استثمرن في النحل والزيتون والمعجنات والسلالة
نساء ريفيات يتحولن إلى صاحبات مؤسسات
- 293
* 600 امرأة ريفية مسجلة لدى الغرفة الفلاحية لولاية بومرداس
* المطالبة بنظام خاص بالمرأة الريفية وبطاقة خاصة ممثالة لبطاقة فلاح أو حرفي
* توزيع عتاد وتجهيزات على 29 امرأة ريفية بمناسبة يومهن العالمي
تنشط بولاية بومرداس، أزيد من 600 امرأة ريفية في مختلف المجالات الفلاحية، على رأسها الصناعة التحويلية، خاصة صناعة العجائن والمعجون والمصبرات وتجفيف الخضروات لصناعة التوابل والهريسة،إضافة إلى تربية المواشي والأرانب والدواجن والنحل، وغيرها من الأنشطة ذات العلاقة بالعالم الفلاحي. وحسب حديث "المساء" إلى بعضهن، على هامش معرض أقيم، إحياء لليوم العالمي للمرأة الريفية بمدينة بومرداس، فإنهن يرغبن في توسيع نشاطهن الاستثماري، غير أن عراقيل إدارية تحول دون ذلك.
شاركت عدد من النساء الريفيات في الصالون المقام مؤخرا، بدار الثقافة لمدينة بومرداس، إحياء لليوم العالمي للمرأة الريفية، عرضن تشكيلات واسعة من منتوجات من صنع أيديهن، تراوحت ما بين أنواع المعجون، بما فيه معجون العنب، إلى أنواع الزيوت التي تعدت حدود المطبخ، لتزاحم منتوجات التجميل، ومنه زيت التين الشوكي، الذي يستعمل في مكافحة التصبغات ومحاربة التجاعيد، دون إغفال أنواع الأعشاب الطبية والزيوت العطرية والصابون، إلى عرض أنواع من مشتقات الخلية والعسل الطبيعي، الذي له استعمالات في عالم التجميل أيضا، دون نسيان منتوجات الصناعة اليدوية من سلالة تقليدية وفخار وخياطة وغيرها كثير، لا يتسع المجال لذكره، غير أن المؤكد أن كل امرأة مشاركة حاولت أن تروي عبر معروضاتها، قصة نجاحها في قهر الظروف وتحدي نفسها.. هذا مجملا النتيجة التي توصلت إليها "المساء"، بعد حديثها لعدد من أولئك الريفيات.
صنعة يدوية جعلت منهن صاحبات استثمار
لعل القاسم المشترك بين معظم الريفيات؛ الانطلاقة، ونقصد بها الاستثمار في صنعة يدوية متوارثة في نطاق العائلة أو معرفة ببعض الخبايا، لاسيما في مجال الطب التقليدي، ما بين صنع العجائن وأنواع المصبرات والمعجون، وكذا الخياطة والسلالة التقليدية، وحتى صناعة الفخار، إلى الأعشاب، واستخراج الزيوت للطب التقليدي، هو ما وقفت عليه "المساء" في التظاهرة المذكورة، حيث تحدثت إلى الريفية يمينة حسني من سباو ببلدية بغلية، التي نجحت بالخروج بفن العلاج بالتدليك من نطاق العائلة، باستخدام زيت "الفرعانة" أو "سرة الأرض" أو زيت التين الشوكي وغيره، لتطمح اليوم إلى الحصول على محل لتوسيع استثمارها، وحتى تعبئة بعض منتوجاتها وتوسيع نطاق تسويقه.
تروي السيدة لنا بداية قصتها، منذ أن عانت في صغرها من حالات إجهاض متكرر، جعلها تتلقى العلاج بصفة تقليدية على يد جدتها، ثم تعلمت عنها كيفية جني بعض الأعشاب من الغابات، مثل "الفرعانة"، والتي تسمى أيضا "بصلة العنصر"، وكذا "سر ة الأرض"، لاستعمالها في علاج حالات العقم، وكذلك البسباس البري والزعرور، تستعمل في علاجات مختلفة، كحالات انتفاخ البطن والغازات، والإصابة بالزكام، وحتى في علاج انسداد الشرايين، مثلما تقول.
كما تعمل الخالة يمينة على استخراج بعض أنواع الزيوت، كزيت التين الشوكي الذي يصل اللتر الواحد منه، حسبها، إلى 20 مليون سنيتم، وهو مطلوب جدا في عالم التجميل، وهناك أيضا زيت "بصلة الأرض" الذي يستعمل في علاج البواسير وإنقاص الوزن الزائد وغيرها من الحالات. وترغب المتحدثة اليوم، في التوسع أكثر، خاصة بعد أن صقلت موهبتها، من خلال تلقيها لتكوين متخصص في أحد معاهد التكوين المهني، وتسعى إلى الحصول على وثائق إدارية للتوسع، والحصول على دعم لاقتناء تجهيزات خاصة، مثل الرحى والعصارة من الحجم الكبير، وكذا عتاد التعبئة والتعليب لتوسيع نطاق التسويق وفتح مناصب شغل.
وبالمثل، قالت الخالة زيرة سرساب الريفية، من بلدية الناصرية، والتي تجمع ما بين الخياطة والمنتوج الزراعي، مثل طحين الخروب والبلوط، وصناعة أنواع المعجون، ومنه معجون العنب كأول تجربة، أنها تعمل في حدود ضيقة، بسبب انعدام أماكن التسويق، وتطالب بتسهيلات أهمها الحصول على بطاقة خاصة بالمرأة الريفية، إذ لا يحق لها الحصول على بطاقة فلاح، كونها لا تملك قطعة أرض، ولا تستطيع دفع تكلفة التأمين الاجتماعي للحصول على بطاقة حرفية، في الوقت الذي تطمح إلى توسيع استثمارها الفلاحي، خاصة صناعة العجائن الطبيعية، بالنظر إلى وجود نزعة مجتمعية لمنتوجات "بيو"، وقالت في هذا الصدد، أنها تصنع أنواع الخبز الصحي بالأعشاب، وتطمح إلى الحصول على تسهيلات ودعم، لاقتناء مركبة تستعملها في توزيع منتجاتها هذه على المطاعم وبعض المحلات في الضواحي.
