الحقوقية الأستاذة فريدة عبري لــ "المساء":

ضبط الخلع بغرامات مالية يحدُّ من استعماله لأسباب تافهة

ضبط الخلع بغرامات مالية يحدُّ من استعماله لأسباب تافهة
الحقوقية والأستاذة الجامعية فريدة عبري
  • القراءات: 434
رشيدة بلال رشيدة بلال

أكدت الناشطة الحقوقية والأستاذة الجامعية فريدة عبري، في تصريحها لـ "المساء" حول مسألة تفاقم قضايا الخلع بالمحاكم، أن المحاكم الجزائرية شهدت منذ 2022 إلى يومنا هذا، عددا كبيرا من قضايا الخلع لم تشهدها قبلا. وعلى الرغم من أن قانون الأسرة كان واضحا في هذا الخصوص؛ على أن الخلع حق مشروع، يمكن المرأة أن تلجأ إليه مقابل دفع عوض مالي للزوج بناء على اتفاق بينهما، أو بتدخل من القاضي في حال اختلفا حول المقابل المالي، والذي عادة ما يقاس بصداق المثل.

قالت القانونية عبري: "إن الإشكال الذي خلّفه الخلع أن بعض الأزواج يرفضون هذا المقابل المادي بعدما يقرون بأنهم أنفقوا أموالا كثيرة لإبرام هذا العقد والتأسيس لأسرة، خاصة إن كانت الأسباب تافهة"، مشيرة: " بعيدا عن حالات الخلع التي يكون فيها حقيقةً للزوجة الحق في المطالبة به بعدما يستحيل عليها العيش مع الزوج بسبب العنف المسلط عليها، أو لعدم احترامها وإهانتها، أو بسبب الخيانة المستمرة وتظل عاجزة عن إثباته، نجد حالات غير مقبولة من الناحية القانونية، وتتعلق بالنساء اللواتي يطلبن الخلع لأسباب تافهة؛ سعيا وراء التحرر، أو بناء على تأثير خارجي. ولعل من بين الأسباب التي تراها بعضهن ذريعة، الادعاء بالرغبة في سكن مستقل رغم أنهن كن يعرفن أنه لا يملك سكنا، ويرفضن الصبر، أو اللواتي يقارنّ حياتهن بالمؤثرات الاجتماعيات عبر مواقع التواصل الاجتماعي" . وقالت أيضا: "هناك من يتخلّين عن الرجال بسبب العمل"، معلقة :«الأمر الذي جعلنا نوقن بأن الكم الهائل من القضايا، أصبح فيها الخلع مطلبا مسهلا"، موضحة أنه "حق أريدَ به باطل... الغاية منه تسويق صورة خاطئة لما يجب عليه أن تكون الأحكام الشرعية" .
وأمام الإقبال الكبير على فك الرابطة الزوجية عن طريق الخلع لأسباب تافهة، تكشف المتحدثة: "سبق لنا أن قدّمنا اقتراحات عن طريق حركات المجتمع المدني، تم رفعها إلى وزير العدل، وإلى البرلمان بغرفته؛ حيث تمت المطالبة بتعديل قانون الأسرة على نحو يضيّق من حالات الخلع. وتم اقتراح إقرار إلى جانب المقابل الذي يحصل عليه الزوج؛ تعويضا آخر عما لحق الزوج من أضرار متى اقتنعت هيئة المحكمة بأن الزوجة طالبت بالخلع لأسباب واهية فقط" ، مؤكدة أن هذا الإجراء من شأنه أن يدفع بالمرأة إلى التفكير قبل اللجوء إلى هذه الخطوة. والهدف منه، حسب المختصة، "عدم استسهال هذا الطريق لفك الرابطة الزوجية "، مشيرة إلى أن بعد مناقشة هذا الاقتراح، كان ما يعاب عليه أنه إن تم ضبطه يصبح بمثابة التطليق، الذي يتطلب وجود حالات معيّنة لوقوعه، وبالتالي هذا المقترح تم استبعاده من الناحية القانونية للتداخل الحاصل بين الخلع والتطليق، إلا أنه من الناحية الواقعية، وفق تأكيد الأستاذة، "لا بد من إعادة النظر في الطريقة التي يتم بها اللجوء إلى الخلع؛ على الأقل للحد من حالات هدم الأسر لأسباب واهية".
وقالت الناشطة الحقوقية: "الانحلال الذي يحدث في المجتمع والتفكك الأسري يتطلب التعجيل بتعديل قانون الأسرة، الذي خرج ـ إن صح التعبير ـ عن تعاليم الشريعة الإسلامية. منذ 1984 لم يعدَّل قانون الأسرة إلى غاية 2005؛ حيث مسّت التعديلات مسألة التعدد، والحضانة. غير أن هذه التعديلات جاءت بعيدة عن تعاليم الدين الإسلامي؛ ما يفرض حتمية مراجعته، والعودة إلى التقيد بأحكام الشريعة" .