يقترحون زيادة الإنتاج لتفادي ارتفاع الأسعار ..خبراء:
مراجعة السياسة النقدية لمواجهة التضخم وصون القدرة الشرائية

- 274

أكد المختصان في الاقتصاد عبد القادر مشدال وامحمد حميدوش أن تحسين القدرة الشرائية للمواطن يتطلب اتخاذ اجراءات اقتصادية فعالة، تخص السياسة النقدية، قصد تسيير التضخم بطريقة ديناميكية، حتى لا يتجاوز معدل النمو، مع زيادة الانتاج وتحسين شبكة التوزيع لتفادي ارتفاع الأسعار بسبب الندرة والمضاربة.
في هذا الإطار، أكد الأستاذ في الاقتصاد بجامعة الجزائر عبد القادر مشدال في تصريح لـ«المساء” أمس، أن الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن يتطلب اتخاذ جملة من التدابير، أهمها تحقيق وفرة في الانتاج وتحسين شبكة التوزيع الخاصة بكل السلع، لتفادي ارتفاع الأسعار والمضاربة التي عادة ما تكون الندرة أو الخلل في التوزيع أحد أسبابها المباشرة. ويرى محثنا أن صيانة القدرة الشرائية للمواطن في ظل ارتفاع الأسعار في السوق الدولية وعدم استقرار الأوضاع العالمية تتطلب تدابير حمائية في مجال تسيير الكتلة النقدية من طرف بنك الجزائر، الذي يمكنه، حسبه، التدخل لإعطاء امكانية تساهم في إحداث استقرار في أسعار الصرف، على الأقل عند الاستيراد، حتى لا يسجل ارتفاعا في السلع المستوردة وذلك قصد التمكن من تسيير التضخم بطريقة ديناميكية. وأشار إلى أنه بالرغم من انخفاض نسبة التضخم من 10 بالمائة سنة 2022 إلى 7 من المائة هذه السنة 2023، غير أن الأمر يتطلب تدابير اضافية لخفض النسبة إلى أقل من 5 من المائة، حتى لا تتجاوز معدل النمو، للتمكن من تجسيد دعم حقيقي للقدرة الشرائية.
وبرأي الأستاذ مشدال، فإن الحكومة بإمكانها اللجوء إلى هذه الإجراءات ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2024 لصون القدرة الشرائية للمواطن، مثلما طالب به رئيس الجمهورية خلال مجلس الوزراء الأخير، حيث أشار في هذا الصدد إلى أن الحكومة وضعت تصورا يقضي بزيادة حجم الميزانية المخصصة للتحويلات الاجتماعية بهدف دعم الاستهلاك، وامكانية الزيادة في الأجور في 2024 لدعم القدرة الشرائية للمواطن، غير أن التوجيهات التي قدمها رئيس الجمهورية تفرض على الجهاز التنفيذي، كما قال، إيجاد عناصر أخرى لدعم القدرة الشرائية، باعتبار أن التحويلات الاجتماعية وزيادة الأجور وحدها تبقى غير كافية في ظل ما تعرفه السوق الدولية وانعكاساتها على الجزائر.
من جهته أكد الخبير في الاقتصاد أمحمد حميدوش أن المشكل في ارتفاع الأسعار والتضخم هو طرح كتلة نقدية كبيرة، من خلال تخصيص انفاق حكومي يهدف إلى تمويل ميزانية تسيير التحويلات الاجتماعية والبرامج الاستثمارية، حيث تعادل هذه الميزانية 100 مليار دولار، مع العلم أن الدخل الوطني القومي يعادل ضعف هذه الميزانية أي 206 مليار دولار، وبالتالي فإن الكتلة النقدية المطروحة والواردة من الخزينة، لا يمكن أن تستوعبها السوق، كون الإنتاج غير كاف والاستيراد أصبح محدودا.
$وأشار إلى أن الكفيل الوحيد لاحداث التوازن في العرض والطلب هو السعر، وبالتالي فهذه الميزانية الضخمة تبقي الضغط على الأسعار إلى غاية مراجعتها. واعتبر حميدوش أن زيادة الأجور يمكن أن يكون حلا لتحسين القدرة الشرائية، لكن قد يكون لها "أثرا سلبيا على المدى المتوسط، لأن الأسعار قد ترتفع بالنظر إلى رفع الأجور"، ليبقى الحل، حسبه، في السياسة النقدية "التي يجب اتخاذ تدابير بشأنها، وبإمكانها تخفيف حجم الكتلة النقدية من خلال رفع أسعار الفائدة، حتى يتسنى للمؤسسات وأصحاب الأموال البحث على موارد مالية من خلال رفع الادخار". غير أن محدثنا أشار إلى أن هذا الحل يبقى ظرفيا إلى حين انخفاض التضخم ،لأنه يقلل من الكتلة النقدية من جهة، ويكبح الاستثمار من جهة أخرى. وعليه يبقى من المتوقع، حسبه، انتهاج سياسة نقدية رشيدة تتوجه نحو أسعار فائدة قد تفوق 10 من المائة.