إشكالٌ أربك الأولياء وحيّر المعلمين

مختصون: هكذا نجعل للدراسة قيمة في حياة أبنائنا

مختصون: هكذا نجعل للدراسة قيمة في حياة أبنائنا
  • القراءات: 388
أحلام محي الدين أحلام محي الدين

❊ حذار "التيك توك" شاغل ينفث سمَّه في الأطفال! 

❊ دعوة لتأصيل قيمة طلب العلم

❊ طالب العلم عماد المجتمع

تحدّث مختصون في التربية عن السبل الواجب انتهاجها لجعل الدراسة قيمة ورسالة في حياة الأبناء، ضمن ندوة خاصة بالتحضير لسنة دراسية ناجحة بتعاون كل الأطراف، نظمتها جمعية " آلاء" التي تَعُد نفسها شريكا لكل العائلات الجزائرية، وترافق الأسرة والأولياء لحل ما يعترضهم من مشاكل. وعمد المختصون عبر تقنية التحاضر المرئي، إلى تقديم النصائح والإرشادات للأسرة والمعلمين؛ لمساعدة الطفل والتلميذ على الخروج إلى بر الأمان من الملهِيات والمشتِّتات الكثيرة التي تحاصره، والتي زادت من حيرة الأولياء في كيفية تحبيب العلم للأبناء، وجعله مطلبا أساسيا في الحياة؛ لرفع الهمّة، والنهوض بالأمة.

أكد المشاركون في الندوة التي نالت إعجاب الآباء والمعلمين والتي ترجمتها تعليقاتهم الإيجابية القوية التي حملت كل معاني الشكر والامتنان والرغبة بالعمل بما جاء فيها من نصائح قيّمة، قدمها مفتشا التربية سيد علي دعاس ومحمود عبود، والأستاذة المدربة مليكة تواتي؛ حيث أشار المختصون إلى طرق زرع حب الدراسة في قلوب الأبناء، وتنقّلهم إلى المدارس بكل حب، وليس مجرد روتين يومي، أو أداء واجب.
وأوضحت الدكتورة لطيفة العرجوم رئيسة جمعية "آلاء" والمختصة التربوية، أن هذا التحدي يواجه الأولياء في مرحلة المتوسط والثانوي؛ أي من 12 سنة وما فوق؛ إذ يحملون همّه مع المعلمين؛ لشعورهم بالخوف من عدم التحصيل الحقيقي وتحقيق الهدف من الدراسة.
وفي هذا السياق، نوقش دور الأسرة في تنشئة جيل غايته بناء نفسه في وطنه، ولا ينحصر همه في العلامة فقط، وكذا دور المعلمين في ترسيخ هذه القيم السامية البنّاءة، وكذا طرق تحسين المهارات في مواجهة التحديات، وكيفية غرس روح الإبداع في الأجيال من خلال التعاون بين المدرسة والأسرة.

الأبناء هم الغراس والقطوف والآمال وبُناة الغد

أكد مفتش التربية سيد علي دعاس في معرض تدخّله، أن الأسرة هي الخلية الأساسية للمجتمع، وأنها سر تقدمه ورقيّه، وأنها المسؤولة عما يتبناه التلميذ من هدف من وراء العلم. وقال: "هناك من يسعى للحصول على الشهادة ومنصب العمل، وربما من أجل التباهي والتفاخر. لكن المراد حقيقة هو كيف نغرس في أبنائنا قيمة العلم لمرضاة الله تعالى، ثم لفوائده الكثيرة؛ فالأبناء هم الغراس، وقطوف آمالنا، وهم قرة العين، وهم بُناة الغد". واسترسل: "فمن أجل ذلك ونظرا لمكانة الأبناء، نجد أن الإسلام وجّه عناية خاصة في تربيتهم. ونحن كأمة الإسلام، إذا أردنا لأنفسنا عزّا وسدادا فعلينا أن نربي أطفالنا على النمط الذي لمسناه في المسلمين الأوائل، الذين كانوا يهتمون بتنمية الأبناء، وإكسابهم قوة في العقل، والروح، والجسم. ونحن في الواقع نرى الاهتمام بالجسم فقط؛ فبعض الآباء يظن أن واجبه تأمين المسكن، والملبس، والطعام؛ أي بناء الجسد دون العقل والروح ودون تربية الابن على القيم التي جاءت في الرسائل السماوية؛ فلا بد من تعليم الأبناء الإخلاص في طلب العلم لوجه الله تعالى؛ أي أن نحبب لهم العلم، ونُظهر لهم وصية رسول الله عن العلم، وكذا مكانة المتعلم؛ في حديث ابن داود: " من سلك طريقا يطلب فيه علما، سلك الله له طريقا من طرق الجنة ".

