صدور "رواية عن الحملة على الجزائر عام 1816"
تأريخ ضمن السير الذاتية
- 2822
صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، مؤخّرا، ضمن سلسلة "ترجمان" ، كتاب عنوانه "رواية عن الحملة على الجزائر عام 1816 تحت قيادة صاحب الشرف الأدميرال اللورد النبيل إكسموث" لإبراهيم سلامة، وهو مصنَّف في السير الذاتية، قام بترجمته عن الإنجليزية محمد الأمين بوحلوفة.
يستعرض الكاتب في مقدّمة هذا المؤلَّف، تاريخ عائلته. ويوجز الكلام عن حكام مصر؛ سواء كانوا من الجماعات (كالمماليك مثلا)، أو أفرادا (كالألفي بك، ومحمد علي باشا، وغيرهما)، أو من الدول الأجنبية (كالفرنسيين أولا، ثم الإنجليز ثانيا).
ويتحدث المؤلّف في الجزء الأوّل عن الحملة الإنجليزية على الجزائر التي كان عضوا فيها بصفته مترجما، وذلك بتفاصيل مثيرة، سواء لجهة الأسماء، أو الوقائع، أو الأماكن. أما الجزء الثاني فيتناول فيه وصول الحملة إلى الشواطئ الجزائرية مع الحملة الهولندية، وتفاصيل المفاوضات بين اللورد إكسموث وداي الجزائر. ثم عودة الحملة منتصرة إلى إنجلترا، في حين خُصّص الجزء الثالث للحديث عن مملكة الجزائر، وأسباب سرعة نجاح الحملة عليها.
ويقع الكتاب في 216 صفحة، شاملة ببليوغرافيا وفهرسا عامّا، وهو رواية عن حملة جيش بريطانيا العظمى بقيادة اللورد إدوارد إكسموث على الجزائر الواقعة تحت حماية الباب العالي العثماني، في 27 أوت 1816. وطلب المؤلف سلامة من اللورد السماح له بنشرها، وبها رسالته بتوقيع جاء فيه: "خادمكم المتواضع والأكثر إخلاصا إبراهيم سلامة، لندن في 16 فيفري 1819".
ويقدّم سلامة ملخّصا يعتبره "سابقًا لأوانه" عن حياته، آملا من القارئ ألّا يعتبر ذلك منه غرورا بالنظر إلى كتابته في سنّ مبكرة، إلى جانب موجز عن ظروف تعرّفه على اللغات الأوروبية. ويقول في هذا السياق إنه شُرّف بالعمل في خدمة حكومة الأمة البريطانية التي يصفها بـ "السامية".
ويقول سلامة، المسيحي العكاوي، إن جدّه فرّ من عكا مع أسرته بأكملها، إلى جبل لبنان نتيجة فظائع أحمد باشا الجزار، تاركا وراءه كلّ ثروته وممتلكاته، والابن الأصغر (أحد أعمام المؤلف) الذي اعتُقل، وأُجبر على اعتناق الإسلام (يسميه المحمدية). وإنه بقي في مدينة القديس يوحنا (عكا) وأصبح محافظا للجمارك فيها. وإن والد إبراهيم هاجر بعد ثمانية أشهر إلى الإسكندرية في مصر؛ حيث عُيّن أمينا لصندوق المال. وتزوّج والدة المؤلف الحلبية بعد سنوات قليلة، وأنجباه في عام 1788، ليغادروا المدينة بعد فترة قصيرة، إلى الرشيد، التي عُيِّن والده فيها محصّلا لرسوم مصانع الكتان والقطن.
ويقول المؤلف عندما قرّرت القوات الفرنسية إخلاء مصر للقوات البريطانية، وبينما كان كلا الجيشين هناك، عمل هو في مستودع مع ضباط إنجليز وفرنسيين، فتعلّم كلمات من اللغتين، وأخذ يساعد والده الذي لا يتقنهما في الترجمة. وإضافة إلى ذلك أهداه صديق والده الإيطالي قبل مغادرته مصر، ثلاثة كتب في نحو اللغات الإيطالية والفرنسية والإنجليزية، فبدأ رحلته نحو المعرفة بعد أن كان كل ما تعلمه في المدرسة هو الأبجدية، والعلوم اللاهوتية، في حين كانت معرفته عن العالم ضئيلة جدّا.
وبعد مراجعة إبراهيم الكتب المهداة إليه، استطاع إحراز تقدّم ملموس في اللغة الإيطالية في غضون ستة أشهر تقريبا. وإثر مغادرة الفرنسيين أرسله والده إلى الإسكندرية، ومن ثم هاجر بأسرته إلى القاهرة بعد رحيل الجيش الإنجليزي عنها في عام 1802، وفيها تدرّب إبراهيم، وكان في الرابعة عشرة، عند تاجر مسيحي سوري وكان وقتها يتحدث الإيطالية جيدا، وعلى نحو أقل بالفرنسية، مع قليل من الكلمات الإنجليزية.
وأحرز إبراهيم تقدما كبيرا في دراسته الأوروبية. وحَذق التجارةَ والأعمال الدبلوماسية، وكان في رشيد رجل مشهور يدعى فرانشيسكو بتروتشي القنصل العام السابق للسويد ونائب القنصل ووكيل إنجلترا، طلب من إبراهيم العمل لديه مترجما فوريّا، فتطوع بخدماته خلال عام، وكانت إقامة إبراهيم مع هذا الرجل حافزا له على التطور، لِما أوتيه من ذكاء ونشاط.
كتاب رواية عن الحملة على الجزائر طريف في بابه، متميز بين السير، ويشكّل إضافة مهمة للمكتبة العربية.