حكومة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تسبح عكس التيار

القـرارات في الجزائر والنحيب في باريس

القـرارات في الجزائر والنحيب في باريس
  • 297
مليكة. خ مليكة. خ

❊ النزعة الانتقامية لليمين المتطرّف ضد الجزائر تدوس على العقيدة السياسية لفرنسا 

أضحت حكومة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تسبح عكس التيار بعد  تلاحق هزائمها  في إفريقيا نتيجة فقدانها لنفوذها في عديد دول القارة، التي قرّرت توقيف تعاونها العسكري مع باريس بسب طغيان النظرة الاستعلائية على مواقفها، ما أفقد صواب دوائر القرار الفرنسي التي أضحت مثل "الثور الهائج" الذي حجبت رؤيته بسبب  تصاعد غبار مصارعاته الخاسرة، أمام قوى جديدة أدركت قواعد اللعبة الجديدة في عالم لا يعترف إلا بلغة المصالح.

تعكس الحملات العدائية التي تشنّها أطراف اليمين المتطرّف الفرنسي على الجزائر تراجع العقيدة السياسية لصناع قرار الإليزيه، الذين لم يسبق لهم أن وصلوا إلى درجة الحضيض في التعاطي مع القضايا الدولية كما هو اليوم، لدرجة جعلت فرنسا غير مرغوب فيها خاصة في القارة السمراء التي  طردت منها شرّ طردة نتيجة سياستها المرتكزة على النهب وعدم تكافؤ المصالح.

ويعد خطاب التضليل الذي تسوّقه باريس ضد الجزائر بمثابة الشجرة التي تغطي الغابة، بعد خسارتها لمكانتها الاستراتيجية في ظل بروز تكتلات عالمية جديدة، تسابق الزمن  من أجل الاستحواذ على المزيد من المصالح الاقتصادية، في حين تفضل أطراف اليمين المتطرف التوقف عند بوصلة القرن العشرين والبكاء على أطلال الماضي عندما كانت فرنسا المصنفة كرابع قوة في العالم آنذاك تبسط نفوذها الاستعماري الشرس في عديد دول القارة الإفريقية وجزر المحيط الهادي.

ويبدو أن أطراف اليمين المتطرّف تصر على عدم مسايرة المتغيرات العالمية الراهنة، ما انعكس على فرنسا التي خسرت الكثير من مصالحها، في سيناريو يذكرنا بحقبة من تاريخها عندما قرّرت منح استقلال عديد مستعمراتها من أجل التفرغ للجزائر التي لم تتصوّر يوما بأنها ستنتزع استقلالها منها انتزاعا، غير أن قوة وإرادة الثوار الأحرار كانت أكبر من أسلحة أعتى قوة استعمارية في العالم.وبالنسبة للجزائر، فإن باريس تدرك بأن الأمر يتعلق بالندية خاصة وأن بلادنا تتمسك بعدم المساس بسيادتها التي تعتبرها خطا أحمر، فضلا عن عدم قبولها تقديم تنازلات قد رضخ لها المخزن لتقاسمه مع فرنسا نفس الفكر الاستعماري، وقد تجلى ذلك بوضوح في التصريحات المفحمة لرئيس الجمهورية  خلال خطاب الأمة نهاية العام الماضي، خاصة ما تعلق بملف الذاكرة وكذا محاولات باريس اتباع سياسة الابتزاز عبر إيفادها لعملاء سرعان ما ينكشف أمرهم عندما تطأ أقدامهم أرض الجزائر.

فقد التزم الرئيس تبون بالردّ بكل صرامة وصراحة على الحملات العدائية التي تشنّها باريس ضد الجزائر مع ثبوت  محاولتها المساس باستقرار الجزائر، حيث وضع النقاط على الحروف إزاء عديد القضايا الثنائية، ما أثار الارتباك في الأوساط الفرنسية التي لم تألف هذا النوع من الردود القوية. وقد تجلى ذلك في تصريحات المسؤولين في حكومة ماكرون  التي تتناقض مع نفسها، ففي الوقت الذي يتوعدون فيه بممارسة الضغوط على الجزائر، نجدهم ينقلبون على أعقابهم  على غرار وزير الخارجية الفرنسي الذي أبدى استعداده للمجيئ إلى الجزائر من أجل مناقشة المسائل العالقة مع المسؤولين الجزائريين.

يأتي ذلك في الوقت الذي خرجت فيه أطراف فرنسية معادية لسياسة اليمين المتطرّف الذين استغربوا من هذا الاندفاع والتهوّر الذي أودى بالعقيدة السياسية الفرنسية إلى الهاوية، مبرزين تخوّفهم من هذا المنحى الذي يضر بمصالح باريس في عالم تطغى فيه المصالح، واستشهدوا في هذا الصدد بتراجع المكانة التجارية  لبلادهم  في الجزائر أمام إيطاليا والصين مثلا.