«خصوصية الابتداع المعاصر في فن الخط العربي بالجزائر" للدكتور خالد خالدي

مساع لإعادة الاعتبار للخط الجزائري "المبسوط"

مساع لإعادة الاعتبار للخط الجزائري "المبسوط"
الدكتور خالد خالدي
  • القراءات: 808
مريم. ن مريم. ن

ألقى الدكتور خالد خالدي، من جامعة تلمسان، أول أمس، بالمتحف العمومي الوطني للزخرفة والمنمنمات وفن الخط، محاضرة تحت عنوان "خصوصية الابتداع المعاصر في فن الخط العربي بالجزائر"، استعرض فيها أهم الخطاطين الجزائريين الذين ذاع صيتهم وبلغوا الآفاق بأعمالهم، وكانوا القدوة في الإبداع والأخلاق، مؤكدا أن الجزائر حققت الريادة في هذا الفن الإسلامي.
أشار الدكتور خالدي، إلى أن فن الخط في الجزائر عرف أسماء ثقيلة، منها أول من خط كتاب الله، وهو محمد الصفدي بالعاصمة سنة 1906، وطبع في سنة 1931 من طرف الزاوية الثعالبية، مستعملا الخط الجزائري المبسوط الذي أصبح معتمدا في رئاسة الجمهورية.
قال المتحدث، إن الجزائر سباقة في المغرب العربي في نشر ونسخ كتاب الله بالخط المغاربي والمبسوط، موضحا أن خصوصية الإبداع المعاصر في الجزائر، جاء في فترة متأخرة، بالتالي بدأ فن الخط عندنا، حسبه، متأخرا، وأضاف "أقولها كخطاط وأكاديمي، إن فنون الخط ظهرت متأخرة، لكن ما تم تحقيقه في وقت وجيز، مهم وذو قيمة فنية".
أكد المحاضر أن خصوصية الإبداع المعاصر ظهرت بجلاء سنة 2003، مع يوسف بولعراس، رجل القانون ابن بسكرة، الذي جمع خطاطي الجزائر، منهم المغمورون ضمن مؤسسة دولية مقرها اسطنبول، مستحضرا بعض الأسماء 15، منها مصطفى قوادري وسفرباتي وحمة رشيد ومحمد بلعرات وعيسى بن دودة وغيرهم، وبذلك سمي بولعراس بجامع الخطاطين، وجرى هذا اللقاء الأول بولاية المدية، ثم أصبح ينظم كل سنتين.
كما تحدث الدكتور خالدي عن جمعية "راقم" التي لها فضلها على فن الخط في الجزائر، مخصصا أيضا حيزا للعلامة المخطط محمد السعيد شريفي، خطاط الرئاسة، الذي يعتبر الأب الروحي لفن الخط العربي بالجزائر (أخذ إجازته من حامد الأميني بتركيا)، ثم تحصل على إجازتين أخريين وسافر للمشرق، وكان يدعمه الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، وقد وصل إلى مكانة شريفة بخطه 5 مصاحف من القرآن الكريم .هناك أيضا خطاط آخر للرئاسة، وهو المجاهد عبد الحميد اسكندر، ثم محمد سفرباتي تلميذ شريفي وخطاط الرئاسة أيضا، يعمل بخط النصف، كما أكد أن الجزائريين رواد في خط النسخ على المستوى العالمي.
استعان المحاضر بشاشة عرضا لإبراز بعض الخطوط، منها خط النسخ الجلي (الواضح)، وخط النسخ الغبار (رقيق جدا) وظهر الإبداع حين كتابة سورة "النمل" بهذا الأخير، إضافة إلى خط الإجازة المريح للعين، ومن أتقنه فقد أصبح خطاطا، كما أكد المحاضر، ثم عرض "الحلية" مكتوبة تتضمن صفات الرسول الأعظم، ليؤكد أن سفرباتي هو بداية ثمرة الخط المعاصر في الجزائر، علما أنه عرض بعض أعماله الراقية.
