تعد رمزا للأصالة وفضاء للإصلاح بين الناس

قصور تندوف إرث عريق في طريق الزوال

قصور تندوف إرث عريق في طريق الزوال
  • القراءات: 548
علي سالم لفقير علي سالم لفقير

تتوفر ولاية تندوف على عدة شواهد تاريخية، تعود إلى العصور القديمة، منها قصور تاريخية مبنية بمادة "الركز"، وهي الأرض المدكوكة، وهي عبارة عن خليط من التراب والتبن، وتتميز القصور العتيقة في تندوف، بالهندسة المعمارية التي تتمازج فيها الحضارات الإسلامية والمغاربية، من أقواس ومداخل وأزقة ضيقة، وساحات مبنية بالجريد ومسقفة بالخشب، يجتمع فيها أعيان المنطقة لفض النزاعات والمشاكل التي قد تحدث بين العائلات والأسر. 

تحتوي القصور القديمة بتندوف، على زوايا وخزائن للمخطوطات والوثائق التاريخية، التي تحكي بين طياتها تاريخ القوافل التجارية ومحاضر تدريس القرآن الكريم، يبقى أن نشير إلى أن تلك القصور ما تزال شاهدا تاريخيا عريقا، يحتفظ بماضي تندوف القديم ويجمع بين أصالة ومعاصرة سكانها.

الناظر اليوم إلى واقع تلك المواقع الأثرية، يجد أن معظمها اكتسحه الإسمنت وغير ملامحه القديمة والأصلية، ولم تعد نهكة ماضيها باقية، رغم قدمها وتاريخها العريق، كدار "الديماني الوسري" بحي القصابي، والتي لم تعد سوى ذكرى عابرة ولحظة مختزلة من عمر مدينة كانت عامرة ذات يوم، تحمل بين ثناياها رموز الأصالة وعبق التاريخ.

تناثرت أشلاء القباب، وضاقت الأرض بالزقاق، وتقلصت المسالك واضمحل بريقها بين طيات العصرنة والحداثة، آثار قديمة تحكي بين جدرانها آلاف الحكايات وتؤرشف لماض عريق، صنعه علماء أفذاذ، رحلوا تاركين وراءهم محابر جفت بتقادم الزمن، ومخطوطات تاريخية أنهكها وطأ البعوض والحشرات. وأمام هذا الوضع، يناشد مشايخ تلك القصور القديمة، الهيئات المعنية، بالأمر للإسراع في حفظ ما تبقى من آثار حي الرماضين وحي موساني العتيق، والتي أصبحت أشلاء تذروها الرياح.

وتتعالى من جهة أخرى أصوات الجمعيات المعنية بالتراث والتاريخ، بخصوص حماية ما تبقى من الذاكرة الجماعية لسكان تندوف، وتخصيص دراسات معمقة لصيانة تلك الآثار التي باتت عرضة للتلف وعوامل الطبيعة والتآكل والاندثار.

وقد تميزت مساكن تندوف القديمة بالبساطة، كونها بُنيت بمادة الركز، وهو الأرض المدكوكة، كما هو الحال بالنسبة لقصبات تندوف القديمة، أبرزها قصبة أهل العبد بحي الرماضين، وقصبة أهل بلعمش بحي موساني العتيق، أو دار الديماني الوسري بحي القصابي؛ لهذا تأخذ مباني تندوف القديمة لون التربة التي صُنعت منها مواد البناء، وهو اللون البُني، كما تم الاعتماد على بعض أنواع الحجارة المتوفرة بالمنطقة، لإنشاء مختلف العمائر، كالبيوت والمساجد التي لم تُعرف بكثرة الزخارف، ولم يتم الإفراط في تزويدها بالنوافذ والأبواب، إلا بالقدر الذي تتطلبُه الحاجة إلى ذلك، وعادة ما كانت النوافذ تأخذ شكلًا مربعًا أو مستديرًا من دون تزويق ولا تنميق.