نتيجة إهمال معدات السلامة والوقاية من الحوادث
37 بالمائة من الوفيات بالورشات سببها السقوط
- 274
❊ 22 بالمائة من الحوادث المصرح بها وقعت بورشات البناء
❊ أكبر نسبة من الوفيات داخل الورشات تسجل بالبليدة
تشكل ورشات البناء أكبر تهديد لحياة العمال، بالنظر إلى المخاطر الكبيرة التي يتعرضون لها، خلال أداء عملهم في الورشات، خاصة ما تعلق منها بالتواجد في الأماكن المرتفعة، حيث تشير الإحصائيات المستقاة من المديرية العامة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للعمال الأجراء، بأن 37 بالمائة من الحوادث المميتة، المصرح بها لدى الصندوق، تقع في ورشات البناء، ويحتل فيها السقوط المراتب الأولى، الأمر الذي يتطلب من أرباب العمل، الحرص على توفير معدات السلامة في أماكن العمل، وتحلي العمال بالوعي، من خلال التعرف على الأخطار المحتملة في مثل هذه القطاعات الاقتصادية وكيفية تجنبها.
تجولت "المساء" في عدد من ورشات البناء على مستوى ولاية البليدة، التي تشهد في الآونة الأخيرة، حركية كبيرة في مجال قطاع السكن، حيث تكاد كل بلديات الولاية تحتوي على مشاريع سكنية في مختلف الصيغ، بما فيها السكن الريفي، الذي يأخذ أصحابه على عاتقهم، مهمة بناء منازلهم بأنفسهم، بالاعتماد على اليد العامة الفتية، الأمر الذي يجعلهم من الفئات الأكثر عرضة لمختلف الحوادث.
وحسب ما وقفت عليه "المساء"، من خلال التواجد في بعض الورشات التابعة للخواص، فإن أغلب العمال يفتقرون لمعدات السلامة، حيث يعملون بدون قفازات ولا قبعات وألبسة خاصة، مثل الأحذية المناسبة، لإبعاد احتمال التعرض لحوادث تتعلق بالدهس على المسامير الصدئة وغيرها.
وفي دردشة "المساء" مع بعض العمال، أكد بعضهم تعرضهم لحوادث مختلفة في الوقت الذي كشف فيه البعض منهم تعرضه لبعض الأمراض الجلدية، بسبب الحساسية، جراء الاستعمال الدائم لمادة الإسمنت"، وأشار آخرون إلى معاناتهم من أمراض صدرية، نتيجة استنشاق الغبار الناجم عن العمل في ورشة البناء. وحسبما جاء على لسان أحد العمال، فإن الخطورة الكبيرة تتمثل في العمل بالبنايات التي تحتوي على عدد من الطوابق، بسبب احتمال السقوط، وهو ما حدث مؤخرا، يقول "على مستوى إحدى الورشات ببلدية البليدة، حيث تعرض عامل عشريني للسقوط من علو 18 مترا"، مشيرا إلى أن أرباب العمل لا يولون أهمية لمعدات السلامة، الأمر الذي دفع ببعض العمال، خاصة الذين يعانون من حساسية ضد مادة الإسمنت، إلى اقتناء القفازات والأقنعة الواقية، على حسابهم.
حماية العمال مسؤولية أرباب العمل
وحول المتابعات القضائية ضد أرباب العمل، الذين يهملون إجراءات ومعدات السلامة في أماكن العمل، أشار الدكتور جمل مطاري، مدير الوقاية من حوادث العمل والأمراض المهنية، لدى الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء، في تصريح خص به "المساء"، بأن قطاع الأشغال العمومية والبناء من أكثر القطاعات التي تشهد وقوع حوادث العمل، تشير إحصائيات المديرية العامة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للعمال الإجراء، بأنه من بين 15 قطاعا اقتصاديا، فإن قطاع الأشغال العمومية والبناء والري، يسجل 22 بالمائة من الحوادث، التي يصرح بها للصندوق.
