الفنان التشكيلي بشير بن شيخ لـ "المساء":

الطبيعة هي التي اختارتني

الطبيعة هي التي اختارتني
  • القراءات: 641
 لطيفة داريب لطيفة داريب

حُب الفنان التشكيلي بشير بن شيخ للطبيعة لا يُقارَن بأيّ وَلهٍ آخر، ولا يُشكَّك فيه ولو لحظة؛ لهذا يرسمها بشكل ملفت ومتنوع منذ أن تغلغل في عالم الرسم في منتصف ستينيات القرن الماضي، فكان ومايزال، بحق، سفيرا للطبيعة، يجسدها على لوحاته بشكل دائم.

قال الفنان بشير بن شيخ لـ "المساء" على هامش تنظيمه معرضه "الطبيعة" برواق عائشة حداد المستمر إلى غاية 19 سبتمبر الجاري، إن الطبيعة اختارته ليقوم برسمها بشكل متواصل منذ ستينيات القرن الماضي، معلّقا: " إن الله جميل يحب الجمال" ؛ لهذا هو لا يتوانى في رسم الجمال بتنوعاته.

ويرى بن شيخ أن الجزائر بلد جميل جدا؛ طبيعته غنّاء ومتنوعة؛ لهذا فقد نصح الشباب الرسامين بتخطي كل صعوبة قد تعترض مسارهم الفني، والتوجه صوب الطبيعة لرسمها، خاصة أن الجزائر تتميز بمناظر طبيعية خلابة ومتنوعة؛ فكلما تحرك الإنسان من مكانه قليلا، وجد نفسه أمام منظر طبيعي مختلف.

وعاد بشير في حديثه مع "المساء" ، إلى بداياته في الرسم؛ حيث التحق عام 1965 بمدرسة للفنون الجميلة، كانت موجودة بساحة الأمير عبد القادر (الجزائر العاصمة). وتتلمذ على يدي الفنان الفرنسي كامي لورا، الذي أدى واجب الخدمة العسكرية بالجزائر، ليخلفه الفنان الجزائري عبد الرحمن سعودي، ليقدم كل ما يعرفه لهؤلاء الشباب المولعين بالرسم.

وشعر بشير بالحنين إلى تلك الفترة التي تعلَّم فيها أبجديات الرسم، وكيف أنه كان يذهب مع الأستاذ ورفقائه في الرسم، إلى عدة مناطق في الجزائر العاصمة، وعلى رأسها القصبة، وحتى أماكن أخرى مثل بوهارون، وبواسماعيل، ليكتشف مناظرها الطبيعية، ويرسمها.

ونوّه الفنان بجهود الراحل سعودي في تعليم أبناء جلدته؛ فكان لا يبخل عليهم بالنصائح، ولا يتوانى في تعليمهم كل صغيرة وكبيرة تتعلق بفن الرسم. وهكذا تعلّم بشير أصول الفن. وأضفى على تعليمه أشياء منه نبعت من وجدانه، فأصبح يرسم الطبيعة على المباشر؛ أي أنه يأخذ لوحة ومحملا ويتجه إلى مكان يبتغي رسمه، وينطلق في هذه العملية السحرية التي قد تستغرق أكثر من يوم.

وتحدّث بشير إلى "المساء" عن ولعه بالتفاصيل في الرسم، وحتى في الحياة، وعن معاناته في بعض الأحيان في غياب الإلهام والإرادة. 

أما عن استعماله الألوان الباردة والترابية فيرجع ذلك إلى ميله إلى هذه الألوان. وفي هذا قال: "حينما كنت أدرس الرسم مع رفقائي، كان يُطلب منا رسم شيء محدد. وكان لكل منا طريقته في التفاعل معه؛ سواء فيما يخص الرسمة في حد ذاتها؛ أي الموضوع، أو حتى الألوان. والنتيجة لوحات مختلفة، وهذا هو الثراء الفني بعينه".

ويرسم بن شيخ لوحات عن الطبيعة، وأخرى عن تقاليد تعود إلى أزمنة بعيدة خاصة عن منطقة القبائل حيث وُلد. وفي هذا رسم أكثر من لوحة عن البحر، الذي قال إنه يحبه كثيرا، خاصة أنه ابن البحر، فكان في كل مرة ينزل إلى ميناء الجميلة بعين بنيان ويرسم البحر، والميناء، والمراكب، والصيادين، ويهتم بكل تفصيل.

نعم، بن شيخ مفتون بالمناظر الطبيعية التي اختار رسمها بتقنية الأسلوب الانطباعي، الذي أعطى جانبا سحريا لهذه المناظر الطبيعية الواقعية، وكذا لبعض مشاهد الحياة  اليومية؛ مثل الأعمال المنزلية، وقطف الزيتون، والرعي وغيرها.

كما إن حنينه إلى الماضي وإلى كل ما يعبّر عنه، ظاهر بشكل واضح جدا في أعماله، علاوة على اهتمامه بآثار الجزائر العاصمة، وبالأخص قصبتها، ورسمه خليجها بشكل جميل فعلا. 

ويعرض الفنان في هذا المعرض 25 لوحة بمختلف الأحجام، كلها مرسومة بالفن الانطباعي التصويري، من بينها: منظر طبيعي قبائلي، وهضبة الصومام، والعودة من الحقول، والعاصفة، ونزول الراعي من الواد، والطبيعة الصامتة، وحقل القمح، والربيع، وساحة الشهداء تطل على الأميرالية، وفي الحقل فلاح وزوجته، وغروب الشمس، وعلى حافة المنبع، والبحث عن الأرانب البرية، وبيت قديم للفنان، وبعد قطف الزيتون، ويوم السوق، وباب الواد، وأعمال منزلية.