أشرف على العرض الفني “قبلة الأحرار” في ذكرى الاستقلال.. ربيقة:

5 جويلية عيـد الأعياد

5 جويلية عيـد الأعياد
  • القراءات: 222
دليلة مالك دليلة مالك

 * 90 دقيقة تحاكي إشراقات الحرية على أرض الجزائر ونزعة التحرر الراسخة في الأمة

أشرف وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، سهرة أول أمس، بأوبرا "بوعلام بسايح" بالجزائر العاصمة، على العرض الفني التاريخي “قبلة الأحرار” للمخرج أحمد رزاق،  بحضور عدد من مسؤولي الدولة وإطارتها، وبمشاركة وزير قدماء المحاربين لجمهورية الصين الشعبية، بي جين جيا، كضيف شرف، لاحتفالية عيدي الاستقلال والشباب في ذكراها الـ62.
أكد الوزير في كلمة ترحيبية بالضيوف والحاضرين، أن "عيد الاستقلال المصادف لتاريخ 5 جويلية، هو عيد الأعياد، وذكرى المجاهدين والشهداء، وفرصة لتثمين أمجاد الجزائر".
وثمن ربيقة، بمناسبة حضور الوزير الصيني، مواقف دولة الصين الشعبية إزاء الثورة التحريرية، “حيث ساعدتها، وتكاتفت مع القضية الجزائرية وقتها، ثم سرعان ما تحولت إلى علاقة متينة تجمع الدولتين، الجزائر والصين".
وشاهد جمهور “أوبرا بوعلام” بسايح العرض الفني تاريخي "قبلة الأحرار" على مدار 90 دقيقة، وهو عمل يحتفي بإشراقات الحرية على أرض الجزائر، ونزعة التحرر الراسخة على مر العصور في الأمة الجزائرية، وذلك عبر لوحات كوريغرافية، وتشكيلات سينوغرافية، وحداثة تقنيات رقمية، ومشاهد درامية وحوارية، ووصلات غنائية معبرة.
وكتب النص البروفيسور محمد لمين بحري بمساهمة المخرج المسرحي هشام بوسهلة، واُخذت كلمات الأغاني من أسعار إبراهيم صديقي والفلسطيني رائد ناجي، بينما قام البروفيسور طرشاوي بلحاج بالتدقيق التاريخي واللغوي.
ويتكون العرض من 9 مشاهد، تتخللها لوحات تمثيلية، وأخرى كوريغرافية وأخرى راقصة ووصلات غنائية وموسيقية بأداء فردي وكورالي، تمجد في محتواها منابت التحرر ومنابع الحرية المتأصلين في كيان الجزائري منذ فجر التاريخ، ومركزة على إنسانية ثوراته ضد الغزاة، التي جعلته وجعلت أرضه مثالاً يحتذى به للأحرار، وكعبة يحج إليها الثوار ويستلهمون منها روح الثورة ضد الطغاة لاستجاع الأوطان والحقوق المسلوبة، فترسم لهم طريقا نحو التحرر الإنساني ، هي فصول تركز في مجملها على إنسانية المعارك، في  المعارك الوجودية للإنسان الجزائري.
يبدأ العرض بأغنية “بلاد الأحرار”، ثم تظهر على الخشبة عجوز نوميدية كفيفة يقودها حفيدها وسط الحقول والجنان وهي تصف له ما تراه عيناه، لكن بلغة ما تراه هي بقلبها وتحثه على الحفاظ على وطنه وتبليغه رسالة الأجداد، عن طريق حجرة تلتقطها من الأرض وتمنحها له، لتكون هذه الحجرة، رسالة من الأرض للإنسان، والتي سنراها تمر عبر كل المشاهد واللوحات، وتعبر كل المراحل والحقب التاريخية التي يعبر عنها العرض. ثم تتوالى اللوحات الفنية، إذ تظهر السينوغرافيا بجمالية مدهشة، أعدها السينوغرافي يوسف عابدي، الذي تمكن باحترافية عالية من تجسيد الديكورات في مشاهد لم يسبق مشاهدتها، تعكس بحق اجتهاده وفريقه في الموضوع.
