الواجهة الوحيدة في الولايات المتحدة

متحف فلسطين.. تاريخ وفن يقاوم الإبادة

متحف فلسطين.. تاريخ  وفن يقاوم الإبادة
  • القراءات: 709
م. ص م. ص

76 عاماً وثلاثة أشهر مرت حتى الآن على النكبة، هكذا تُخبرنا الساعة المثبتة على الموقع الإلكتروني لمتحف فلسطين في الولايات المُتحدة. لا يقتصر تقويم الساعة على تبيان عدد الأعوام والأشهر التي مرّت على النكبة فقط، فهناك أربع خانات أخرى لليوم والساعة والدقيقة والثانية. هذه الساعة المُثبتة على الموقع الإلكتروني للمتحف يمكن اعتبارها علامة دالة على هوية متحف فلسطين وأهدافه، أو هي تهيئة لما يحتويه من معروضات.

أنشئ متحف فلسطين في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2018 في ولاية كونيكتيكت. هو متحف صغير، لكنّه كاف لسرد قصة الشعب الفلسطيني عبر التجارب والخبرات التي سجّلها الفنانون الفلسطينيون في أعمالهم.
في السنوات القليلة الماضية، اضطلع المتحف بدوره، واجهةً وحيدةً للفن الفلسطيني في الولايات المتحدة. كما كان له دور مهم في تسليط الضوء على المعايير المزدوجة التي تتعامل بها المؤسسات الدولية المعنية بالفنون.
ومنذ تأسيسه، سعى القائمون على المتحف لاقتناص مكان رسمي لفلسطين في بينالي البندقية. ونجحوا في ذلك بعد مماطلات من قبل إدارة البينالي. كما ينظّم المتحف ويرعى مشاريع فنية وأنشطة متغيّرة في مقره، أو في مؤسّسات أخرى لدعم الفنانين الفلسطينيين في الشتات، وفي الداخل أيضاً.
وتعود فكرة المُتحف إلى رجل الأعمال الفلسطيني فيصل صالح، الذي أُجبرت عائلته على النزوح في عام النكبة من يافا.
ووُلِد صالح عام 1951 في رام الله لعائلة تضمّ عشرة أطفال. وبعد حصوله على منحة لاستكمال دراسته الثانوية في الولايات المتحدة، حصل صالح على ماجستير في إدارة الأعمال من جامعة كونيكتيكت. وبعد سنوات من النجاح في عالم الأعمال، انتبه رجل الأعمال الفلسطيني إلى عدم وجود أيّ متحف أو مؤسّسة لرعاية الفنون الفلسطينية في الولايات المتحدة، فخطّط لإنشاء هذا المُتحف. كان هدف صالح سدّ هذه الفجوة الكبيرة في المعلومات المتعلّقة بالفنون والثقافة الفلسطينية في الولايات المتحدة، والغرب عموماً، كما يقول.
وضمّ متحف فلسطين عند افتتاحه مجموعة كبيرة من أعمال الفنانين الفلسطينيين، بينها لوحات ومنحوتات وتركيبات لفنانين مُعاصرين. ويضمّ المتحف أيضاً جدارية كبيرة لتخليد ذكرى الناشطة الأمريكية راشيل كوري التي قتلتها القوات الإسرائيلية عام 2003، وهي من تنفيذ الفنان الفلسطيني عايد عرفة. ومن الفنانين البارزين الذي ساهموا بأعمالهم في هذا المتحف تأتي الفنانة سامية حلبي التي تبرّعت للمتحف بعدد من أعمالها، وقد دفع دعمها للمتحف العديد من الفنانين الفلسطينيين الآخرين للمشاركة.
وإلى جانب الأعمال الفنية، يسلّط المتحف أيضاً الضوء على عناصر تاريخية، مثل الملابس التراثية المطرّزة يدوياً، والعملات المعدنية، والطوابع والوثائق القديمة. وبين هذه الوثائق، توجد بطاقة هوية لوالد فيصل صالح مؤسّس المتحف، أصدرتها حكومة فلسطين عام 1946. بطاقة الهوية التي تخصّ والد صالح هي واحدة من عشرات الوثائق الحكومية الأخرى التي يعود تاريخها إلى ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين. وكان والد صالح يمتلك مزرعة كبيرة من بساتين البرتقال في يافا؛ حيث عاشت العائلة حتى عام 1948.
وبين المقتنيات أيضاً مجموعة كبيرة من الصور الفوتوغرافية التي التقطت في فلسطين قبل النكبة. ويعود بعضها إلى نهايات القرن التاسع عشر. وتُظهر الصور الفوتوغرافية كيف كانت فلسطين قبل الاستيلاء عليها، وكيف أنّ مجتمعاً نابضاً بالحياة كان يعيش في هذه الأراضي التي انتُزعت من أصحابها.
وإلى جانب الأهمية الرمزية التي يتمتّع بها متحف فلسطين في الولايات المتحدة، فهو يعدّ متنفّساً للفنانين الفلسطينيين في الشتات، ومساحة مفتوحة يمكن من خلالها تعريف الناس بفلسطين، وتاريخها.
ويهدف متحف فلسطين إلى سرد القصة الفلسطينية للجمهور الأمريكي والعالمي؛ من خلال الأعمال الفنية، والأفلام، والأدب، وغيرها من الممارسات الإبداعية الأخرى، وعرض التجربة الفلسطينية قبل النكبة وبعدها، في فلسطين وفي الشتات. ويتطرّق لكافة التفاصيل المتعلقة بحياة الفلسطينيين، وتراثهم المُعرّض لخطر الضياع؛ من المطبخ والطعام، إلى الملابس، والغناء والموسيقى.