عرض "المواطن بيار شولي" بمؤسسة "عسلة"

مناضل رافق الجزائر في تحريرها وفي تشييدها

مناضل رافق الجزائر في تحريرها وفي تشييدها
  • القراءات: 267
مريم. ن مريم. ن

استضافت "مؤسسة عسلة"، أول أمس، بمقرها في العاصمة، المخرج سعيد مهداوي، لعرض فيلمه الوثائقي "المواطن بيار شولي"، الذي تضمن جوانب مهمة من حياة هذا المناضل، قبل الثورة وحين اندلاعها، وتفانيه في بناء الدولة الجزائرية بعد الاستقلال، ناهيك عن مواقفه الإنسانية ومبادئه التي غرسها في طلبته، هذا البطل كان يقول له الراحل بوضياف "ليت كل الأوروبيين مثلك يا شولي".

انطلق العرض بحضور غفير، بعضه من أصدقاء الراحل شولي وطلبته. وتضمن المشهد الأول من الفيلم الوثائقي، جنازة الراحل شولي، الذي توفي سنة 2012، بحضور جمع من رفقائه في النضال، بعدها تم استعراض حياة الراحل الذي شهدت سنة ميلاده، احتفالات فرنسا بمرور 100 عام على تواجدها بالجزائر، وهنا أبرزت مشاهد الأرشيف الكثير من الاستعراضات، خاصة العسكرية منها.

تحدث في الفيلم المؤرخ البروفيسور محمد القورصو، مبينا تلك المجازر والحرائق والنفي والجوع والجهل، الذي مارسته فرنسا منذ دخولها الجزائر، وما واجهته من ثورات شعبية، ثم من نضال سياسي لنيل الحرية والحقوق، وصولا إلى مجازر "8 ماي 1945"، مؤكدا أن والد شولي وأمه كانا من الجيل الثالث للمعمرين الفرنسيين، مع عرض صورة لهما، ثم لشولي، الطفل الذي تأثر بوالده النقابي المناضل والنشط في العمل الجمعوي، وأحد مؤسسي صندوق الضمان الاجتماعي في الجزائر.

تحدثت أليس شريكي، زميلة شولي في الجامعة، ورفيقته في النضال وفي حرب التحرير (مختصة في الطب العقلي)، كيف اكتشفت معه بؤس الجزائريين وفقرهم تحت الاحتلال، متوقفة عند دخول بيار شولي للكشافة، التي كونت شخصيته أيضا، وصولا لسنة 1950، حينما احتك بمناضلي الحركة الوطنية، فازداد وعيه وحبه للجزائريين، ورغم رغد العيش لعائلته، كان يفضل المشي في أروقة باب عزون، لالتقاء زملاء الكشافة (منهم الراحل قداش) عوض الجلوس في مقاهي شارع ديدوش (ميشلي سابقا). جاء أيضا أن شولي تأثر بكتابات فرانس فانون، وقرأ أيضا لكتاب ومثقفين جزائريين وفرنسيين ملتزمين، ليزداد وعيه بالقضية الجزائرية، وفي 1953 انضم إلى حركة انتصار الحريات الديموقراطية، ليكون جاهزا لأول نوفمبر 1954. من الصور أيضا، صورته بكنيسة حسين داي في مراسيم عقد قرانه مع رفيقة دربه كلودين، التي ستتحمل أهوال الثورة.

توقف الفيلم أيضا عند مجلة "الضمائر المغاربية"، التي اشتغل فيها شولي مع مجموعة من المناضلين، المساندة للقضية الجزائرية علنا، ثم دخلت السرية، وتشتت طاقمها أثناء الثورة، خاصة بعد نشرها بيان 1 نوفمبر، علما أنها سبقت في ذلك جريدة "المقاومة"، التي نشرته سنة 1956، ثم نشر في العدد 4 من "المجاهد". تضمنت الشهادات أيضا، عمل شولي ورفاقه، منهم أليس، وكيف كانوا يوزعون المناشير والأدوية، وقال الرائد عز الدين في شهادته، إن شولي قام بحمله في سيارته، حينما جرح من الأخضرية إلى مستشفى "عيسات إيدير" بأعالي القصبة، للعلاج، ثم إلى حي بلكور، مارا على الحواجز الأمنية ومخاطرا بزوجته الحامل التي كانت معه، كما كان يتفقد المجاهدين الجرحى، ويلتقي قادة الثورة الكبار، منهم بوضياف وعبان والعربي بن مهيدي وغيرهم.

شولي يتحدث عن مشواره

 قدم الفيلم أيضا، شهادة للراحل شولي، تحدث فيها عن هذا الالتزام الذي تولد من وجع الجزائريين، وما عانوه من ذل وتحقير، وذكر أن بوضياف قال له ذات مرة "ليت كل الأوروبيين مثلك يا شولي"، كما تحدث عن مستوى النضج السياسي عند قادة الثورة، الذين احتك بهم، منهم موساوي ورضا مالك وكريم بلقاسم وعبان والرائد صادق وسعد دحلب وبن مهيدي وغيرهم، مستحضرا بعض ذكريات الثورة، منها حمله لوثائق مؤتمر الصومام إلى الولاية الثالثة، رفقة زوجته، واضعا إياها في حفاظة ابنه الرضيع، وحين اعتقاله، واصلت كلودين مهمته، ومن ذلك نقلها لعبان رمضان من البليدة إلى العاصمة. في 1957، قال شولي، إنه التحق بجريدة "المجاهد" في تونس، ثم تولى مهاما في الحكومة المؤقتة، بعدها شارك في بناء وتشييد الجزائر المستقلة، منها استرجاع الوثائق، وتأسيس كلية الطب وتكوين الأطباء، وكان وراء تطبيق سياسة الطب المجاني وتشييد المستوصفات، وكذا زياراته الميدانية حتى منطقة إليزي، للوقوف على تطبيق بعض المشاريع، مع تقديم شهادات بعض طلبته، منهم نادية آيت خالد، التي قالت إن شولي "كان يعلمنا أن النضال يسبق الطب"، بمعنى اختيار التخصص الذي تحتاجه البلاد قبل الميول الشخصي، لذلك كان وراء النهوض بتخصص طب الرئة لمحاربة السل.

مهداوي: الفيلم التزام اتجاه المناضل شولي

قال المخرج سعيد مهداوي، فور انتهاء العرض، إن أصدقاء شولي ساعدوه على إنجاز هذا الفيلم، وأنه اعتمد المشاهد التمثيلية لتعويض نقص الأرشيف، ولإعادة بناء الأحداث، كما أكد أنه حاول الالتزام بكل ما قاله له شولي، مع عرض بعض التفاصيل الأخرى، منها سعي شولي لدى أسقف الجزائر حينها، لمنع دخول العسكر للكنائس وتوريطها. وشكر مهداوي بالمناسبة، رفيق دراسته "لوك" ابن الراحل شولي، الذي رافقه أثناء تصوير الفيلم معجبا بأداء الممثلين.
بعدها، توالت شهادات الحضور، منهم طلبة شولي القدامى، وكذا شهادات عن كلودين، التي كانت الأولى التي أسست مركزا خاصا بعالم الريف، بعد الاستقلال وقربت أبناء المدن للأرياف.