ويرد المتحدث بقوله: "ما يعني أن أكثر الحوادث المهنية تقع في مثل هذه القطاعات"، وقال أيضا: "بالمناسبة، فإن واحدة من أهم مهام الصندوق، من خلال اللجان التي يتم تنصيبها، وتكون فيها مفتشية العمل طرفا هاما، بالنظر إلى ما تتمتع به من صلاحية الردع، هو التأكيد على وجوب تنبيه أرباب العمل، لأهمية وجود معدات السلامة، خاصة عند تواجد العامل في البنايات المرتفعة، تجنبا لحوادث السقوط". لافتا إلى أن الصندوق عند وقوع الحوادث المهنية، يقوم بتعويض ذوي الحقوق، لكن في المقابل يقوم بالتحقيق لمعرفة ما إذا كان سبب الحادث هو الإهمال في معايير السلامة. وذكر أنه؛ "إن ثبت وجود تقصير من رب العمل، فإن الصندوق يباشر إجراءات استرداد التعويضات من أرباب العمل، وتحويل المعني إلى الجهات القضائية لمعاقبته"، لافتا في السياق، إلى أن الصندوق تمكن من استرجاع أموال ضخمة، بعدما تبين بأن أغلب الحوادث التي وقعت، كانت بسبب إهمال رب العمل لتدابير السلامة في ورشات البناء، وهو أمر، قال إنه "مؤسف، لأن أرباب العمل لا يستثمرون في العامل البشري".
و62 بالمائة من الحوادث بالبليدة سببها السقوط في ورشات البناء
من جهته، أوضح محمد بديع، مراقب رئيسي في الوقاية بالصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية، وكالة البليدة، بأن قطاع الأشغال العمومية والبناء، يشغل ـ حسب الإحصائيات ـ 1.9 مليون شخص من بين 11 مليون، الممثلة للقوة العاملة في الجزائر، أي ما يمثل 17 .2 بالمائة من اليد العاملة، لافتا إلى أن الأغلبية من العمال غير مصرح بهم، ما يعني أن العدد أكبر من هذا بكثير، مشيرا إلى أن الحاجة اليوم، أصبحت ملحة من أجل الرفع من درجة الوعي في بعض القطاعات المحورية، خاصة ما تعلق منها بقطاع الأشغال العمومية والبناء، بالنظر إلى ما يشكله من تهديد لحياة العمال، نتيجة ارتفاع حوادث العمل المسجل فيها.
وحسبه، فإن السبيل الوحيد للتقليل من نسبة الحوادث، خاصة في ورشات البناء، وتحديدا في القطاع الخاص، هو حمل رب العمل على التقييد بتوفير معدات السلامة في أماكن العمل، وتوعية العمال بالمخاطر المنتظرة من بعض الأعمال التي يقومون بها في الورشات، معلنا عن أن ولاية البليدة وحدها تحصي في قطاع البناء، خلال الثلاث سنوات الأخيرة، 13 بالمائة من نسبة الحوادث المصرح بها، والتي قال إنها "نسبة كبيرة"، وتشكل الحوادث المميتة 56 بالمائة من حوادث العمل المصرح بها لدى الصندوق، وتحتل حوادث السقوط المراتب الأولى بمعدل 62 بالمائة".
من أبرز المخاطر التي يجب أن يكون العمال على دراية بها، ويعمل الصندوق من خلال نشاطه الوقائي، على لفت الانتباه إليها، حسب ذات المتحدث؛ "خطر العمل بالقرب من آلات العمل والمعدات، والعمل في مجال حمل المواد الثقيلة، وإهمال تدابير الحماية الجماعية، مثل حواجز الحماية عند العمل في الأماكن المرتفعة، وعدم وجود الألبسة الواقية ضد الصدأ، مثل الأحذية في ورشات البناء، والتكهرب بسبب العمل بالقرب من الخطوط الكهربائية، وغيرها من المخاطر التي تستوجب توعية العمال إليها".