المطالبة بنظام خاص.. وبطاقة امرأة ريفية
قالت السيدة غنيمة حديد، ممثلة المرأة الريفية لولاية بومرداس، على مستوى المصالح الفلاحية، إن الكثير من العوائق وراء تراجع عدد النساء الريفيات في الولاية، مبدية أسفها الشديد لهذا الأمر، رغم وجود إرادة كبيرة لدى شريحة واسعة من النساء في الأرياف للعمل والإنتاج، لاسيما الزراعة الجبلية والمساهمة المباشرة في تقوية الاقتصاد المحلي.
وقالت محدثة "المساء"، إن أهم عائق في وجه هؤلاء النسوة يتمثل في "انعدام نظام خاص بهن"، واقترحت المتحدثة على الجهات المختصة التفكير في وضع بطاقة خاصة بالمرأة الريفية، تكون الاستفادة منها بشروط معينة، تُمكن هؤلاء الريفيات مستقبلا من الاستفادة من عدة مزايا، لدعم مشاريعهن الاستثمارية، وأكدت في هذا الصدد، أن هناك ريفيات يردن توسيع مشاريعهن، ولكن كل ذلك مرتبط بتسهيلات الإدارة.
ولايقتصر استثمار المرأة الريفية فيما سبق وذكرنا، بل هناك السيدة فضيلة، التي اختارت الاستثمار في الأشجار المثمرة وتربية النحل في منطقة بشالة ببلدية برج منايل، والتي قالت بأنها اختارت هذا الاستثمار لتبقى قريبة من الطبيعة التي تعتبرها مصدر إلهام مستمر، كونها أديبة وشاعرة. قامت فضيلة مؤخرا، بغرس حوالي 400 شجرة مثمرة، تتنوع ما بين نيكتارين، حمضيات وبرقوق كبداية، وتطمح إلى توسع وفتح مزرعة لتربية الحيوانات، من أبقار وماعز وغيرها وحتى تربية النحل، في حين أكدت أنها تقوم حاليا بإجراءات إدارية للحصول على الوثائق اللازمة، وهي تطالب بتسهيلات أكثر لدخول عالم الفلاحة من أبوابه الواسعة.
توزيع تجهيزات وعتاد على 29 امرأة ريفية
على هامش التظاهرة، أشرفت السلطات الولائية على توزيع عتاد وتجهيزات على 29 امرأة ريفية، في إطار الأسرة المنتجة، يتمثل في تجهيزات لصناعة الحلويات والعجائن وصناديق تربية النحل بكل الأكسسوارات، منهن خداوج تلاملاح من بن مرزوقة بلدية بودواو، استفادت من 5 صناديق لتربية النحل بلوازمها، والتي قالت بأن لعائلتها قطعة أرض بقدارة، أين ستقوم بنصب الصناديق والانطلاق في إنتاج العسل الطبيعي ومنتجات الخلية، وفيما وجهت نداء لمحافظة الغابات، لتسهيل عملية فتح المسلك المؤدي الى أرض العائلة على حوالي 200 متر، وذكرت أن عراقيل إدارية حالت دون ذلك في حين تطمح لتوسيع استثمارها لغرس الأشجار المثمرة.
في المقابل، تشير أرقام مديرية النشاط الاجتماعي في هذا الصدد، إلى أن قرابة 20 ألف امرأة استفادت من برنامج الأسرة المنتجة في إطار النساء الماكثات في البيت والمعوزين، وتتمثل المساعدات في منح عتاد وتجهيزات لصناعة الحلويات والعجائن، وكذا عتاد الخياطة وصناديق تربية النحل، ما ساهم بشكل مباشر في أن تصبح نساء أرامل أو معوزات صاحبات مؤسسات مصغرة، مثلما أظهرته التحقيقات الاجتماعية لذات المصالح مؤخرا.
تشير أرقام الغرفة الولائية للفلاحة، في المقابل، إلى أن هناك أزيد من 600 امرأة ريفية مسجلة بالغرفة، تأتي على رأس الأنشطة الفلاحية الممارسة تربية النحل، تربية المجترات الصغيرة وجني مع عصر الزيتون، وكذلك الزراعة الجبلية وتربية المواشي، وغيرها من الأنشطة، التي جعلت الكثيرات منهن صاحبات مؤسسات يساهمن في التنمية المحلية، من خلال الاستثمار في الصناعات التحويلية، بفضل وفرة المواد الأولية، لاسيما الخضروات، ومنها الفلفل لصناعة التوابل والهريسة، إلى جانب تجفيف بعض الفواكه ومنه التين، وهناك صناعة أنواع من المعجون، وحتى طحين ثمار الخروب والبلوط لصناعة الروينة.
وحسب ذات الجهة، فإن معظم الأنشطة التحويلية ترتكز بالبلديات الشرقية للولاية تحديدا ببلديات دائرتي بغلية ودلس، دون إغفال الاهتمام بالشعب الفلاحية الأخرى الهامة، على غرار تربية النحل وتربية الأبقار والدواجن والأرانب ببقية البلديات، لاسيما لقاطة، شعبة العامر، بوزقزة قدارة، بغلية وبودواو..إلخ.