ندوة "صناعة الكتاب وديناميكية المقاولاتية" بسيلا
المطالبة برسم سياسة وطنية للكتاب
- 114
دعا المشاركون في ندوة "صناعة الكتاب وديناميكية المقاولاتية" التي نظّمتها النقابة الوطنية لناشري الكتب في إطار الصالون الدولي للكتاب بالجزائر، إلى رسم سياسة وطنية لصناعة الكتاب باعتباره وسيلة لتجسيد الأمن الفكري وعائد اقتصادي مهم.
بالمناسبة، قال السيد رئيس النقابة الوطنية لناشري الكتب "سنال" أحمد ماضي، إنّ صناعة الكتاب تواجه تحديات كبيرة تتعلّق بالحداثة والتكنولوجيا، إذ أنّنا أمام ضرورة تحديث عملية إنتاج الكتاب. أما الأستاذ عبد القادر بريش فذكر أنّ الاقتصاد الثقافي رافد من روافد التنمية الاقتصادية لأيّ دولة، وصناعة الكتاب جزء من هذا الاقتصاد، تخضع لقوانين السوق أي للعرض والطلب وللمنافسة، إلاّ أنّ الكتاب يبقى منتوجا خاصا تتشابك فيه العوامل الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية. ويعتبر عنصرا مهما في تحقيق الأمن الفكري.
وطالب الأستاذ بضرورة تحصين أمننا الفكري وإزالة كلّ محاولة تسميمه، معتبرا أنّ صناعة الكتاب لها خصوصيات، كما يجب أيضا مراعاة المتلقي، أي القارئ، وهو ما يقع على عاتق الدولة التي تسنّ القوانين الخاصة بهذا المنتوج وكذا أطره التنظيمية. وتحدّث بريش عن القوانين والمراسيم المتعلقة بصناعة الكتاب في الجزائر في وقت تزايد فيه عدد الناشرين وحتى المؤلفين الذين يكتبون في كلّ المجالات، ليقدّم معطيات تخصّ الاستطلاع الميداني الذي قام به على مستوى بعض دور النشر المشاركة في الصالون الدولي للكتاب بالجزائر.
في هذا السياق، تطرق بريش إلى بعض الصعوبات التي تواجه دور النشر، تأتي في مقدّمتها ارتفاع الرسوم والضرائب والدعم المحدود لوزارة الثقافة والفنون، علاوة على ارتفاع تكاليف تصدير الكتب للمشاركة في المعارض الدولية، وكذا مجابهة التطوّرات التكنولوجية في صناعة الكتاب ودخول الكتاب الرقمي وعدم تقنين شبكة التوزيع.
بالمقابل، تطرّق بريش الى نقاط القوّة في عملية صناعة الكتاب في الجزائر مثل الوجود القويّ للكتاب شبه مدرسي والجامعي أمام تزايد عدد المتمدرسين والطلبة، وارتفاع نسبة المقروئية، ليطالب بضرورة استغلال هذا الشغف بالقراءة عبر رسم سياسة وطنية عمومية للكتاب بالجزائر. من جهته، قدّم الأستاذ عمر هارون بعض الأرقام العالمية التي تمسّ عملية صنع الكتاب في الدول المتطوّرة والتي تؤكّد اهتمام هذه الأخيرة بصناعة الكتاب بكلّ حالاته الورقية والرقمية والصوتية، وكذا تحويل العديد منها الى أفلام ومسلسلات ناجحة.
كما اعتبر أنّ الناشر هو الحلقة الأضعف في سلسلة صناعة الكتاب نظرا لغلاء سعر الورق وأحيانا عدم توفّره أصلا، ليدعو إلى الاهتمام بتسويق الكتب لوجود مقروئية في الجزائر عكس ما يقال. مضيفا أنّ الكتاب المصنّف جيّدا ولا يضمّ الأخطاء اللغوية سيهتم به القارئ، في حين أنّ تكاليف المصحّح والمصمّم مكلفة للناشر.
وتوقّف هارون عند تناقض كبير في مسألة الكتاب بالجزائر، حيث نشهد تراجعا في سوق الكتاب وفي نفس الوقت تزايد في المقروئية خاصة من الشباب الذي من الضروري جذبه والاهتمام بانشغالاته، كما يجب تحويل الكتاب إلى صناعة منظومة خاصة به تجلب عوائد اقتصادية مهمة، يضيف المتحدّث. وتابع أنّه من الضروري جدا تسويق ثقافتنا وتسليط الضوء على شخصياتنا التاريخية خاصة وأنّنا نعيش في واقع يفرض علينا ابراز ثقافتنا، فتحقيق الأمن الفكري ضرورة لا مناص منها.
أما الأستاذ ياسر مزياني، الأمين العام للنقابة، فقد أكّد تغيّر حال الناشرين بعد جهود النقابة خاصة بسن قانون2015، الذي نقل الناشر من مصنف في إطار الخدمات إلى منتج صانع أي يستفيد من ربح ضريبي. وأمام العدد المحدود جدا للمكتبات، قال مزياني إنّ الدولة تحاول سدّ هذا الفراغ من خلال تنظيم العديد من المعارض. كما تسبّبت جائحة كورونا في غلق العديد من دور النشر أمام غياب تام للورق، لتعود الدولة من جديد عام 2021 وتنظّم الصالون الدولي للكتاب بالمجان بالنسبة لدور النشر الجزائرية، ومن ثم كشف المتحدث عن تقديم مشروع أمام وزارة المالية متعلق برفع الرسوم على الورق، ما سيؤدي حتما إلى خفض سعر الكتب.
وتحدّث مزياني أيضا عن مشكلة عدم تحيين المواد التي تُدرّس في مركز التكوين المهني ببئر خادم حول الطباعة والنشر، وقد تم تقديم طلب لهذه الجهة لتحيين هذه المواد، كما تم تقنين مهنة من مهن النشر متمثلة في التصميم فالمصمّم أصبح يحمل بطاقة المقاول الذاتي، ليكشف المتحدث أنه أصبح وكيلا أدبيا وهو الأوّل من نوعه في الجزائر، ليدعو بدوره الى الاهتمام بالوسائط التي أثبتت قوتها في هذه الطبعة من صالون الكتاب مثل تيكتوك والاهتمام بالكتاب الرقمي الذي سيكون مرافقا للكتاب الورقي. كما تدخل الكاتب الصحفي بوعلام رمضاني في الندوة، ودعا إلى منح حرية المبادرة للناشر المقاولاتي، مضيفا أنّه على الناشر أن يكون وطنيا وأن لا يمسّ الخطوط الحمراء لدولته وأن يعمل بحرية.