ذكر المحاضر أيضا، الخطاط عبد السلام كسكسا، من المدية، المختص في الثلث الناعم والجلي، وعمار الموش من ورقلة، المتحصل على جائزة دولية في الخط القيرواني، ثم مولاي عبد الرحيم في الثلث الجلي ومحمد بودراف من تسمسيلت في الخط المغاربي المبسوط، ومراد فيالة من جيجل في الديواني والرقعة وكور نور الدين في الخط المعاصر، ثم محمود طالب الذي أبدع أسلوبا جديدا، استمد بعض خصائصه من بيكاسو والمدرسة الغربية التشكيلية، وحصل على تكريمات دولية وزار عشرات الدول، وأعماله ذات فلسفة وذوق وصالحة لكل زمان ومكان. برز أيضا الخطاط الظاهرة منير طهراوي ابن باب الوادي، الذي ذاع صيته في الخارج، خاصة في الخط المحقق، ويقال كأن الملائكة تكتب معه، وأي جائزة دولية يدخلها يفتكها بالضرورة. أشار المتحدث، إلى أنه ليس لدينا رواد قدماء في هذا المجال بالجزائر، لكن هناك أسماء ثقيلة ظهرت فيما مضى، منها قدور ردوسي ومصطفى إسماعيل سنة 1931.
توقف المحاضر أيضا عند تاريخ الخط العربي، خاصة في عصر الدولة العثمانية، وصولا إلى عصرنا، حيث تم تثمين بعض الخطوط، منها المرقعات التي تجتمع فيها كل الخطوط، مع ذكر "الكرلمة"، وهي الورقة المسودة. وذكر المحاضر الكثير من الأسماء الجزائرية اللامعة، منها من أخذ الإجازة من خطاط الحرمين، ومنها من جعل من الخط فنا تشكيليا عالميا، وآخرين يستعملون مواد جديدة، منها الرمل والغراء وغيرهما.
من جهة أخرى، أكد الدكتور خالدي أن البيئة واللهجة قد تؤثر في فن الحرف والخط، فمثلا اللهجة التونسية تؤثر في الخط القيرواني، فيغلب حرف القاف، وفي الخط التومبوكتي من مالي تظهر الصلابة والصبر.
أثناء المناقشة، ثمن المحاضر المواهب الصاعدة، كما أبدى تأسفه لغياب الخط المغاربي والمبسوط الجزائري في جامع الجزائر، وتحدث أيضا عن أخلاق وكرامات خطاطي كتاب الله، فمجرد مصافحتهم، حسب، بركة، موضحا أيضا أن الخطاط لا يتوقف عن الكتابة لمدة طويلة، حتى لا يختل مستواه. كما أكد أن الخط في المغرب العربي والأندلس سبق المشرقي بـ3 قرون (ظهر بفاس وتلمسان)، لكنه لم يتطور وظل بدون تقعيد، علما أن النساء هن من كن يكتبن في الدواوين (الخطاطة موزو مثلا).
أعلن المتحدث عن أنه اقترح أن يدرس المبسوط في الجامعة الجزائرية، وأبدى استغرابه من غياب مدارس الخط عندنا. وفي سؤال لـ«المساء"، عن مكانة الخط في تراثنا، أجاب أنه موجود في كل المناحي، منها اللباس، مستعرضا تجربته مع مصممة من مستغانم، كما قال إن الحرفي يجسد إبداع الخطاط في الخزف والنقش على الخشب وغيرها، وليس العكس.
استحضر المحاضر بمناسبة ذكرى استرجاع السيادة الوطنية، خطاطين، عملا قبل 1962، وهما محجوبي بن بلة أخ الرئيس بن بلة، ورشيد قريشي، وقد زارا معا الكعبة المشرفة سنة 1958، ليبدعا الخط اللولبي، مع إثراء نظرية البعد الواحد، معتبرا أن الحروفيات أيضا مثلت جانبا من إبداع بن خدة.