أبو القاسم خمار في ذمة الله

عميد الشعر الجزائري يترجّل

عميد الشعر الجزائري يترجّل
الشاعر أبو القاسم خمار
  • القراءات: 676
دليلة مالك دليلة مالك

فقدت الساحة الأدبية الجزائرية اسما وازنا في تاريخ الشعر الجزائري، برحيل الشاعر أبو القاسم خمار، واسمه الحقيقي محمد بلقاسم خمار، أوّل أمس الثلاثاء، عن عمر ناهز 94 عاما، وقد وري الثرى أمس بمقبرة العالية في الجزائر العاصمة.

عزى المشهد الثقافي والفني أنفسهم، في فقيد الشعر الجزائري عبر شبكات التواصل الاجتماعي، مستذكرين ما قرأوه لأبي القاسم خمار وكانوا لايزالون تلاميذ في المدارس الابتدائية. وآخرون عرفوه مع "مذكرات النسيان" الشهرية عبر مجلة "ألوان"، وببرنامج "قصة ونغم" الإذاعي في السبعينيات. وكتب ابنه المخرج السينمائي مؤنس خمار على حائطه في الفايسبوك "الشاعر الكبير محمد بلقاسم خمار، أبي الغالي، قدوتي الأسمى ومثلي الأعلى، غادرنا إلى رحمة الله، الله يرحمك بابا".
واشتهر الراحل بتمسّكه بالشعر السياسي الوطني العروبي، وكذا حرصه الدائم على التغني بالجزائر في كلّ أشعاره، وكان يقول إنّه أفرد لوطنه أغلى وأغلب قصائده التي عاشها منذ كان مناضلا في حزب الشعب ومنذ أن كان يعيش على أرض الشام.
وأمام هذا المصاب، قدّمت وزيرة الثقافة والفنون صورية مولوجي تعازيها الحارة، وقالت في منشور لها في صفحة وزارة الثقافة والفنون على الفايسبوك "ببالغ الحزن وعظيم الأسى، بلغنا وفاة الأديب الكبير والشاعر الفذ أبو القاسم خمار، وبهذه المناسبة الأليمة، تتقدّم إلى عائلة الفقيد وأصدقائه محبيه وكلّ الأسرة الثقافية، بأحر التعازي وخالص المواساة، داعية الله الرحمان الرحيم أن يتغمده بواسع رحمته وكريم عفوه، وأن يرزقه فسيح جناته".
وتابعت مولوجي "كان الأستاذ أبو القاسم خمار شاعراً من الطراز الرفيع ورحيله يعتبر خسارة كبيرة للساحة الثقافية الجزائرية والعربية عامة، وأنّه بفقدان الشاعر أبو القاسم خمار فقد فقدت الجزائر واحدا من قاماتها الأدبية المتميزة وفارسا من فرسانها الشرفاء الذين كتبوا الشعر للوطن فخلّدوا أسماءهم في سجّل أدباء الجزائر الكبار" .
من جهته، تقدّم وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، بتعازيه الخالصة إلى عائلة الشاعر محمد بلقاسم خمار الذي وافته المنية، وقال في نص التعزية "أمام هذا المصاب الجلل، لا يسعني إلاّ أن أتقدّم إلى عائلته الكريمة وكلّ رفاقه في الجهاد وأسرته الكبيرة في الساحة الثقافية والأدبية بأخلص التعازي وأصدق المواساة، سائلا الله أن يلهم أهله وذويه جميل الصبر ووافر السلوان".
واسترسل في تعزيته "يعدّ الراحل الذي ولد بولاية بسكرة، من طلبة معهد عبد الحميد بن باديس بقسنطينة ومناضلا في الحركة الوطنية، كما كان عضوا في اتحاد الطلبة المسلمين الجزائريين وأحد سفراء الثورة التحريرية بمكتب جبهة التحرير الوطني في دمشق بسوريا، حيث ساهم في إسماع صوتها بكلماته وقلمه الذي عبر من خلاله عن رفض الاستعمار، مدافعا عن قضايا الحرية والاستقلال".
وتابع ربيقة "قد ترك المرحوم إرثا أدبيا وثوريا يعدّ جزءا هاما من تاريخ الثورة التحريرية المجيدة عبر قصائده التي تتغنى بحب الوطن وأعماله الهادفة التي تدعو إلى تربية الناشئة على النهج السليم والدرب القويم".
وُلد أبو القاسم خمار في مدينة بسكرة، عام 1931، ودرس فيها، ثم انتقل للدراسة الإعدادية في معهد "عبد الحميد بن باديس" بقسنطينة. ولدراسة المرحلة الثانوية انتقل الشاعر إلى مدينة حلب السورية، حيث أتم دراسته هناك، ثم التحق بجامعة دمشق ودرس فيها تخصّص علم النفس في كلية الآداب من قسم الفلسفة، وتخرّج حاملا شهادة الليسانس في تخصّصه.
وعمل الراحل في حقل التعليم في سوريا لأربع سنوات وفي الصحافة مسؤولا بمكتب جبهة التحرير الوطني بدمشق، وبعد عودته للجزائر اشتغل في عدّة وزارات من بينها الإعلام والثقافة، كما عرف بمشاركاته في الجرائد وأيضا إنتاجاته السمعية البصرية لصالح مؤسّستي الإذاعة والتلفزيون الجزائري، إذ عمل مسؤولا بمكتب جبهة التحرير الوطني الموجود في دمشق، ثم واصل عمله في الصحافة في مؤسّسة "الوحدة" للصحافة، حيث عمل محرّرا لمدة سنتين، ثم انتقل إلى وزارة الشباب والرياضة حيث عمل مستشارا.
وعاد مجدّدا للإعلام، ليعمل في وزارة الإعلام والثقافة مديرا ومسؤولا عن مجلة "ألوان" الإعلامية، ومستشارا ثقافيا. وللشاعر خمار عدّة دواوين، تتراوح فترة إصدارها ما بين عامي 1967م و1996م، حيث أصدر ما يزيد عن عشرة دواوين، جلّها يتحدّث فيها عن الوطن، والجراح، وعن الغربة، ومذكراته في الشام، وعن بطولة بلاده والأحلام والآمال التي يبحث عنها كل مواطن في التحرر والاستقلال. ومن هذه الدواوين "أوراق" الذي صدر عام 1967، و"أصداء وظلال" صدر في 1977، و«ربيعي الجريح"، و«ملحمة البطولة والحب" صدر عام 1984، وكذا "مواويل للحب والحزن"(1994).