بات مظهرا اجتماعيا ينتهي بانتهاء المصلحة

قدسية "الميثاق الغليظ" تتأرجح بين المتغيرات الاجتماعية وتأثير التكنولوجيا

قدسية "الميثاق الغليظ" تتأرجح بين المتغيرات الاجتماعية وتأثير التكنولوجيا
  • القراءات: 598
  رشيدة بلال رشيدة بلال

❊ اشتراط الجمال والمال والوظيفة في الشريكة بدل الأخلاق

❊ الرغبة في تبني النموذج الغربي في العلاقة الزوجية وراء دمارها

❊ الفهم الخاطئ للزواج وراء الإخفاق

أدت التغيرات الاجتماعية التي يعيشها المجتمع الجزائري، في السنوات الأخيرة، حسب المختصين الاجتماعيين والنفسانيين، إلى صعوبة تأسيس أسرة متماسكة تعمر طويلا، حيث يكفي زيارة المحاكم للوقوف على عدد قضايا فك الرابطة الزوجية، ومنها من لم يتجاوز عمرها الزمني الثلاثة أشهر، الأمر الذي خلف الكثير من التأثيرات الجانبية، أهمها العزوف عن الزواج وارتفاع معدلات العنوسة لدى الجنسين، بسبب الخوف من الإقبال على خطوة نتائجها غير مضمونة ،لأنها، حسب المختصين في علم الاجتماع، لم تبن على المعايير الحقيقية، التي لأجلها يبرم الميثاق الغليظ، وإنما طغت الشكليات والبحث عن النموذج الغربي على العقود، ما يجعلها تنتهي سريعا.

حاولت "المساء" من خلال هذا الاستطلاع، جس نبض مختلف شرائح المجتمع، حول الأسباب الحقيقية التي جعلت التأسيس لأسرة متماسكة، تقوم على جملة من القيم والتعاليم الدينية، صعبة، فكانت ردود الأفعال تصب عموما في قالب واحد، وهو الفهم الخاطئ لماهية الزواج في حد ذاته، بسبب ضعف الوازع الديني وموجة التحرر التي عززت النموذج الأجنبي، وجعلت الكثيرين يرغبون في العيش على الطريقة الغربية، على حد قول سيدة خمسينية، أكدت في معرض حديثها، أنها وجدت صعوبة في إقناع ابنها البالغ من العمر 30 سنة بالزواج، كونه "لم يجد، على حد قوله، الفتاة المناسبة التي تمثل النموذج التقليدي"، مشيرة إلى أن التكنولوجيا والتفتح، وما تروج له منصات التواصل الاجتماعي، خاصة "المؤثرات"، جعلت العثور على زوجة مناسبة أمرا صعبا.
بينما أوضحت سيدة أخرى، أن الزواج في السنوات الأخيرة، لم يعد يخضع لأي ضوابط، بسبب موجة التحرر، حيث يتعرف الطرفان على بعضهما البعض في المواقع ويتفقان ويتزوجان، ثم يقرران بمفردهما الانفصال، لأسباب تكاد في مجملها تكون "تافهة"، لذا تقول "أجد نفسي مضطرة لتوعية بناتي بأهم الضوابط التي يجب أن يبنى عليها الزواج، حتى لا يخطئن في الاختيار"، لكن، تضيف "المخاوف تظل قائمة، لأن الزواج في هذا الوقت أصبح صعبا، بسبب تغير مفهومه من بناء أسرة متماسكة، إلى مظهر اجتماعي ينتهي بانتهاء المصلحة".

..ماذا عن رأي الشباب؟

من خلال الاحتكاك بعدد من الشباب والشابات من طلاب الجامعات، المقبلين على الزواج، اتضح لـ"المساء"، أن التصور الذي يبنى عليه الزواج، بعيد كل البعد عن المفاهيم الصحيحة لهذا الرباط المقدس، حيث اتجهت أراء الشباب إلى اشتراط الجمال والمال والوظيفة في الشريكة، بينما اتجهت آراء الفتيات إلى التأكيد على المظهر الخارجي للشاب، وعلى مكانته الاجتماعية ودرجة تفتحه، وعلى حد قول إحدى الطالبات بجامعة العفرون "إن الشرط الأساسي في التأسيس لأسرة، بعدما تحقق كل أحلامها، كالعمل والسفر وامتلاك سيارة، هو الحصول على زوج متفتح ولديه مكانة اجتماعية مرموقة"، معلقة أن المقصود بالتفتح؛ عدم الاعتراض على ولوج مواقع التواصل الاجتماعي، ومشاركة حياتها اليومية من قبل متابعيها الذين لا تستغني عنهم في حياتها.
الأمر الذي يؤكد ما يروج له المختصون النفسيون والاجتماعيون، بأن شباب اليوم، لا يعرفون المفهوم الحقيقي لبناء أسرة، وكل طرف يبحث في الآخر، عن كيفية إتمام النقص الموجود فيه، لتكتمل الصورة الاجتماعية، حيث أصبح المعيار الحقيقي لبناء الأسرة، هو المظهر، ما يفسر التأسيس لبيوت أوهن من بيوت العنكبوت، تزول عند أول عاصفة.