تسليم جائزته في مؤتمره السنوي
تأكيد دور مجمع اللغة العربية في ترسيخ لغة الضاد ونشرها
- 721
عرف المؤتمر السنوي الأوّل للمجمع الجزائري للغة العربية الذي نُظم أمس بفندق "الأوراسي"، تسليم جائزة المجمع للأستاذ شعيب حبيلة، إلى جانب تكريم خمس شخصيات مرموقة، وعرض نشأة وإنتاج ومشاريع المجمع من طرف رئيسه البرفسور الشريف مريبعي.
تَسلّم الأستاذ شعيب حبيلة جائزة المجمع الجزائري للغة العربية، التي عرفت حجب الجائزتين الثانية والثالثة، لتكون الجائزة الأولى من نصيب حبيلة، الذي تحصّل على درع المجمع، وشهادة تقديرية، ومبلغ 500 ألف دينار جزائري عن دراسته المعنونة بـ: "في المعجمية المقارنة: دراسة معجمية في الأصول الإنجليزية والفرنسية لمعاني العربية المعاصرة"، وهذا حسب تقرير لجنة تحكيم الجائزة، الذي قرأه رئيسها الدكتور أحمد عزوز.
كما كُرّم، بالمناسبة، خمس شخصيات وطنية، وهي الخطاط محمد سعيد الشريفي، الذي أهدى كتابا له، لمكتبة المجمع، والمجاهد والمدرّس التواتي بن التواتي، والأستاذ الأكاديمي عمار طالبي، الذي اقترح تعريب العلوم في الجامعات الجزائرية، وعالم اللسانيات والعروض مصطفى حركات، وصاحب جائزة المجمع شعيب حبيلة.
تتبُّع المجمع لقضايا اللغة العربية
بالمقابل، قدّم البروفيسور الشريف مريبعي كلمة بمناسبة احتفاء مجمع اللغة العربية بمؤتمرها السنوي الأول، ذكر فيها نشأة المجمع، والظروف التي لم تسمح بتنظيم مؤتمرها منذ عام 1986، تاريخ التأسيس. وأضاف أنّ المؤتمر عرف في عهد رئيس المجمع الراحل عبد الرحمن الحاج صالح، تحقيق بعض المشاريع، إلاّ أنه شهد انتكاسة بعد وفاته، إلى غاية صدور قرار الرئيس تبون بإحياء المجمع؛ من خلال تعيين مكتب تنفيذي له، يتألّف من خمسة أعضاء، كوّنوا أوّل نواة لأعضائه، ثم تم تعيين بقية الأعضاء الدائمين، بعد أن تم انتخابهم طبقا للقانون، ليضمّ المجمع اليوم، جمعا من العلماء المختصين في علوم اللغة العربية، أو في غيرها من العلوم؛ كالترجمة، والرياضيات، والفلسفة، والذكاء الاصطناعي، وعلوم الأرض، والإلكترونيك، والحاسوبيات.
ونوّه مريبعي بقرار الرئيس تبون، الذي يهدف إلى خدمة اللغة العربية، وترقية استعمالها بمنهج علمي رصين، لتتبوأ لغتنا مكانتها اللائقة في الجزائر، وكذا دعمه في تدارك مشروع الذخيرة العربية؛ باعتباره أحد المشاريع الكبرى للمجتمع، بل هو مشروع الدولة الجزائرية التي اقترحته على جامعة الدول العربية، وأقره مجلسها الوزاري منذ عام 2008.
