المفوّض الأممي لحقوق الإنسان يحذّر
يجب ألا تصبح مأساة السودان في طي النسيان

- 632

حذّر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، من أن الأزمة في السودان "مأساة يبدو أنها انزلقت إلى طي النسيان على المستوى العالمي واتسمت بتجاهل خبيث للحياة البشرية".
في حديثه خلال الحوار التفاعلي المعزز حول السودان في سياق الدورة 55 لمجلس حقوق الإنسان المنعقدة بمدينة جنيف السويسرية، دعا المسؤول الأممي المجتمع الدولي للعمل من أجل منع المزيد من الفوضى في هذا البلد العربي الذي يتخبط في صراع داخلي دام منذ منتصف شهر أفريل الماضي.
وقال تورك إن "الجيش السوداني وقوات الدعم السريع يخوضان قتالا عنيفا منذ 11 شهرا، خلّف مقتل الآلاف وخلق مناخا من الرعب المطلق وأجبر الملايين على الفرار كما فقد عديد العاملين في المجال الإنساني والصحي حياتهم أثناء عملهم في مرمى النيران من أجل مساعدة المحتاجين".
وشدّد المسؤول الأممي على ضرورة أن تتفق الأطراف المتنازعة على العودة إلى السلام دون تأجيل، مشدّدا على أهمية محاسبة مرتكبي الانتهاكات والتجاوزات المروعة لحقوق الإنسان دون تأخير.
وأشار إلى أن تقريره، الذي قدمه لمجلس حقوق الإنسان، يسلّط الضوء على مجموعة من الانتهاكات والتجاوزات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان التي ارتكبتها الأطراف المتنازعة في السودان في الفترة بين أفريل وديسمبر 2023. كما يفصل التقرير الانتهاكات الجسيمة التي تتطلب التحقيق والمساءلة وعديد هذه الانتهاكات قد ترقى إلى جرائم حرب أو جرائم وحشية أخرى.
وأوضح أن الأساليب العدوانية للأطراف تم توثيقها بشكل جيد وشملت هجمات متعدّدة وعشوائية تستهدف المناطق والمباني السكنية وتم استخدام الأسلحة ذات التأثيرات واسعة النطاق حتى في المناطق الحضرية ذات الكثافة السكانية العالية والتي يتم إطلاقها من الطائرات المقاتلة والطائرات المسيرة والدبابات".
وهو الأمر الذي أسفر عن تدمير البنية التحتية المدنية الحيوية مثل المستشفيات والمدارس وخلف آثارا ستدوم لسنوات قادمة على الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم. وفي نفس السياق، أعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان عن صدمته إزاء تزايد الدعوات المنادية بتسليح المدنيين بمن فيهم الأطفال، محذرا أن هذه الممارسات تشكل انتهاكا صارخا للبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة والذي يعد السودان ملزما به.
وفي حديثه عن المساعدات الإنسانية، أكد تورك أن الوضع في السودان أصبح كابوسا، مشيرا إلى أن ما يقرب من نصف السكان، بما يعادل 25 مليون شخص، في حاجة ماسة إلى المساعدات الغذائية والطبية، فيما خرجت نحو 80% من المستشفيات عن الخدمة.
ونبّه إلى أن المنع المتعمد، على ما يبدو، للوكالات الإنسانية من الوصول الآمن وبلا عوائق داخل السودان يشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي وقد يرقى إلى مستوى جريمة حرب، مجدّدا الدعوة للأطراف المتنازعة إلى الوفاء بالتزاماتها القانونية من خلال فتح الممرات الإنسانية دون تأخير قبل فقدان مزيد من الأرواح.
وقتل منذ منتصف شهر أفريل الماضي ما لا يقل عن 14 ألف و600 شخص وأصيب 26 ألفا آخرون ونزح الملايين من ديارهم، بما في ذلك إلى البلدان المجاورة، فيما وصف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الصراع الدائر منذ أكثر من تسعة أشهر بين الجيش وقوات الدعم السريع بأنه أحد أسرع الأزمات العالمية نموا.