حملات مبكرة لمحاصرة "القاتل الصامت"

منظمات حماية المستهلك تستنفر المؤسسات لإيجاد البدائل

منظمات حماية المستهلك تستنفر المؤسسات لإيجاد البدائل
  • 686
 نسيمة زيداني نسيمة زيداني

أجهزة الإنذار لم تعمَّم بعد والتدفئة المركزية حل آمن

جنون الأسعار يضرب أجهزة التدفئة قبل حلول موسم البرد

المواطنون: بحث متواصل عن تجهيزات جيدة بأسعار معقولة

التجار: المنتوج المحلي أغلى سعرا لكنه أكثر أمنا

اقترحت جمعية حماية المستهلك "أمان"، تغيير نظام التدفئة بالغاز إلى التدفئة المركزية كحل جذري، للحد من ضحايا "القاتل الصامت" التي تسجَّل كل سنة، موضحة في نفس الوقت، أن تركيب جهاز الإنذار كمرافق لجهاز التدفئة الذي تم اقتراحه السنة الماضية، ضروري جدا، ومؤكدة أنه لم يعمَّم بعد على جميع البيوت؛ لذا قررت الجمعية مراسلة مؤسسة "سونلغاز" للاطلاع على العدد الإجمالي لأجهزة الإنذار المستعملة إلى حد الآن.

أكد رئيس جمعية "أمان" حسان منور لـ " المساء"، أن نظام التدفئة المركزية يقضي، تماما، على مشكل تسرب الغاز، موضحا أنه حان الوقت لتقنين الأسعار، ومشيرا إلى أن أسعار التدفئة المركزية منذ سنة 2014، تراجعت مقارنة بالسنوات الماضية؛ قال: "نأمل أن تصبح الأسعار في متناول الجميع؛ لكي نتمكن من تغيير الذهنيات، والقضاء على نظام التدفئة بالغاز. ونطلب من وسائل الإعلام مساعدتنا في نشر هذه الفكرة". واعتبر أن الحملات التحسيسية المنظمة منذ أزيد من 20 سنة، لم تغير الوضع، بل زادت الأمر سوءا مع تواصل ارتفاع عدد الضحايا من سنة إلى أخرى، موضحا في نفس الوقت، أن هناك إخفاقا جماعيا للحملات العادية التي تنظم كل سنة من قبل الجمعيات ومختلف المصالح، رفقة وسائل الإعلام والمجتمع المدني.

وقال منور: " حان الوقت لاقتراح حلول تقنية، مثل ما تم اقتراح مرافقة أجهزة التدفئة بجهاز الإنذار (كاشف أحادي أكسيد الكربون) السنة الماضية، بقرار من رئيس الجمهورية، والذي لقي استحسانا كبيرا من قبل المواطنين "، موضحا في نفس السياق، أن التهوية وفتح النوافذ ليسا حلا جذريا للمشكل، لا سيما أن العديد من العائلات ترفض فتح النوافذ بسبب الحشرات الطائرة كالبعوض، وحتى لتفادي الضجيج خارج المنزل.

كما تحدّث المسؤول عن ضرورة تكوين الرصّاصين، ومرافقتهم بشهادة اعتماد لتركيب أجهزة التدفئة؛ لأن غياب الخبرة والكفاءة يضاعف حجم المشكل، مشيرا إلى أن جمعية "أمان" انطلقت شهر أوت الماضي، في تحسيس المواطنين بضرورة حسن اختيار الرصّاص صاحب الكفاءة، بالإضافة إلى صيانة وتنقية الأجهزة قبل تركيبها.

"حماية المستهلك" تشدد على اقتناء الجهاز الكاشف

شدد رئيس جمعية حماية المستهلك مصطفى زبدي، من جهته، في حديثه إلى " المساء"، على ضرورة تشجيع المواطنين على اقتناء الجهاز الكاشف عن تسرب غاز أحادي أكسيد الكربون، واختيار أحسن جهاز مسوَّق، لجعله في متناول المواطنين، ووضع حد لحوادث الاختناقات التي أودت بحياة عائلات بأكملها.

وقد اقترحت الجمعية - حسب المتحدث - على الشركة الوطنية للكهرباء والغاز، إدراج سعر هذا الجهاز ضمن 3 أو4 فواتير استهلاك الكهرباء والغاز؛ حتى يتسنى للمواطن اقتناؤه بسعر معقول. كما أرجع المتحدث هذه الحوادث المتكررة، إلى غياب ثقافة المراقبة الدورية لهذه التجهيزات وصيانتها وتنظيفها من أعشاش الطيور، مشيرا إلى أن سلوك المواطن بإغلاق جميع منافذ التهوية وتركيب، في بعض الأحيان، تجهيزات غير موجهة، ساهم في تفاقم هذه الظاهرة، من خلال وقوع كوارث لا يُحمد عقباها في العديد من الأحيان، وناصحا العائلات بتحمل شدة البرد بدل اقتناء تجهيزات لا تخضع للمقاييس؛ حفاظا على حياة أفرادها.

