"حداثة النص الشعري".. للدكتور ناصر باكرية
من جنوح البلاغة إلى اقتضاب "الهايكو"

- 744

يعود الدكتور ناصر باكرية في كتابه الجديد "حداثة النص الشعري من جنوح البلاغة إلى اقتضاب الهايكو، قراءة في تجربة عاشور فني "، إلى مساءلة الحداثة وتطبيقاتهـا في الشعر الجزائري، محاولا رصد التجريب والتحوّلات في تجربة الشاعر عاشور فني. ويتناول الكتاب الصادر عن دار "الوطن اليوم"، تجربة الهـايكو وقضايا الحداثة، في مطارحة نظرية، وجانب تطبيقي في تحوّلات النص الشعري الجزائري.
يشير الدكتور ناصر باكرية في مقدمة إصداره الحديث، إلى أن الشعرية الجزائية اتجهت على يد أسماء كثيرة، صوب المغامرة في ارتياد عوالم الحداثة، حيث شكلت ملمحا بارزا في النتاج الشعري لشعراء الجزائر منذ بداية حركة الشعر الحر حتى اليوم؛ ما دفع برصد هذه الظاهرة وحركيتها وتحولاتها لدى الشاعر عاشور فني؛ باعتباره أحد الشعراء الجزائریین الأكثر استمرارية في الكتابة، والأكثر نزوعا نحو التجريب.
وقد حرصت الدراسة على تسلیط الضوء على بعض ملامح الحداثة في شعر عاشور فني، من خلال مدوّنته الشعریة المكوّنة من أربعة دواوین شعریة، هي، على التوالي، "زهرة الدنيا"، و " رجل من غبار"، و " الربيع الذي جاء قبل الأوان" و " هنالك بين غيابين يحدث أن نلتقي".
وسعت هذه الدراسة التحليلية في فصلهـا الأول، إلى كشف بعض ملامح الحداثة في نماذج من الخطاب الشعري الجزائري، وكیفیة تجلياتها فيه، اعتمد فيها الباحث على منهج مركّب، حاول المزج بين بعض آليات المنهج السيميائي من جهة، والمنهج الأسلوبي من جهة أخرى. كما عمد في أحيان أخرى، إلى الاشتغال على آليات التناص كمنهج نقديّ قائم بذاته.
ولم تخلُ هذه الدراسة من استخدام بعض أدوات المنهج التاريخي في جانبها النظري؛ إذ حاول الشاعر والباحث ناصر باكرية تتبّع مسارات الحداثة وتاريخها في الثقافة العربية والغربية. وعلى ذلك فقد انقسمت هذه الدراسة إلى أربعة فصول، ابتداء من المطارحات النظرية، فالتطبيقية؛ حيث تطرق الفصل الأول لاقتفاء وتتبّع مصطلح الحداثة في النقد العربي قديما وحديثا، والفروقات بينها وبين الحداثة الغربية مشاكلة واختلافا، إضافة إلى مبحث حول إشكالات التجريب في الشعر الجزائري المعاصر.
وفي الفصل الثاني ناقش التشكيل، وآليات الكتابة عن طريق استجلاء أبعاد الحداثة من خلال آليات العنونة، وحداثة الإيقاع، وشعرية قصيدة الومضة "الهايكو ". وكرّس الباحث الفصل الثالث لدراسة الانزياح، وشعرية اللغة، وحداثة التشكيل الطباعي، متبعا آليتي التقديم والتأخير والإضافة، مع إدراج الفضاء الطباعي ضمن مبحث الانزياح باعتباره انزياحاً. أما الفصل الرابع فتناول دراسة الحداثة واستراتيجية التناص وفقا لتناص المتن مع القرآن الكریم، والأدب والأساطیر.