مشروع قانون المالية 2025 يأتي في سياق تحسّن المؤشرات الكلية
مشاريع مهيكلة كبرى لتنويع الاقتصاد
- 374
❊ تبسيط الإجراءات لتحسين مناخ الأعمال والإصلاحات الضريبية
❊ توسيع الوعاء الضريبي بتحفيزات لاستقطاب السوق الموازية
يأتي إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2025 وآفاق 2026 و2027، في ظرف وطني تميز بتحسّن المؤشرات الاقتصادية الكلية، مما يوحي باستمرار النمو خاصة خارج المحروقات، وتسجيل فائض في ميزان المدفوعات وتراكم احتياطي الصرف، وكذا في سياق اقتصادي ومالي دولي لا يزال يتّسم بالصدمات والتوترات الجيوسياسية المقترنة بارتفاع مستوى التضخم والتهديد المتزايد لتغير المناخ، مما قد يكون له تأثير على المالية العمومية.
تشير أرقام مشروع قانون المالية لسنة 2025، حسب نسخة بحوزة "المساء" إلى أن سنة 2024 ستختتم بمعدلات نمو ايجابية عرفت زيادة مقارنة بالعام الماضي، حيث سيعرف النمو الاقتصادي للجزائر تحسّنا مع نهاية سنة 2024، من خلال تسجيل مؤشرات ايجابية في القطاعات الرئيسية التي يعتمد عليها الاقتصاد الوطني، إذ من المنتظر أن يرتفع النمو الحقيقي في الناتج المحلي الإجمالي من 4.1 بالمائة في عام 2023 إلى 4.4 بالمائة في عام 2024، على أن يصل النمو خارج المحروقات إلى 4.7 بالمائة مقارنة بـ4.3 بالمائة المسجلة في عام 2023.
2.79 مليار دولار قيمة ميزان المدفوعات مع نهاية 2024
ويتوقع النص التمهيدي لمشروع قانون المالية أن يصل ميزان المدفوعات بنهاية عام 2024 إلى 2.79 مليار دولار، وهو ما يمثل 1.1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ6.35 مليار دولار أمريكي في عام 2023.
ومن المنتظر أن تنخفض صادرات السلع بنسبة 5.5 بالمائة بالقيمة الحالية للدولار، وذلك بتأثير انخفاض قيمة صادرات المحروقات بنسبة 6.9 بالمائة نتيجة الفارق في سعر البرميل، والذي سينخفض من 83.6 دولارا للبرميل في عام 2023 إلى 81.5 دولارا للبرميل مع نهاية 2024. في حين يتوقع النص أن تختتم سنة 2024 بتسجيل ارتفاع في قيمة واردات السلع بنسبة 6.1 بالمائة.
ارتفاع احتياطي الصرف إلى 71.78 مليارا بنهاية 2024، أما فيما يخص احتياطيات الصرف باستثناء الذهب، فستستمر في الارتفاع من 68.99 مليار دولارا في نهاية عام 2023 إلى 71.78 مليارا دولار في نهاية عام 2024، مسجلة زيادة بنسبة 4 بالمائة.
ومن المتوقع أيضا أن تصل إيرادات الميزانية إلى 8.235.62 مليار دج، بانخفاض بنحو 870 مليار دج مقارنة بتلك المخطط لها في ميزانية 2024. ويرجع هذا الانخفاض أساسا إلى تراجع المساهمات المالية للدولة بأقل من 595 مليار دج، ودفع الضريبة على المنتجات النفطية للجماعات المحلية بأقل من 222 مليار دج، للتعويض عن نقص الموارد الناجمة عن إلغاء الضريبة على النشاط المهني.
ومن المنتظر أن ترتفع نفقات الميزانية بمبلغ 3.553.75 مليار دج لتصل إلى 15.275.28 مليار دج في عام 2024 مقارنة بـ11.721.53 مليار دج التي تم إنفاقها في عام 2023.
وفي ظل هذه الظروف تهدف السياسة المسطرة ما بين 2025-2027 إلى تعزيز انضباط الميزانية، والحفاظ على العدالة الاجتماعية والقدرة الشرائية للمواطنين، من خلال المشاريع المهيكلة كبرى، والسعي إلى تنويع النشاط الاقتصادي وزيادة الصادرات خارج المحروقات بوضع خدمة المواطن في قلب اهتماماتها.
