عرضت تجربتها في صناعة الحلي

حرفية تلج عالم الإبداع عن طريق ابنتها المعاقة

حرفية تلج عالم الإبداع عن طريق ابنتها المعاقة
السيدة سامية قسول، والدة الشابة الحرفية هدى، المعاقة ذهنيا وحركيا
  • 68
رشيدة بلال رشيدة بلال

اختارت السيدة سامية قسول، والدة الشابة الحرفية هدى، المعاقة ذهنيا وحركيا، أن تنوب عن ابنتها في معرض الصناعات التقليدية، لتقدم تجربتها الفريدة من نوعها مع الصناعة التقليدية، وكيف تمكنت من إدماج ابنتها في المجتمع عن طريق تعليمها حرفة، كانت بمثابة الوسيلة التي أخرجتها من عزلتها التي دامت لسنوات.

حاولت والدة الآنسة هدى، بمناسبة مشاركتها في معرض الصناعات التقليدية أولاد يعيش بالبليدة ، أن تبرز في جناحها ما يمكن للمعاق القيام به، لو حظى بالقليل من الرعاية والاهتمام، وقالت في معرض حديثها لـ"المساء": "لا أملك أي موهبة ولا أي صنعة، ولم أكن أتصور يوما أن ألج هذا المجال وأتعلم حرفة تقليدية".
وأردفت قائلة: "في الحقيقية، أنا أستاذة في اللغة الإنجليزية، بعدما أحلت على التقاعد وكبر أولادي، لم يبق معي إلا ابنتي المعاقة ذهنيا وحركيا، وكنت في كل مرة أبحث عن ما يمكنها القيام به، حتى أخرجها من عزلتها، خاصة وأن المراكز التي يتم إلحاق المعاقين بهم، يضطرون إلى مغادرتها بعد بلوغهم عمر 18 سنة، وبعد تطوعي في إحدى الجمعيات التي تعنى بمتابعة الأطفال المصابين بالتريزوميا، والتي كنت ألحق ابنتي بها حتى تندمج مع غيرها، وقتها قررت التطوع لتقديم خدمة في الجمعية واخترت من باب الصدفة، تعليمهم كيفية صنع الحلي ببعض أنواع الخرز لصنع عقد بسيط، والمفارقة كانت تفاعل كل الأطفال، بما فيهم ابنتي، بطريقة غريبة مع هذا النوع من الأنشطة الحرفية، ومنها كانت انطلاقتي مع عالم الحرفة التقليدية".

وقالت السيدة سامية: "على الرغم من أني لا أملك أي  فكرة على الصناعات التقليدية، إلا أن تفاعل الأطفال مع هذا النوع من الحرف، وتحديدا كل ما له علاقة بالخرز وصنع الحلي، جعلني أقرر تعلمها حتى أتمكن من تعليمها لهم"، مشيرة إلى أن ولوجها عالم الصناعة التقليدية، كان عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، ومن ثمة التحقت بغرفة الصناعات التقليدية، لتمكين ابنتها من عرض مشغولاتها على زوار الغرفة. أوضحت الحرفية، أن تعليم المصابين بالتريزوميا أو المصابين بمرض عقلي عمل صعب، ويتطلب الكثير من الصبر والبحث عن أسهل الطرق. مضيفة: "اجتهدت لأتعلم كل أسرار صنع الحلي وبأسهل الطرق المتاحة، حتى أتمكن من تعليمها"، مشيرة إلى أن ما ساعدها على التحمل، تجربتها في التعليم التي سهلت عليها مهمة التواصل مع هذه الفئة.

تضيف: "شيئا فشيئا، تمكنت من تعليمهم بما في ذلك ابنتها، التي أبدعت في صنع عدد من الحلي"، وحسبها، فإن ما تفخر به اليوم، أنها تمكنت أخيرا من معرفة ما يمكن لابنتها القيام به، وكيف يمكنها الاعتماد على نفسها والخروج من عزلتها. وقالت أيضا: "أتطلع اليوم لأن تتمتع ابنتي ببطاقة الحرفي، لتتمكن من شق طريقها والتمتع بمختلف الامتيازات التي تمنحها البطاقة".

رغم أن الشابة هدى لا يمكنها أن تعمل من دون مرافق يوجهها ويساعدها على إنجاز العمل، إلا أن والدتها قالت: "إن التحدي بالنسبة لي، كان البحث عما يمكنها القيام به، لتعتمد على نفسها وتشغل وقتها، وبعدما تمكنت من اكتشاف ما يمكنها القيام به، أخذت على عاتقي اليوم، مهمة تمكينها من الإدماج في المجتمع، من خلال المشاركة في المعارض والترويج لصنعتها، التي تؤكد بأنها لقيت إعجاب كل من اطلع عليها، بل وأكثر من هذا، تلقت طلبيات من بعض الزبائن"، مضيفة أن الإشكال الوحيد يكمن في "عدم إمكانية حصولها على بطاقة الحرفي، كونها معاقة، لأن حصولها على البطاقة يفقدها الحق في منحة المعاق، وهو ـ كما تقول ـ المطلب الذي تتمنى أن يعاد النظر فيه، كنوع من الاستثناء، حتى تؤمن مستقبلها كحرفية".
تعتقد والدة الحرفية هدى، أن هذه الفئة لا تزال بحاجة إلى الكثير من الرعاية، وعلى مستوى ولاية البليدة، ليس هناك مراكز تعنى بهم بعد بلوغهم سن 18 عاما، من أجل هذا، تناشد الجهات المعنية تمكينها من مقر، لتتكفل بمرافقة وتعليم هذه الفئة المحبة للعمل الجماعي، والتي تتطلع فقط إلى الاندماج في المجتمع.