وأضاف المفتش: "كنت أقول لتلاميذي نحن في طلب العلم؛ في عبادة. والملائكة معنا، وتحفنا. وعندما يدق الجرس ترتفع الملائكة إلى السماء لتنقل من أخبارنا لله تعالى عن هذه الجلسة في العلم؛ فمثل هذه الانطلاقة أنصح المعلمين بغرسها في الأبناء، وأن يتم تشجيع الأبناء على حب كل العلوم؛ فكلّ علم نافع. ولا بد أن تدرس كل العلوم لتعرف كل ما يحيط بك". وخاطب الآباء قائلا: "العلم والتعليم يساعدك على التدبر، وهذا الامر لا بد أن يفهمه الأولياء أيضا؛ لإيصاله للأبناء... قل لابنك عند الذهاب إلى المدرسة، إذا أخلصتَ النية لله، فأنت في الطريق إلى الجنة". وأوصى الأولياء بالانتباه إلى الشواغل والملهيات التي تشكل خطرا على المتمدرسين، وعلى رأسها الهواتف والتطبيقات الخطيرة، لا سيما خطر "التيك توك" وسمّه المنفوث في الشباب، موضحا: " لا بد من مراقبة الطفل، وما يشاهد، ويتابع "، ضاربا، مثلا، بصنّاع التكنولوجيا في أمريكا، وأصحاب التطبيقات، الذين يمنعون أبناءهم من الأنترنت، ولا يسمحون لهم باستعمال الهواتف سوى لعشر دقائق، فقط، في الأسبوع؛ إذ يحثونهم على التعلم كأساس للحياة، وأن التكنولوجيا والتطبيقات عند الكبر.
طالِبو العلم وصية رسول الله
اختار الأستاذ محمود عبود مفتش التربية، أن يبدأ حديثه بفضل العلم. وقد أمر الله به في أول سورة نزلت على النبي محمد صلى الله عليه وسلم؛ "اِقرأ باسم ربك الذي خلق" . وذكّر بحديث للنبي الذي يوصي فيه بطلبة العلم، مشيرا إلى الأقلام الثلاثة التي خلقها الله تعالى؛ أولها القلم الذي كتب به المقادير. والقلم الثاني هو قلم الملائكة الحافظين، الذين يستنسخون ما نفعله. والقلم الثالث قلم التعلم، الذي يوجد في يد كل من استجاب لأمر الله تعالى.

معرفة القيمة توصل إلى بلوغ الرسالة

وأكدت الأستاذة المدربة مليكة تواتي، أن القيمة؛ أي قيمة العلم، تُعد الضبطية الأخلاقية التي يتسم بها الفرد؛ أي أن كل ما يراه الفرد مقدسا لديه ولا يسمح للغير بأن يمسه، وأن تكون له ردود أفعال قوية إذا مست هذه القيمة.
وحول الطريقة التي يصبح بها طلب العلم قيمة متجذرة قالت: "لا بد أن نحاول غرس هذه القيمة في أبنائنا؛ من خلال تجذير القيمة لديه؛ فكل قيمة لا تصبح قيمة إلا إذا ارتبطت بشعور معيّن مع الكثافة والتكرار؛ فالتلميذ له قيمة في طلب العلم إذا تحولت القيمة من فكرة إلى ممارسة وسلوك يومي".
وعن الطريقة التي تحصل بها القيمة قالت: "لا بد بالعودة إلى النشأة الأولى. ولنا في النبي أسوة حسنة؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، في اجتماعه مع الصحابة في دار الأرقم، يغرس فيهم القيم المتجذرة، والتي جاء بها ديننا الحنيف؛ فالفكرة ترتبط بالشعور. وتتحول إلى معتقد، يلتقطه العقل الباطن، فيتبناه. وهذا المعتقد يتحول إلى قيمة مع الممارسة والتكرار؛ فقد جبل الخالق المخلوق على هذا. وكل قيمة تتحول إلى الجوهرية. ولا يمكن الاستغناء عنها، ومنها تتحول إلى هوية". وأضافت المختصة: "فبعد الهوية تأتي الرسالة، وهي الهدف الأسمى لكل فرد مسلم يريد أن يبلغ الرسالة؛ فلكل واحد منا وجهته وواجبه في الحياة؛ فالأستاذ بإمكانه تحويل حب العلم من فكرة إلى هوية، فرسالة؛ من خلال تغير السلوك النسبي. ويحتاج إلى جهد والعودة إلى الأفكار التي نغرسها في الأبناء؛ فدور الآباء هو إيصال الأفكار المصححة التي نُزعت منها الشوائب، للأبناء؛ من أجل بناء سليم".