"عندما يغني الحرف للجزائر" بفضاء "بشير منتوري"

الجسر الكبير يجمع شتات أهل القول والقوافي

الجسر الكبير يجمع شتات أهل القول والقوافي
  • القراءات: 652
مريم. ن مريم. ن

استضاف فضاء "بشير منتوري"، أول أمس، لقاء بعنوان "عندما يغني الحرف للجزائر"، في إطار الاحتفال بعيد استرجاع السيادة الوطنية، جمع كوكبة من الشعراء الذين قرأوا للوطن ولفلسطين، وفي أجواء عائلية حارة، انبعثت أنغام القمبري معبرة عن الأصالة وتاريخ الأجداد.
جرى اللقاء بالتنسيق مع مكتب "بيت الشعر الجزائري" بالعاصمة، وكان ضيف الشرف، الشاعر المعروف عبد القادر مكاريا (الأمين العام لبيت الشعر)، وافتتح اللقاء العازف مولود محيوي، الذي عزف على آلة الأرمونيكا النشيد الوطني "قسما"، انسجم معه الجمهور مؤديا كلمات القسم.
في تقديمها لضيف اللقاء، أشارت فوزية لارادي، إلى أن مكاريا القادم من تسمسيلت ملبيا الدعوة، شاعر لا يحب الانتماء في بعده الضيق، وكان يقول، إن مدينته وطن يجمع البحر بين كفيه، وللشاعر مجموعة دواوين، منها "قصائد خزفية" و"خيانة التراب" و"أحبك ونصف" و"سارة" و"لا شيء يدهشني" و"أيتها الحمقاء" و"ستمطر هذا المساء".
أما الدكتور عاشور فني، فقال عن الضيف، إن له "عود صحيح"، أي مكانة معتبرة في عالم الإبداع منذ الثمانينيات، وكان ينظم مهرجان "الربيع الونشريسي"، يحضره الشعراء من كل الجزائر، مضيفا أن مكاريا منذ إصداره "قصائد خزفية" سنة 1990، لم يتوقف عن الكتابة والنشر، معلقا أن القليل من يستمر في الكتابة لـ34 سنة متتالية، وأكد "مكاريا من السلف الصالح في الشعر، إنه المقاوم والمرابط على أرض الشعر، له حضوره الشخصي المميز"، كما أشار إلى أن مكاريا شارك بفعالية في تحضير ملتقى الراهن الشعر الجزائري في مارس 2018، بمشاركة قياسية لم تسجل منذ الاستقلال، من خلال حضور 184 شاعر ومحاضر، مع اعتماد هذا الشاعر لشعار "هنا يموت قاسي"، إذ كان عقيدته التي منعته من مغادرة الجزائر، كما تحدث الشاعر عاشور فني عن بيت الشعر ودوره في إحياء هذا الفن الراقي ببلادنا، وتسليط الضوء على أسماء كانت مغمورة، أو كانت تجد الطريق الوحيد للظهور خارج الجزائر، مطالبا بالمناسبة، بمقر للجمعية يجمع شمل الشعراء.
أما الشاعر مكاريا، فقال إنه ليس بالمناضل الكبير، ولا يرى نفسه شاعرا، بل يحاول كتابة الشعر ليس إلا، مؤكدا أن الشعر أكبر منه، فهو مثل السعادة التي لا يمتلكها أحد، بل يكتفي بالسعي إليها.
من جهة أخرى، ثمن الضيف اللقاء والاستماع لشعراء آخرين، لكل واحد منهم حلم وألم وتجربة وفرح، ما يعزز، حسبه، التواصل، ليبقى الشعر أرقى درجات القول له الحق على الجميع.
قرأ مكاريا عبر فترات متقطعة بعضا من نصوصه، منها:
"طريقك يا راحلا موحي
فأنت المغامر والأعزل
جميع الدروب تقود إليك ولا توصل
كما قرأ مقاطع أخرى كثيرة منها قصيدته
بكل المدائن بــوابة للغــريــب
وبغـداد لا تعشق الغـرباء
لكل النساء مجازفة للحـبيب
وأنت الفـريدة بين النسـاء
سأرحل عن راحتيك بعيدا
وأجفل عند سماع النداء
وإن حاول القلب مدي عشيقا
سأوجد للقلب ألف عــزاء
فتعذرني الأرض والكائنات
ويفهم عذري حتى المـــــــساء
وحتى الطيور التي غازلتني
وحتى القصائد والشعـراء
سأرحل، أدرك حجم حنيني
ولكنه الحب والكبرياء".
قرأ أيضا "حديث الرجل الأول"، ثم "ستمطر هذا المساء" وغيرها، وتخللت قراءات مكاريا قراءات أخرى لشعراء كثر من الذين اعتادوا على التردد على فضاء "منتوري"، منهم مثلا، فروجة مترف التي غنت للوطن في قصيدتها (بالفرنسية) بعنوان "وطني"، قالت فيه:
"جزائري أنا
جزائر لي وحدي
تساوي الكثير عندي
أعطيتك عهدي رغم أن لا شيء تغير
لماذا الذهاب خارجا أبق أنا
أنت أمي وشرفي
كرامتي أنت التي شق طريقها الشهداء".
توالت القراءات مع الشاعرة الشابة رحمة بـ"عد يا وطني"، ثم الشاعر والروائي نور الدين عمارة، الذي قرأ "نوميديا الجزائر"، واختار مقاطع من كتاب "ابن خلدون" يصف فيها أهل الجزائر بكل ما هو جميل، ثم الشاعر سعدي بـ"الجزائر الجديدة نورنا الأبدي"، قرأت أيضا الشاعرة لرادي للوطن بالفرنسية والدارجة، كما شهد نفس الفضاء بعضا من أنغام "أشويق" الأصيلة.
حرص المشاركون على تخصيص حيز مهم من أشعارهم لفلسطين الأبية بمقاطع رائعة، فيما راحت بعض الحاضرات منهن الكاتبة عواوش تستحضر بعض الأغاني الجزائرية الوطنية، منها أغنية "أنغام بلادي" التي أعقبت قصيدة ذكر فيها الشهيد زبانا، وكذا أغاني عن فلسطين، كأغنية الراحل محمد الباجي وغيرها .
اختتم اللقاء بوصلة موسيقية للفنانة آمال مسيلدة، التي أبدعت في العزف على آلة القومبري، مع أداء بعض الابتهالات والمديح منه "صلوا على نبينا" و«يا نواري".