الفنان المصور رياض دحماني لـ"المساء":

لفن التصوير ضوابط على مُمارسها إتقانها

لفن التصوير ضوابط على مُمارسها إتقانها
الفنان المصور رياض دحماني
  • القراءات: 464
لطيفة داريب لطيفة داريب

كان الفنان المصور رياض دحماني يُحضر لتنظيم معرضه الفردي الثاني، حتى تلقى اتصالا من مصالح ولاية الجزائر، تطلب منه تجسيد مشروعها، المتمثل في التقاط صور لمعالم رممتها وأعادت تهيئتها، فتحقق ذلك ونتج عن ذلك 15 صورة، تعرض حاليا بالمدرسة العليا للفنون الجميلة، على أن يتم تقديمها لاحقا بكندا وفرنسا.

تحدث رياض دحماني لـ"المساء"، عن ولوجه فن التصوير عام 2015، ليقوم بعد سنوات قليلة، بتكوين مصورين سبقوه في هذا المجال، لأن محدثنا انطلق في هذا العالم الجميل من بداياته، أي من الجانب النظري، فقرأ كتبا عن فن التصوير وأبحر في الأنترنت، بحثا عن كل معلومة تخص هذا الفن، معتبرا إياه -مثل أي مجال- يخضع لضوابط وقوانين. وهكذا تعلم أصول فن التصوير، ولم يكن يتردد في أن يعرض صوره على المصورين المحترفين، لتصحيح الأخطاء التي كان يرتكبها، مشيرا إلى أهمية أن يتقن الفنان المصور قواعد التصوير، وهذا قبل أن يعتمد على رؤيته الفنية في هذا المجال.

أضواء على الجزائر

أما عن معرضه هذا، فقد انبثق من مشروع مصالح ولاية الجزائر لتصوير المعالم التي رممتها بالعاصمة، ورضي الفنان أن يوقف تحضيرات معرضه الثاني، والانتقال إلى مشروع جديد، بغرض تعريف الجمهور بتراث يعود أغلبه لقرون من الزمن. ويضم المعرض المشترك بين الفنان المصور رياض حمداني وولاية الجزائر، والذي ترعاه وزارة الثقافة والفنون، 15 صورة تعرض حاليا بالمدرسة العليا للفنون الجميلة، على أن تعرض لاحقا بمونتريال الكندية في 26 ماي الجاري، بدعوة من جمعية "مفاتيح الثقافة الجزائرية، ومن ثم في المعهد الجزائري بباريس في 7 جوان المقبل. 

بالمناسبة، قدم دحماني لـ"المساء"، معلومات عن معرضه هذا، الذي يعرض فيه ست صور عن قبو الجزائر العاصمة الذي يقع بساحة الشهداء، والذي لا يعرف كنهه أغلب الجزائريين. التقط له صورا من زوايا مختلفة، بالألوان وباللونين الأبيض والأسود فقط، مبرزا تفاصيله الساحرة وحجارته التي تعود إلى الفترة العثمانية، وكذا متاهاته وخطوطه الرئيسية التي تقود إلى نقطة تسرب.

في هذا قال "أردت التقاط صورة لجزء من القبو غارق في العتمة، وضعت فيه شركة "كوسيدار" مصابيح، في إطار الأشغال التي تقوم بها، لكن هذه الإنارة لم ترق لي، لأنها بدون ظل، لهذا طلبت من هذه الشركة إطفاء مصابيحها، وفي نفس الوقت، دعوت مصالح الولاية لتزويدي بكشاف ضوئي، لكي أتمكن من التقاط صور بتقنية الظل، حتى تظهر بشكل أجمل وأعمق، وهو ما تحقق فعلا".

وقبل أن ينتقل الفنان إلى صور أخرى، سلط دحماني الضوء على باب من القبو، كرمز للانتقال إلى موضوع ثان مليء بالإنارة في معرضه "أضواء على الجزائر" يتمثل، بداية، في لوحة التقطها بمتحف باردو، تظهر فيها امرأة ترتدي "الحايك"، تجلس بالقرب من نافورة، وترمز إلى الحياة، في حين يقابلها رجل يقف بالقرب من بناية مورسكية، يرمز بدوره إلى أساس البيت، كما يرتدي لباسا عاصميا مشكلا من سترة الشنغاي، وقبعة بحرية وسروال جينز "ريفلي" وحذاء أبيض.

صور أخرى عن معالم مرممة من ولاية الجزائر، مثل رواق ملاكوف، الذي يضم مقهى العنقا بجواره مبنى في غاية الجمال، بعد إعادة تهيئته، وكذا غرفة التجارة بالعاصمة، ومقر البرلمان ودار الولاية وبريد الجزائر وغيرها. واختار رياض دحماني أن يلتقط بعض صوره باللونين الأبيض والأسود، باعتبار أن كثرة الألوان في الصورة الواحدة مرهقة للعين، كما اختار مثلا، وقت اجتماع والي ولاية الجزائر بالبرلمانيين ليلا، ليلتقط صورة جميلة.

وعن سبب تصويره لقطعة من رصيف وشرفة حديدية في صورة الولاية، قال محدث "المساء"، إن هذا الجزء من الصورة يعد المشهد الأول للصورة، والذي يساهم في تقسيمها، وهو ما يجب أن يتوفر في الصورة، أي وجود مشهد أول وموضوع رئيسي وخلفية. كما اعتبر أن التقاط صور لأشياء تعبر عن مرور الزمن، أو حتى عن الطبيعة، مثل التراب، عادي، ولا ينقص من جمال الصورة، بل يضفي عليها الأصالة، لكن هذا لا يعني أنه لا يحذف أشياء تسيء إلى موضوع الصورة، خاصة التي لا يمكن نزعها بالأيدي، مثل قارورة زجاج أو بقايا سجائر. أي أنه يُدخل بعض الرتوشات اللازمة على الصور. وابتغى الفنان إتمام معرضه بصورة تجريدية عن مقام الشهيد، التقطها من أسفل المعلم، وكأنها تلوح من اليسار إلى اليمين، فالأعلى، مبينا فيها ألوان علم الجزائر.

للإشارة، التقط رياض دحماني صورا خاصة برحلته إلى مدينة جانت، وضعها على موقعه الالكتروني، بالإضافة إلى صور عن مختلف ولايات الوطن، شارك ببعضها في معارض جماعية. أما عن معرضه الفردي الأول الموسوم "ريحة دزاير"، الذي عرضه برواق "راسم" عام 2022، قال الفنان، إنه عرض فيه صورا عن عادات وتقاليد العاصميين، مثل الصورة التي رسم فيها رجلا يرتدي "الشنغاي" ويجلس مقابل البحر، تحوم فوق رأسه طيور النورس، وبالقرب منه سينية الشاي وقلب اللوز.

هل يلتقط رياض دحماني صوره بعفوية؟، يجيب الفنان بـ«لا"، والدليل أن هذه الصورة التي ذكرها سابقا، انتظر فيها اقتراب النورس من الرجل، وكذا حلول غروب الشمس، وهو ما كلفه أكثر من ساعتين من الزمن، ليؤكد أن كل صوره يستغرق إنجازها ساعات من الزمن، إلا صورة واحدة التقطها في عشر دقائق.