وتركز الميزانية على المدى المتوسط للفترة ما بين 2025-2027، على منهج واقعي يهدف إلى الحفاظ على ميزانية الخزينة على المدى القصير والمتوسط، وضمان مواءمة ميزانية الدولة مع الاستراتيجية الوطنية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
ويندرج إعداد مشروع القانون التمهيدي في إطار مواصلة إصلاحات نظام المالية العمومية التي أدخلها القانون الأساسي رقم 15-18 المتعلق بقوانين المالية، فضلا عن الجهود المكرسة لتنفيذ برنامج الحكومة في الآجال المحددة في المحاور الهامة الرامية إلى دعم القدرة الشرائية للمواطنين وخلق فرص العمل وتنمية الاقتصاد الوطني.
وتجدر الإشارة إلى أن طريقة التسيير الجديدة هذه ستجعل من الممكن تحسين فعالية وكفاءة البرامج وضمان الاستخدام الأمثل للموارد العامة المتاحة لتحقيق أهداف استراتيجيات السياسات العامة للحكومة وتلبية احتياجاتها والاستجابة لانشغالات مختلف الفاعلين الاقتصاديين.
توسيع الوعاء الضريبي بتحفيزات لاستقطاب السوق الموازية
وفيما يتعلق بالإيرادات توصي المبادئ التوجيهية التأطيرية بعدم اتخاذ أي إجراء استثنائي أو تخفيض في معدلات الضرائب، حيث يجب أن تستهدف التدابير الضريبية التي سيتم تضمينها في المسودة الأولية لقانون المالية لعام 2025، توسيع الوعاء الضريبي وهو ما ستدعمه جهود إحصاء السكان الذين يدفعون الضرائب من جهة، ومقترحات الحوافز المالية- الضريبية لضم السوق غير الرسمية من جهة أخرى، بالإضافة إلى تعبئة الموارد ومكافحة التهرب الضريبي، وتبسيط الإجراءات في إطار التحسين المستمر لمناخ الأعمال والإصلاحات الضريبية.
ترشيد النفقات بالاستمرار في إصلاح الميزانية
أما فيما يتعلق بالنفقات فاقترح المشروع الاستمرار في ترشيد وتحسين جودة وكفاءة الإنفاق العام من خلال استمرار إصلاح الميزانية، واستمرار تحديث أنظمة المعلومات، وأيضا تسريع التحوّل الرقمي، وتطوير النظام الوطني للمعلومات الإحصائية، بالإضافة إلى مواصلة إجراءات تعزيز الانضباط وشفافية الميزانية من خلال تنفيذ المخطط المحاسبي الجديد والانتقال إلى المحاسبة القانونية، مع ضمان تخصيص اعتمادات الميزانية بشكل أفضل على أساس أولويات الحكومة والاحتياجات الحقيقية لمحافظ البرامج، فضلا عن قدرتها على تنفيذ النفقات.
وفي هذا السياق، فإن النهج المقترح لنفقات الميزانية يجب أن يأخذ بعين الاعتبار أولا ضبط وترشيد نفقات الموظفين، وذلك من خلال التحكم في التوظيف وخاصة فيما يتعلق بإحداث مناصب جديدة واستبدال الوظائف الشاغرة، وإدراج الأثر المالي بمراجعة القوانين وأنظمة التعويضات لبعض القطاعات، ولكل مراجعة جديدة تقررها السلطات العمومية.
وثانيا ضبط وترشيد نفقات تشغيل الخدمات ومكافحة التبذير بكافة أشكاله، مع الحفاظ على كفاءة وجودة الخدمة العامة، من خلال ترشيد النفقات المرتبطة بالبعثات وتكاليف السفر والاستقبال والإيجار والصيانة والإصلاح، وترشيد استهلاك الطاقة، وترشيد نفقات المؤتمرات بالنسبة للمؤسسات العمومية، بالإضافة إلى ضبط نفقات الاستثمار مع إعطاء الأولوية للاستثمارات المنتجة والتي تحظى بالأولوية، سيما تلك الموجودة قيد الانجاز والتي تعرف تقدما بنسبة 70 بالمائة، مع التقليل من الاستيراد والاعتماد على منتوجات مصنّعة محليا.
كما يدعو المشروع إلى ترشيد مصاريف النّقل وضبط شروط دعم الجمعيات التي تستفيد من إعانات من ميزانية الدولة، وضبط شروط استحقاق شركات الاستثمار والمؤسسات العامة الأخرى التي تستفيد من ميزانية الدولة وتخفيض مساهمة الدولة في ميزانيتها، مع وضع إطار شامل للإيرادات الضريبية شبه المالية المتوقعة لسنة 2025.