم مثل هذه اللوحات، لكن نور الدين يجد نفسه أكثر في رسم الطبيعة.
بالمقابل، في أغلب الأحيان يرسم نور الدين مناظر طبيعية أعجبته، مثلما هو حال مناظر تخص سطيف، وأخرى لبجاية وباتنة وجيجل وغيرها، فيقوم بالتقاط صور لها، ثم يرسمها، لكن في بعض الأحيان يرسم من الخيال. وفي رده على سؤال “المساء”، حول قلة رسمه للإنسان، قال نور الدين، إنه لا يرغب في رسم الناس، بل الطبيعة، في حين شكت “المساء”، بأنه لا يحب كثيرا رسم الإنسان، لأنه في أغلب الأحيان عدو للطبيعة ومفسد لها. كما رسم نور الدين لوحتين عن سلطنة عمان، ثمرة تربصه في هذا البلد لمدة عامين، علما أنه متخصص في الديكور والنحت، مثل لوحة حول مدينة “مطرح” السياحية.