الأحياء الجديدة أكثر عرضة للاختناقات بالغاز

وقفت "المساء" على بعض الحقائق من خلال حديثها مع بعض المواطنين، الذين أكدوا أن الأحياء الجديدة أكثر عرضة لاختناق السكان بالغاز، وغالبا ما يزيد إقبالهم على شراء أجهزة التدفئة مع حلول فصل الشتاء، أو عند حصولهم على سكن جديد في إطار توزيع السكنات، ويكون ذلك مصحوبا، في الغالب، بمخاوف؛ لما تسببت فيه الحوادث المتكررة والمتزايدة لاختناقات الغاز في البيوت، حيث تحوم الشكوك حول سلامة هذه الأجهزة، وتفادي المغشوش منها. وأضافوا: " بات اختيار المدفأة عند شرائها صعبا جدا "، بسبب بحث المواطن عن الجمع بين الجودة والسعر المناسب للحصول على منتج أكثر أمنا، وأقل خطرا، في ظل محدودية الإمكانيات المادية، وانهيار القدرة الشرائية، وما يصاحبه من انتعاش ملحوظ في بيع المدافئ مقارنة بالسنة الماضية.

أسعار المدافئ تتضاعف...

كشفت الزيارة التي قادت "المساء" إلى سوق الحميز، شرق العاصمة، أن أسعار المدافئ هذه السنة تضاعفت بشهادة المتسوقين، سواء تعلق الأمر بمدافئ مشغلة بمادة الغاز، أو الكهرباء. وتختلف الأسعار حسب الجودة، والشكل، وبين المحلي والمستورد، حسب ما لوحظ في عين المكان؛ حيث تعرض بعض المحلات علامات أجنبية وأخرى محلية. وتتراوح الأسعار ما بين 5 ملايين سنتيم و18 مليون سنتيم بالنسبة للأجهزة الألمانية، والتركية.

وأكد التجار لـ"المساء" أن بعض العائلات تفضل المدفآت بأشكال مداخن تقليدية، وهي الأغلى، موضحا في نفس الوقت، أن بعض المواطنين يفضلون المنتوج المحلي الذي يُعد أقل تكلفة، حسبهم، ليتفاجأوا هذه السنة بارتفاع الأسعار أضعافاً عن العام الماضي؛ إذ وصل سعر المصنّع المحلي، إلى 7 ملايين سنتيم.

ويرى أحد المواطنين كان يتفحص عددا من هذه الأجهزة في أحد محلات الحميز، أن المستوردة من ألمانيا أكثر أمنا؛ فرغم أن سعرها مرتفع قليلا لكنها ذات جودة، حسبه، فيما أكدت سيدة وجدناها بالسوق، أنها تثق أكثر في العلامات محلية الصنع.

وإلى جانب مدافئ الغاز توجد أخرى كهربائية، تشتغل بتسخين الزيت في كل الأحجام الممكنة. وتختلف أسعارها بفارق سعر يقارب مليون سنتيم بالنسبة للأنواع التي يقترحها مجمع جزائري خاص، أو تلك المستوردة من الصين أو بعض الدول الأوروبية، يقول أحد التجار.

وأوضح بائع آخر في نفس السوق يعرض أجهزة تدفئة مصنوعة محليا من قبل المؤسسات الوطنية العمومية "سوناريك" و«أونيام" أو الخاصة، الكائن مقرها ببرج بوعريريج، وسطيف، ووهران وتبسة، قائلا: "من المعروف أن الأجهزة المصنوعة في الصين مقترحة بأسعار تنافسية جدا "، غير أن جودتها ضعيفة مقارنة بالأجهزة المصنوعة محليا.

الجهاز الكاشف للغاز أكثر طلبا

ولأن الغاز أصبح سببا وراء إزهاق كثير الأرواح، لاحظت "المساء" أن المواقع التجارية تعرض كواشف الغاز بمختلف الأنواع، وهي وإن تعددت أشكالها وتباينت أحجامها، إلا أنها تقوم بالكشف والتنبيه عن تسرب غاز البوتان وغاز أحادي أكسيد الكربون. وتتمتع بصفارات إنذار. وتتسم غالبيتها بسهولة تركيبها، ومنها المستوردة من السويد وتركيا والصين، يقول أحد التجار.

وعن الأسعار فهي لا تختلف كثيرا عن المحلات، فتتراوح ما بين 2000 و5000 دج؛ إذ تَحوّل جهاز كاشف تسرب الغاز إلى واحد من أكثر الأجهزة طلبا من قبل المواطنين؛ سواء في المحلات أو المواقع الإلكترونية التجارية، وهذا عقب ارتفاع أعداد ضحايا القاتل الصامت التي ترتفع من سنة لأخرى.