إخفاء سجل الشكاوى بمعسكر

استراتيجية مقصودة أم إهمال إداري؟

استراتيجية مقصودة أم إهمال إداري؟
  • 71
ع. ياسين ع. ياسين

يعد "سجل الشكاوى"، أحد الآليات التي وضعتها السلطات العمومية في البلاد، لتمكين المواطنين من رفع انشغالاتهم إلى الجهات المختصة، بهدف الاستجابة لتطلعاتهم وتحسين نوعية الخدمة العمومية. في ولاية معسكر، تسعى العديد من الإدارات والمؤسسات العمومية، عمدا، إلى إخفاء سجل الشكاوى، بوضعه في أماكن بعيدة عن أنظار المواطنين، وهي الممارسة التي تشكل عقبة أمام المواطنين لتبليغ انشغالاتهم، المتصلة بالصعوبات والمشاكل التي تواجههم داخل هذه المؤسسات. وهو النهج الذي يبدو متعمدا، ويهدف إلى تقليل عدد الشكاوى المقدمة عبر الحد، بشكل غير مباشر، من وصول المواطنين إلى هذا السجل.

وخلال زياراته الفجائية لعدة إدارات في بلديات تابعة لدائرتي معسكر، هاشم وتيغنيف، أولى والي معسكر، فؤاد عيسي، اهتماما خاصا بـ«سجل الشكاوى"، مؤكدا على ضرورة توفير هذه السجلات في أماكن ظاهرة ومتاحة للمواطنين، وقد لاحظ، أن بعض الإدارات تضع هذه الدفاتر في أماكن غير بارزة للعيان، وهي ممارسة أدانها بشدة وطالب بتصحيحها فورا.

ويرى خبراء، أن الإخفاء المتعمد لدفتر الشكاوى، يعتمد على استراتيجية نفسية محكمة، فبوضع هذا الدفتر بعيدا عن أنظار المواطنين، تقل احتمالية طلبهم له أو استخدامه بشكل كبير، حيث تستغل هذه الطريقة آلية نفسية طبيعية، إذ يميل الإنسان في مواجهة العوائق، سواء كانت مادية أو نفسية، إلى التراجع أو تأجيل المطالبة بحقوقه، خاصة في بيئة لا تشجع على التعبير عن الشكاوى. وهو السلوك الذي يؤدي إلى تآكل ثقة المواطنين في الإدارات العمومية، وفي قدرتها على تلبية احتياجاتهم أو حل مشاكلهم، كما يساهم في زيادة الشعور بالاستياء بين المواطنين، مما يدفعهم أحيانا إلى اللجوء إلى وسائل أخرى للتعبير عن مطالبهم، مثل وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي.

وحتى عند تمكن المواطن من الوصول إلى السجل وتسجيل شكواه، يبرز مشكل آخر، يتمثل في سوء معالجة الشكاوى، فالقانون ينص صراحة على أن الشكاوى المسجلة، يجب أن تتلقى ردا، وأن يتم تدوين الملاحظات في الدفتر، إلا أن العديد من الشكاوى، تبقى بدون أي ملاحظات أو ردود توضح، أو تعالج المشاكل المطروحة، مما يعكس إهمالا واضحا لحقوق المواطنين في تعاملهم مع الإدارات العمومية.  ويجب التنويه هنا، إلى أن السلطات العليا، تولي أهمية كبيرة لـ"سجل الشكاوى"، باعتباره أحد الآليات الأساسية التي تمكن المواطنين من رفع انشغالاتهم للجهات المعنية. علما أن هذا السجل، يأتي في إطار التعليمات التي قدمها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، خلال اجتماع مجلس الوزراء المنعقد في أكتوبر 2022، والتي تهدف إلى تحسين التكفل بانشغالات المواطنين بشكل أفضل.