من "الزرنة" واستعراض العضلات إلى المشاحنات والشجارات..

سلوكات مشينة تعكر صفو المصطافين

سلوكات مشينة تعكر صفو المصطافين
  • القراءات: 478
رشيدة بلال رشيدة بلال

❊ تعكس الانحطاط الثقافي وتأثير منصات التواصل

❊ مظاهر شاذة ومستفزة لإثارة المشاكل

يتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، صورا وفيديوهات مختلفة لبعض المظاهر السلبية، التي أضحت منتشرة بشكل كبير على الشواطئ، على غرار استعمال "البندير" والدربوكة والرقص بطريقة عشوائية. وقد استهجن الكثيرون هذه الظواهر، واعتبروها مزعجة ومسيئة للغاية الأساسية من الذهاب إلى البحر، وهي الجلوس والاستمتاع بزرقته وجماله ورؤية الأطفال يسبحون، إلا أن هذه الظواهر تطورت لتبلغ حد المشاحنات والمشاجرات، التي تدفع بالبعض إلى مغادرة الشواطئ والبحث عن أماكن أكثر هدوء وراحة.

يعتبر البحر الوجهة المفضلة لأغلب العائلات الجزائرية خلال العطلة الصيفية، حيث يختار البعض الذهاب إلى الشواطئ القريبة، فيما يفضل آخرون التنقل إلى بعض الولايات الساحلية، لاكتشاف جمالها والاستمتاع بما تتوفر عليه من شواطئ، غير أن بعض السلوكيات والظواهر غير الأخلاقية، إن صح التعبير، أصبحت تسيء لمثل هذه الأماكن، التي تعرف توافدا كبيرا للعائلات، فبعدما كانت بعض الظواهر مقتصرة على لعب كرة القدم على الشواطئ، أو استعراض العضلات، تعدته في الآونة الأخيرة، إلى إقامة احتفالات والغناء بأصوات مرتفعة، مستعينين بـ«البندير" والدربوكة والمزامير والرقص، بطريقة فوضوية، فيها الكثير من الإزعاج للمصطافين. وأكثر من هذا، أصبح البعض يختارون الشواطئ للقيام ببعض الحركات البهلوانية، أو افتعال الشجار الذي يبدأ بالسب والشتم، وينتهي بالضرب والجرح، لمجرد أن المصطاف اختار أن يجلس بالقرب من مكان وضعت فيه طاولة، أو نُصبت فيه خيمة من طرف العمال الموسميين.
لدى احتكاك" المساء "ببعض العائلات، في شاطئ "الحمدانية" بولاية تيبازة، أكدوا انتشار بعض الظواهر السلبية بالشواطئ في السنوات الأخيرة، حتى أن البعض منهم بدأ يبحث عن شواطئ غير معروفة، وفي أحيان أخرى حتى غير محروسة، من أجل الظفر ببعض الهدوء وعدم مشاهدة مثل هذه السلوكات غير الأخلاقية.

..لأهل الاختصاص رأي في الموضوع

لفهم هذه الظواهر الاجتماعية التي انتشرت بشكل ملفت على الشواطئ، ورفضها من قبل المجتمع، بالتعليق عليها عبر منصات التواصل الاجتماعي، تحدثت "المساء" مع المختص في علم الاجتماع، الأستاذ حسين زوبيري، الذي كان لديه رأي في الموضوع.
يقول زوبيري، إن العطلة الصيفية والبحر تحديدا، مرادف للراحة والاستجمام، وأكثر من هذا، هناك علم يسمى بـ«علم اجتماع الترفيه"، الذي يسلط الضوء على كيفية استغلال العمال عطلتهم، حتى يتمكنوا من استقبال موسم جديد. بالتالي المتفق عليه، أنه من حق الجميع التعبير عن فرحتهم بالعطلة والاستفادة من الراحة، ويردف "لكن السؤال المطروح، كيف يمكن الاستفادة من العطلة والراحة بشكل عقلاني دون الإساءة للغير؟".
يجيب زوبيري أنه في الأصل، يحق لأي كان أن يتمتع بعطلته ويعبر عن فرحته بها، بأي طريقة كانت، بشرط أن لا يسيء لغيره ولا يزعجه، مشيرا إلى أنه بالنسبة للأشخاص الذين يقصدون البحر، يفترض على من يرغب في السباحة أن يسبح، وعلى من لا يرغب في ذلك، أن يجلس مقابلا للبحر، يستمتع بمنظر وزرقته ويراقب أبناءه وهم يسبحون ويلعبون على الشاطئ، وهو أمر مقبول. ويضيف "أما بالنسبة لبعض المظاهر الشاذة التي انتشرت بشكل ملفت للانتباه في السنوات الأخيرة، فيمكن تفسيرها من زاويتين، إما أنه كبت يجري تفريغه على الشواطئ، خاصة من طرف الشباب، مثل استعراض العضلات أو القيام ببعض الحركات البهلوانية، أو حتى استفزاز الغير لإثارة المشاكل"، بالتالي فإن مثل هذه الحالات "مرضية"، أما الصورة الثانية، مثل الغناء والتجمع للرقص والصراخ، فما هو إلا انعكاس لما نعيشه في أحيائنا، حيث يتم نقل الصورة من الأحياء إلى الشواطئ، بالتالي "هي نمط عيش تم نقله من الحي إلى الشاطئ". مشيرا في السياق، إلى أنه في غياب رادع ثقافي قوي على الشواطئ، خاصة بالنسبة للذين يزعجون الغير، فإن هذه المظاهر تعكس الانحطاط الثقافي الموجود في المجتمع، والذي تم التشهير به عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وعن مدى تأثير مثل هذه المظاهر على السياحة عموما، يرى المتحدث، أنه رغم المجهودات المبذولة في سبيل ترقية السياحة في الجزائر، تبقى تسيء بعض المظاهر بشكل أو بآخر للسياحة بشكل عام. وأشار إلى أن الشواطئ لا تزال بحاجة إلى انضباط ونظام سياحي يبدأ أولا، بتكريس المجانية بشكل حقيقي، وليس في بعض الشواطئ دون غيرها.
ويختم بالقول، إن الجزائري الموجود في الحي، هو نفسه الموجود في الشاطئ، بالتالي لتصحيح هذه السلوكات، لابد أن يتحلى المواطن بالوعي ويعرف أن الشواطئ كغيرها من الأماكن والفضاءات، لها حرمتها، سواء من حيث طريقة الجلوس أو اللباس، أو حتى الترفيه الذي يتطلب أن يراعى فيه عدم إزعاج الغير.