للحفاظ على التراث الثقافي الجزائري

الرقمنة أداة للتنمية المستدامة

الرقمنة أداة للتنمية المستدامة
  • 256
ح. شبيلة ح. شبيلة

أوصى المشاركون في الندوة العلمية حول "رقمنة التراث الثقافي في المؤسسات الوثائقية بين الواقع والرهانات" التي احتضنتها جامعة "الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية" بقسنطينة، موخرا، بالعمل على إنشاء فهرس وطني شامل؛ من خلال تأسيس منصة رقمية لحصر وتصنيف التراث الوطني المادي وغير المادي، مع الاستفادة من تجربة وزارة المجاهدين في تسجيل وفهرسة ونشر الشهادات التاريخية.

طالب المشاركون في الندوة بتوظيف التطوّرات الرقمية والتكنولوجية لإبراز المعالم السياحية والثقافية الجزائرية دوليا، واستغلال التراث كثروة وطنية؛ لتحفيز النشاط الاقتصادي المحلي، وخلق فرص عمل جديدة في المجال السياحي، مع ترجمة المحتوى إلى عدّة لغات، خاصة الإنجليزية.

ودعا المحاضرون إلى وضع آليات للتوعية والتحسيس بقيمة التراث الثقافي، ورقمنته في المؤسسات الوثائقية، مع انخراط هذه المؤسسات في شبكات وطنية مكتبية وأرشيفية رقمية، للتعاون في جذب الجمهور، فضلاً عن استخدام أساليب الذكاء الاصطناعي في رقمنة التراث الثقافي؛ لحفظه، ومعالجته، ونشره.

وأكد المشاركون في الندوة العلمية حول رقمنة التراث الثقافي في المؤسسات الوثائقية، أول أمس، أن التراث الوثائقي يمثل ذاكرة الشعوب والمجتمعات. والحفاظ عليه يعادل الحفاظ على الإرث الحضاري والمعرفي؛ حيث يُعدّ التراث الوثائقي أساسا للتنمية المستدامة؛ فهو يربط بين الماضي والحاضر والمستقبل. وأضافوا أن المكتبات والأرشيفات والمتاحف اتجهت إلى رقمنة التراث الثقافي والعلمي. وتُعد الرقمنة الحل التقني الأمثل لإنقاذ التراث من الاندثار. 

وتشمل إجراءات الرقمنة الحفاظ على ذاكرة الشعوب بمختلف الأشكال، ووضع نظم معلوماتية متطورة لإدارة هذا التراث، وتسييره.

ويقول الخبراء إن التراث الوثائقي المرقمن يحمل أهمية اقتصادية كبيرة؛ فهو يدعم التنمية الوطنية المستدامة، ويُعد ثروة هامة للدول والمجتمعات؛ حيث إن ضياع هذا التراث يؤدي إلى خسائر اقتصادية وثقافية، تؤثر على التقدم المعرفي، موضّحين أن مشاريع الرقمنة في الجزائر عديدة، لكنها تواجه تحديات تتعلّق بالاستمرارية، والتعاون، والتسويق للتجارب الناجحة. ويتطلّب الوضع تقييم مبادرات الرقمنة، وإعادة النظر فيها لضمان نجاحها.

ومن جهته، أكد رئيس الندوة العلمية أن الهدف من دراسة رقمنة التراث الثقافي بالمؤسسات الوثائقية، هو دراسة وتحليل تجارب وطنية في رقمنة التراث الوثائقي، مع التعريف بالتكنولوجيات الحديثة للرقمنة، وحفظ التراث في المؤسسات الوثائقية والمتاحف ومراكز الأرشيف، فضلاً عن محاولة توضيح أهمية رقمنة التراث في تقليل التكاليف، والحفاظ على الرصيد الوثائقي.

وفي مداخلته، أكد الدكتور عبد الكريم بن عميرة على ضرورة التمييز بين الرقمنة وصناعة المحتوى الرقمي؛ حيث تعد الرقمنة تحويل المعلومات إلى أشكال مقروءة آلياً، بينما تتعلق صناعة المحتوى بإنتاج المجتمع وأفراده، للمعلومات، والبيانات. وشدّد على أن صناعة المحتوى الرقمي للتراث تلعب دوراً كبيراً في الحفاظ على الهوية الوطنية، وتعزيز الأبحاث العلمية. 

ومن التحديات التي تواجه هذه الصناعة، أشار بن عميرة إلى نقص البنية التحتية الرقمية، وضعف شبكة الأنترنت، ونقص الأجهزة الإلكترونية المتطوّرة، والتحديات المالية المتعلّقة بالتمويل غير المستدام، والتكاليف التشغيلية المرتفعة، والتحديات القانونية والإدارية المتعلّقة بالملكية الفكرية والبيروقراطية. وأوصى بزيادة الاستثمار في البنية التحتية الرقمية، وتعزيز التعاون بين المؤسسات.

من جانبه، تطرّق الدكتور زهير حافظي لأهمية التسويق الإلكتروني في الترويج للتراث الوطني، وتفعيل السياحة الثقافية والتنمية الاقتصادية. وأشار إلى دور المؤسسات الوثائقية في حفظ ومعالجة ورقمنة التراث الوثائقي باستخدام تقنيات الأنترنت، والمنصات الرقمية، ووسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ أوصى بإنشاء فهرس وطني أو منصة رقمية للتراث الثقافي، وتوظيف التكنولوجيا لإبراز السياحة الثقافية، بالإضافة إلى الانخراط في شبكة وطنية للتراث، تضمّ المكتبات، والمتاحف، ومراكز الأرشيف.