وقال المتحدث إنّنا أمام تحدّ كبير؛ لأنّ أزمات اللغة العربية ما فتئت تتفاقم، ولأنّ الإكراهات التي تتعرّض لها، تتّجه إلى مزيد من التنامي، والتعمّق في مستوياتها المتعدّدة؛ الكتابية والقرائية والعلمية والاصطلاحية والاستعمالية في الحياة اليومية، بل إنّ المشكلة تتعاظم في ما يخصّ المحتوى العربي على الأنترنت الضئيل كمّاً، والفقير كيفاً، والمتهافت روحاً، ووهجاً، وقيمةً. وأضاف أنّ قراءات الواقع الحالي تشير إلى أنّ اللغة العربية التي يتحدّث بها أكثر من 400 مليون شخص في العالم، تعاني أزمات متكرّرة، أبرزها عجز المحتوى الرقمي العربي عن ملاحقة السيولة الرقمية، وأبجديات الحوسبة، وبرمجيات الذكاء الاصطناعي؛ سواء على مستوى التراث، أو الإنتاج العربي الجديد في سائر المجالات المعرفية.
وتابع أنّ مشروع الذخيرة العربية موطَّن في المجمع الذي جعله من أولوياته؛ حيث سطّر خبراؤه خطة عمل واضحة المعالم للمساهمة في تنظيم المحتوى الرقمي العربي، وفهرسته، وإثرائه بصفة دائمة متجدّدة، وعرضه على شبكة الأنترنت للإفادة منه بالمجان، بواسطة محرك بحث وبرمجيات إلكترونية، إلاّ أن هذا الجهد غير كاف. ويحتاج المشروع في حدّ ذاته، إلى دعم جميع الأطراف المنخرطة فيه.
كما دعا البروفيسور مجتمعنا إلى عدم حصر رؤاه التحفظية الضيّقة، المرتكزة على قداسة اللغة، وصلاحيتها لكلّ زمان ومكان. ودعا المجمع إلى الاتجاه نحو عمل حقيقي واقعي منتج، ليتساءل: "هل يجب أن يبقى المجمع يعمل وفق الأهداف المحورية التي صيغت عام 1986؛ تاريخ إنشاء المجمع؟ أم من واجب المجمع تجديد النظر إلى اللغة؛ من حيث هي وضع من جهة، ومن حيث هي استعمال حقيقي من جهة ثانية؟ وكذا الأخذ بيد اللغة نحو تطوير استعمالها، وسهولتها، وانفتاحها على عاميتها؛ لاقتباس ما فيها من كنوز فصيح؟".
وطالب مريبعي أيضا، بانفتاح المجمع على المؤسّسات ذات الصلة، وكذا على الجمهور، بالإضافة إلى المؤسسات التي تخدم اللغة العربية؛ مثل أقسام اللغة العربية في الجامعات والمدارس العليا، في حين بادر المجمع بإنشاء موقع إلكتروني، ومنصة رقمية، وقناة يوتوب، وصفحة فايسبوك؛ لضمان وصول الرسالة إلى المجتمع. يضاف إلى ذلك ما تم تقديمه من مشاريع نصوص تنظيمية، تضمن مواكبة الهيكل الإداري للمجمع للتكنولوجيات الجديدة، لتضمن نشرا واسعا وفعالا لإنتاج علماء المجمع؛ تحقيقا لإرادة رئيس الجمهورية في عصرنة عمل المؤسسات، لتؤدي خدمات أرقى وأسهل للمواطن.
وأكد البرفيسور حقّ المجمع في مناقشة وضع اللغة العربية، وتتبّع قضايا استعمالها في الواقع اليومي، وإبداء الرأي في مقرّرات الدراسة، علاوة على ترتيب التدابير التي تجعله يتحكّم في سيل المصطلحات الذي تنتجه يوميا الصناعة والتجارة ووسائل الإعلام في الغرب، وجعل اللغة العربية حية بوضع المعاجم والقواميس، وإقرار المصطلحات، وترجمتها؛ لإثراء اللغة العربية.
للإشارة، قدّم عميد جامع الجزائر البروفيسور محمد مأمون القاسمي الحسيني، كلمة تحدّث فيها عن معرفته وصداقته بالأستاذ مولود قاسم الذي دافع ورافع من أجل مشروع تعميم اللغة العربية، لينوِّه بلغة القرآن التي فضّلها الله على باقي اللغات. كما ستعرف هذه الفعالية، اليوم وغدا، تنظيم الملتقى الدولي الموسوم بـ "اللغة العربية والتنمية".