ندوة "المسرح الجزائري" في صالون الكتاب

من مقاومة الاستعمار إلى نقل قيم الثورة

من مقاومة الاستعمار إلى نقل قيم الثورة
  • 190
دليلة مالك دليلة مالك

تواصلا لفعاليات الدورة الـ27 للصالون الدولي للكتاب بالجزائر، نُظّمت ندوة بعنوان "الثورة في المسرح..تكريماً لطه العمري" أوّل أمس الأحد، بمشاركة عدد من الباحثين والمسرحيين والمثقفين، لمناقشة دور المسرح في بناء الوعي الوطني والحفاظ على ذاكرة الثورة الجزائرية.

بدأ الباحث أحمد شنيقي كلمته بالتأكيد على أنّ المسرح الجزائري ارتبط بالقضية الوطنية منذ بدايات القرن العشرين، أي قبل تأسيس جبهة التحرير الوطني في 1954. وأوضح أنّ العديد من الفنانين والمبدعين، منذ العشرينيات، استخدموا المسرح كأداة لتعزيز الهوية الوطنية وتحفيز الوعي الشعبي. واستشهد شنيقي بمسرحية "الجثّة المطوّقة" لكاتب ياسين وأعمال محمد بودية كمثالين بارزين على هذا الاتجاه. وأكّد أنّ المسرح كان ومازال يشكّل أداة فاعلة في تحفيز الجماهير على التفكير في القضايا الوطنية، لكن مع الأسف، أشار إلى أنّ تمثيل تاريخ الجزائر بعد الاستقلال غالبًا ما اختزل في رؤى جزئية أو ذات طابع سياسي ضيّق.

من جانبه، تحدّث الكاتب احسن تليلاني عن دور "الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني" التي اُسّست في تونس عام 1958 تحت إشراف المجاهد والمخرج مصطفى كاتب. وقدّمت هذه الفرقة، التي ضمّت 35 عضوًا، العديد من العروض المسرحية التي كانت تستهدف تعزيز الروح المعنوية للمجاهدين، مثل مسرحيات "نحو النور" و"الخالِدون". واعتبر تليلاني أنّ "المسرح الجبلي" كان بمثابة سلاح ثقافي يعزّز الوعي الثوري لدى المجاهدين، حيث كان يُعرض في مخيمات جبهة التحرير لمخاطبة النفوس وحشد العزائم ضد الاستعمار.
في سياق مشابه، تناول البروفيسور لخضر بركة التاريخ الثقافي للمسرح الجزائري وعلاقته بالتقاليد الشفهية العريقة التي سادت في المجتمعات الجزائرية منذ قرون.

وأشار إلى أهمية "الحلقة" كفضاء شعبي لعرض القصص البطولية والحكايات المحلية، التي كانت تُنقل شفوياً في الأسواق والمناسبات. كما سلّط الضوء على محاربة السلطات الاستعمارية للمسرح الشعبي، حيث قامت بحظر "مسرح الظل" منذ عام 1848، باعتباره تهديدًا للأمن العام. رغم هذه الرقابة، نجح المسرح الشعبي والشعر الملحون في الحفاظ على جزء من الهوية الثقافية الجزائرية، وكان رافدا من "المقاومة الثقافية" ضدّ الاستعمار.

أما مدير المسرح الوطني الجزائري "محي الدين بشطارزي" محمد يحياوي، فأكّد أنّ المسرح الجزائري لم يقتصر على فترة الثورة التحريرية، بل استمر في لعب دور مهم بعد الاستقلال. وذكر أنّه منذ احتفالات الذكرى الخمسين للاستقلال في 2012، تم عرض نحو أربعين مسرحية تناولت موضوعات تتعلق بحرب التحرير ومقاومة الاحتلال. وأوضح أنّ المسرح لا يزال يعدّ أداة فعالة لنقل قيم الثورة الجزائرية إلى الأجيال الجديدة، مشيرًا إلى ضرورة دعم الدولة لهذا التراث الثقافي من خلال استثمار في العروض المسرحية وتعزيز الدور الثقافي للمسرح.