يمر العرض أيضا على حقب أخرى، الرومانية، الوندالية والبزنطية، ورصد المعارك في تلك الفترات الغابرة من تاريخ الجزائر، وصولا إلى الحقبة الإسلامية، حيث تم رصد مقاومة الكاهنة وجيشها النسائي، كفكرة تمثل الوفاء للأرض وحمايتها من الغزاة. لوحة تتميز بقوة المحاربات وتبرز في شاشة تظهر رموز جيش الكاهنة، وراياته وهويته وثقافته الراسخة على هيئته وفي هيبته.
في الحقبة الاستعماري الفرنسي، يتجلى أسطول من السفن التي تخوض البحر متوجهة من شواطئ فرنسا إلى شواطئ الجزائر، وعلى متنها قادة الحرب، وجنود فرنسيون محشورون في السفن، ومع ثوران العواصف البحرية، تثور صراعات بين الجنود والقادة حول فكرة جدوى الحرب على الجزائر وعبثية أسبابها وحقيقة الأطماع المختفية خلف الذرائع الواهية التي يحاول القادة إقناع المحاربين بها.
في مشهد موالي، يقدم الصحفي ورجل السينما رينيه فوتي صديق الجزائر، شهادات ضمت اعترافات مجموعة من الضباط ورجال الدين، القادة الفرنسيون يقرون فيها ببشاعة الإرهاب الذي مارسوه على الأهالي العزل، من قتل وتشريد وانتقام وحشي من الأهالي العزل.
في لوحة أخرى، يرصد العرض طفولة زعماء الثورة التحريرية الستة، وهم العربي بن مهيدي، كريم بلقاسم، رابح بيطاط، محمد بوضياف، مصطفى بن بولعيد، وديدوش مراد، وكل قائد من هؤلاء خصص له العرض لوحة خاصة. تسلط الضوء على تعامله الأسري وحواره مع أمه، وتوجيهاتها له، في بناء شخصيته. نشاهدهم على الركح مع أمهاتهم، وعلى الشاشة نشاهد مناطقهم التي انحدروا منها وترعرعوا فيها. ويُبرز هذا المشهد الجانب الأمومي، مقدما للمشاهدين فكرة عن أصالة الأمهات الجزائريات اللواتي قدمن للجزائر هؤلاء الأبطال، ومن أي نبع تشربوا بنخوة الثورة والجهاد والتضحية، فهؤلاء لم يكونوا سوى نتيجة طبيعية لتربية أم، وأسرة وعادات وثقافة ومجتمع واع وأصيل نبعوا منه.
وفي مشهد الأمهات الكفيفات، يضم 8 أمهات جزائريات أصبن بالعمى من أثر جرائم المستعمر، من تلويث المياه والهواء والتراب والقنابل الحارقة، ودخان الحروب. فكل أم تحكي سبب عمائها في عهد الاستعمار، وتحكي عن أبنائها الشهداء والشهيدات، وتتوحد النساء في البكاء على ما فقدن من فلذات أكبادهن، وهو سبب آخر للعمى. لكنهن تتوحدن في النظر بقلوبهن، وتنضم إليهن العجوز النوميدية التي رأيناها في المشهد الافتتاحي، ثم يأتي الأطفال الستة، وهم المؤسسون الستة للثورة في صغرهم ويصطفون لأخذ صورة جماعية.
على الخشبة نرى صورة جماعية للزعماء الستة وهم صغار، وخلفهم على الشاشة العملاقة نرى صورتهم وهم كبار. وهي الصورة المعروفة والمتداولة لهم، حين اجتمعوا لأول مرة لتفجير الثورة.
تتوالى المشاهد التي رصدت الثورة الجزائرية، وبعدها الاستقلال الذي سيكون نقطة تحول في تاريخ الجزائر الحديثة والتخلص من ظلم المحتل، والانطلاق في مرحلة البناء والتشييد والاهتمام بالتعليم والاقتصاد وبناء جيش قوي سليل جيش التحرير الوطني، لنقف على مشارف جزائر جديدة تضاهي كبريات الدول، ثم لوحة توثق مكاسب وإنجازات الجزائر الجديدة وإبراز مكانتها بين الأمم، الإنجازات التي جاءت وفاءً لقيم أول نوفمبر 1954 وتضحيات الشهداء وعزم على مواصلة مسار البناء والتشييد.