لبلوغ الأهداف المسطَّرة
دعوة لتكثيف العمل الميداني ورفع الوعي عند الشباب
- 89
يُعد اليوم العالمي لمكافحة الإيدز، من أهم الأيام العالمية للصحة التي تحييها كل الدول على غرار الجزائر؛ من أجل الوقوف على الإنجازات المحققة، والتحديات التي لاتزال موجودة. وحسب مختصين في الصحة، فإن واحدا من أهداف التنمية المستدامة هو بلوغ صفر إصابة بداء فقدان المناعة المكتسبة مطلع 2030. والسؤال المطروح: هل الجزائر قادرة على بلوغ هذا الهدف أمام ما يشهده المجتمع من متغيرات وآفات، خاصة ما تعلق منها بآفة المخدرات، التي صُنفت بأنها المسؤول الأول عن صعوبة السيطرة على هذا الداء المُعدي.
قال الدكتور عبد الحفيظ قايدي ـ أخصائي الأمراض المعدية بمستشفى بوفاريك بولاية البليدة ـ ردا على سؤال "المساء" حول تقييمه للوضعية الصحية لداء فقدان المناعة المكتسبة في الجزائر، بأنها ـ وللأسف الشديد ـ سجلت ارتفاعا في عدد الإصابات خلال السنوات الأخيرة، مرجعا الأسباب إلى مخلّفات وباء كورونا، الذي جعل الناس ينسون وجود أمراض خطيرة أخرى. وتهاونوا في كل ما يتعلق بالتشخيص وتدابير الوقاية؛ الأمر الذي أدى إلى تسجيل ارتفاع في حالات الإصابة، لا سيما في صفوف الشباب.
وحسب المختص في الأمراض المعدية، فـ"عند الحديث عن حالات الإصابة في الجزائر، لا بد من تسليط الضوء على الولايات الحدودية؛ حيث نجد أكثر من 40 جنسية تمر عبر الحدود، ساهمت في تفشي المرض"، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى، أكد المتحدث أن أهم الأسباب التي جعلت معدلات الإصابة تزيد، التهاون والتخلي عن تدابير الوقاية لمنع انتشار المرض، وعدم فهم المعنى الصحيح لكيفية انتقال العدوى، والتي عزّزها ضعف النشاط الجواري والتحسيسي، خاصة من طرف المختصين.
تعاطي المخدرات وراء ارتفاع معدلات الإصابة
لعل من أكثر الطرق التي جعلت معدلات الإصابة بداء فقدان المناعة المكتسبة يزيد في الجزائر، بشكل مباشر، حسب الدكتور قايدي، المخدرات، والعلاقات الجنسية غير المحمية، التي تفشت بشكل ملحوظ، في السنوات الأخيرة، في ظل ضعف الوعي، والتهاون بالتدابير، مشيرا إلى أن الوضعية الحالية تتطلب التحرك بشكل سريع؛ لوضع حد لانتقال المرض بشكل سريع، خاصة أمام الانتشار الكبير لتعاطي المخدرات، لافتا إلى أن المخدرات أصبحت في متناول الشباب؛ الأمر الذي يتطلب عودة المختصين إلى الميدان؛ من أجل التحسيس بخطورة المخدرات، التي أصبحت المسبب الأول لتفشي داء فقدان المناعة المكتسبة.
رغم وجود مراكز للكشف إلا أن الإيدز لايزال من الطابوهات
وحول عدد المقبلين على تشخيص داء فقدان المناعة المكتسبة على مستوى مصلحة الأمراض المعدية بالمؤسسة الاستشفائية ببوفاريك، أوضح المتحدث أن العدد الذي يقصد المصلحة، قليل، وأنه لا يعكس العدد الحقيقي، وأن الفئة التي يرغبون في الوصول إليها، لم تأت بعد؛ كون داء فقدان المناعة المكتسبة لايزال من الطابوهات، التي يخشى المجتمع الكشف عنها، والحديث حولها؛ الأمر الذي جعل المصابين دائما يرفضون التقرب للفحص والكشف، ويفضلون السكوت رغم أن أغلب المصابين يعرفون أنهم مصابون بنسبة 90 ٪، إلا أن الخوف من نظرة المجتمع تحوّل دون قيامهم بهذه الخطوة.
وحول جهود الدولة في الميدان من أجل كسر هاجس التقرب للفحص والمتابعة، أكد المتحدث أن وزارة الصحة فتحت عدة وحدات عبر كامل التراب الوطني؛ من أجل الكشف عن هذا الداء؛ حيث تتم العملية بصورة سرية بين الطبيب والمريض. ومع هذا فإن التقرب من مثل هذه المصالح ليس في المستوى المطلوب؛ ما يعني أن الوعي لايزال ضعيفا. ولا بد من توعية المواطنين بأن التكفل بالسيدا في سنوات التسعينات اختلف كثيرا عن التكفل به اليوم. ويشرح المتحدث: " كان، في ما مضى، العلاج لا يبدأ مبكرا، وفق المنظمة العالمية للصحة؛ حيث كان لا يتم الشروع في العلاج إلا بعدما تتراجع مناعة الفرد بعد دخول الفيروس إلى جسمه. ولكن اليوم العلاج يبدأ بمجرد دخول الفيروس جسم الإنسان في المرحلة الأولى؛ حيث أعطت هذه الطريقة في التكفل نتائج إيجابية جدا لأشخاص حاملين للفيروس، ولكنهم يعيشون حياتهم بصورة عادية، ومندمجون في الحياة الاجتماعية"، مشيرا إلى أن الوصول إلى الاقتناع بهذه المعطيات الجديدة، يتطلب خروج المختصين إلى الميدان لتبسيط المعلومة، وتمكين المرضى من فرص العلاج في المراحل الأولى، خاصة أن هذا النوع من الأمراض، يُعد من أخطرها؛ لأنه يستهدف مناعة الجسم، ويجعله معرَّضا للإصابة بعدة أمراض أخرى؛ الأمر الذي يجعل رحلة العلاج معقدة وطويلة.